الفرص الواعدة في أقاليم الصحراء المغربية تغري المستثمرين الإسبان

تكتسب خطط المغرب لتطوير الأقاليم الجنوبية زخما كبيرا مع تزايد المؤشرات على عزم المستثمرين الإسبان على تعزيز حضورهم في السوق المحلية بفضل الاستقرار والفرص الواعدة وسط تأكيد على أن الصحراء ستصبح وجهة لتدفقات أكبر لرؤوس الأموال.
الرباط - تجذب المؤهلات المتعددة التي تحظى بها أقاليم الصحراء المغربية المستثمرين الأجانب أملا في الاستفادة من الفرص الواعدة ومناخ الأعمال الجذاب، والجهد التنموي الكبير المبذول من الحكومة في تلك المنطقة والمقرون أيضا بالاستقرار.
وتماشيا مع موقف بلدها الداعم لمغربية الصحراء قررت مجموعة سيناتور السياحية الإسبانية، ومقرها ألميريا، القيام باستثمارات ضخمة في جهة الداخلة خلال 2024، في أحدث خطوة من خطط تنمية الأقاليم الجنوبية.
وتأتي الخطوة بعد أن شهدت السنوات القليلة الماضية تدفقات لرؤوس أموال أوروبية، ومن بينها تدشين مجموعة أل.يو.جي البولندية المتخصصة في حلول الإضاءة الذكية باستخدام الحلول التكنولوجية ليد قبل عامين مصنعا لها في مدينة العيون.
ومن المقرر أن تشرع سيناتور بإنشاء منتجع فندقي سياحي يتكون من 50 غرفة والعديد من المنشآت الأخرى تُطل على خليج الداخلة. واتفقت حكومتا البلدين مطلع فبراير 2023 على زيادة الاستثمارات الثنائية بين البلدين، وتعزيز العلاقات التجارية، ويُرتقب أن يكون لجهة الصحراء المغربية نصيب من هذه الاستثمارات.
وأكد وزير الاستثمار محسن جازولي خلال زيارته إلى برشلونة الاثنين الماضي أن حجم التبادلات التجارية بين البلدين تجاوز لأول مرة 20 مليار يورو، وهو ما يعكس النمو الملحوظ للشراكات التجارية الثنائية.
ولفت إلى أن على مدى العقدين الأخيرين، مكنت الجهود الجماعية بين البلدين من مضاعفة المبادلات بمقدار خمس مرات، وزادت التجارة البينية بنسبة 40 في المئة منذ اعتماد خارطة الطريق المشتركة في أبريل 2022.
وأشار جازولي خلال افتتاح ملتقى للأعمال تحت شعار “الاستثمار في المغرب: رهان تنافسي لاستكشاف أسواق جديدة”، إلى أن ثمة هامشا كبيرا للتحسن في مجال الاستثمار بين البلدين.
وتطرق إلى الأداء الاستثنائي للشركات في إقليم كاتالونيا الإسباني في مختلف القطاعات، لاسيما مجالات السيارات والأغذية الزراعية والمستحضرات الصيدلانية والمواد الكيميائية والرعاية الصحية والنقل والسياحة والطاقات المتجددة.
ويعتبر المغرب بالنسبة لإسبانيا الوجهة التاسعة في معاملاتها الخارجية، وأول سوق في أفريقيا، والثالث من خارج الاتحاد الأفريقي. في المقابل، تعد إسبانيا أول مورد وأول زبون بالنسبة للمغرب، لتكون بذلك أول شريك تجاري له.
وأكد محمد سالم عبدالفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن التدفق الكبير للاستثمارات الأجنبية على الأقاليم الجنوبية هو ثمرة طبيعية للحسم السياسي والدبلوماسي والميداني لقضية الصحراء لصالح الرباط.
وقال في تصريح لـ"العرب" إن هذا الزخم يأتي “بعدما جعل المغرب هذه الأقاليم في صلب سياساته التنموية في إطار إستراتيجيته الرامية إلى الانفتاح على أفريقيا وتعزيز وجوده في القارة".
◙ 20 مليار يورو حجم التجارة البينية إذ تضاعفت خمس مرات خلال عقدين وفق التقديرات
وصارت وضعية الاستقرار والأمان بالبلاد محط أنظار المستثمرين الأجانب، كما يرى عبدالفتاح، نتيجة ما حققه النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية من منجزات، خاصة على مستوى البنية التحتية، ويفند الدعاية التي تهدف إلى تقويض هذا المنجز التنموي.
وتكشف إحصائيات صادرة عن المكتب الاقتصادي والتجاري لإسبانيا في الرباط أن المغرب يعتبر الوجهة الرئيسية للاستثمارات الإسبانية في أفريقيا.
وذكر المكتب أن رصيد الاستثمار الإسباني في المغرب يناهز أكثر من ملياري يورو في 2021، بزيادة قدرها 7 في المئة على أساس سنوي، ما مكن من توفير أكثر من 22.7 ألف فرصة عمل.
وبلغت الاستثمارات الإسبانية في أفريقيا في نهاية 2021 حوالي 5.7 مليار يورو، استحوذ المغرب على حصة منها قدرها 36 في المئة منها.
وتشمل الاستثمارات الأجنبية في المغرب قطاعات صناعة السيارات والطاقات المتجددة والغاز الطبيعي، في ظل وجود كفاءات بشرية مهمة جدا.
ويرتقب أن تكثف الشركات الإسبانية استثماراتها في السوق المغربية بعد تخصيص خط ائتمان بقيمة 800 مليون يورو، وهو ما سيساهم في تحقيق توازن وتنويع في التجارة بين البلدين.
ويترافق ذلك مع مواصلة المغرب تكريس موقعه كوجهة أولى للاستثمارات الإسبانية في الأسواق الأفريقية.
وأكد أكاديميون وخبراء الاقتصاد أن خيار الرباط لتشجيع الاستثمار في القطاعات الحيوية منها الطاقات المتجددة، عجل بالمشاريع المهيكلة من قبيل الطريق السريع تزنيت – الداخلة، وميناء الداخلة الأطلسي، والمنطقة الحرة لغرب أفريقيا بالداخلة.
وأنجزت هذه المشاريع في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي أطلقه العاهل المغربي الملك محمد السادس، بهدف الإدماج الكامل للمنطقة في الاقتصاد المغربي ككل.
واعتبر جازولي أن الاستثمار في المغرب هو رهان رابح، ومن أجل ذلك "ندعو الفاعلين الدوليين والمنظمات المالية وكذلك القطاع الخاص المحلي والدولي، إلى اغتنام هذه الفرص والانضمام إلى هذه الحركية".
وشدد على أن هذه الاستثمارات، الممولة بشكل مشترك من طرف مستثمرين مغاربة ودوليين، ستدفع بلاده إلى آفاق جديدة، وهو الأمر الذي يؤكد “على أن المغرب أرض مميزة للاستثمار”.
وقال إنه إلى جانب هذه المبادرات، “لدينا العديد من الموانئ والمطارات وغيرها من البنى التحتية الرئيسية التي سيتم إطلاقها، منها خطوط التيار المستمر عالي التوتر لنقل الكهرباء الخضراء من المناطق الجنوبية نحو مناطق الاستهلاك الرئيسية”.
وأشار إلى أن توسيع أسطول طائرات الخطوط الملكية بحلول 2037، لاسيما منذ الإعلان عن الترشيح المشترك للمغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم كأس العالم 2030، سيضيف المزيد من النشاط داخل الاقتصاد.
وإلى جانب انفتاح المستثمر الإسباني على أقاليم الجنوب، هناك مشروع نقل الكهرباء النظيفة المنتجة بجهة كلميم واد نون نحو المملكة المتحدة، عبر شركة إكسلينكس من خلال منشأة قدرتها 10.5 غيغاواط، وقدرة تخزين بحوالي 20 غيغاواط.
وسبق أن قال سيمون موريش، الرئيس التنفيذي لشركة إكسلينكس، إن "طموح الشركة هو تزويد الأسر البريطانية بطاقة آمنة وبأسعار معقولة وخضراء على مدار السنة". وأضاف "بفضل جولة التمويل والدعم من طرف الحكومتين البريطانية والمغربية نحن نخطو خطوة أخرى نحو تحقيق هذا الطموح".