الغضب من النتائج الهزيلة في الأولمبياد يتمدد إلى البرلمان المغربي

الرباط - أثارت النتائج الهزيلة التي حققتها البعثة الرياضية في أولمبياد باريس، غضب المغاربة، الذين طالبوا بمحاسبة المسؤولين.
وامتد الغضب إلى قبة البرلمان، حيث دعت المعارضة إلى عقد اجتماع للجنة التعليم والثقافة والاتصال، بحضور وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسي، ورئيس اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية فيصل العرايشي، ورؤساء الجامعات الرياضية المغربية، لتقييم المشاركة في الأولمبياد، وأدوار ومسؤوليات اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية ومدى جدية تحضير الجامعات الرياضية.
وذكرت مراسلة المعارضة أن هناك حاجة إلى تقييم مدى حضور الرياضة الوطنية في مثل هذه التظاهرات الدولية في مختلف المسابقات والتخصصات، وتدارس أسباب النتائج السلبية وغير المقبولة قياسا بالإمكانيات الهائلة التي تم توفيرها للجامعات الرياضية، والاستثمارات الضخمة في المجال الرياضي عامة وفي البنيات التحتية على وجه الخصوص.
وكانت الدولة المغربية أولت عناية خاصة بالرياضة، وتم رصد استثمارات وميزانيات ضخمة، لكن النتائج المحققة في أولمبياد باريس كانت دون المأمول، وعكست فشل الجامعات الرياضية.
ورأى فريق حزب التقدم والاشتراكية أن ضعف حصيلة المشاركة المغربية في الأولمبياد يكشف عن عيوب في التدبير الرياضي، كما يُلقي بالمسؤولية على الجامعات الرياضية التي تربطها تعاقدات بأهداف محددة مع اللجنة الأولمبية الوطنية والقطاع الحكومي المكلف بالرياضة.
وأشارت المعارضة البرلمانية إلى أن نتائج المشاركة المغربية في الأولمبياد كانت سلبية وباهتة ومخيبة للآمال، ولهذا يجب فتح نقاش بين البرلمان والحكومة حول هذه القضايا التي لها تداعيات اجتماعية واقتصادية ومالية وثقافية، لاسيما في ظل الاستحقاقات الرياضية المقبلة التي تنتظر البلاد.
من جهتها طالبت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بانعقاد اللجنة بحضور عدد من الأبطال المغاربة السابقين والأطر التدريبية، بصفتهم خبراء يمكنهم إفادة اللجنة، ومن بين هؤلاء: عزيز داودة، وسعيد عويطة، ونوال المتوكل، ونزهة بدوان، وخالد السكاح، وهشام الكروج.
وشارك المغرب بمجموع 60 رياضيا ورياضية في أولمبياد باريس، يمثلون 19 رياضة بين جماعية وفردية، واكتفى المغرب بميداليتين فقط، حيث تُوج البطل العالمي والأولمبي سفيان البقالي بذهبية 3 آلاف متر موانع، وميدالية برونزية بفضل الإنجاز التاريخي للمنتخب الوطني الأولمبي.
وأكد عمر الشرقاوي، الأستاذ الجامعي، أنه لا بد من عملية تقييم ومساءلة ومحاسبة فما حدث لا يمكن أن يمر، فسابقا شاركنا في 19 رياضة وخرجنا بميداليتين كانا لهما سياق مختلف، بالنسبة لميدالية أشبال كرة القدم أتت في سياق تطور هذه اللعبة ونهضة كروية تعرفها البلاد، وبالنسبة للميدالية الذهبية للعدو الريفي لا علاقة لها بالجامعة، وإنما مرتبطة بشخص عصامي وبمجهود شخصي في علاقة بمدربه منذ 2006.
المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية طالبت بانعقاد اللجنة بحضور عدد من الأبطال المغاربة السابقين والأطر التدريبية
وطالب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي باستقالة جماعية لرؤساء الجامعات الرياضية، بشكل مستعجل، وأكد عمر الشرقاوي في تصريح لـ”العرب” أنه يجب أن تقوم مؤسسات المراقبة بعملها والبحث عن مكامن الضعف، وعلى رؤساء الجامعات الرياضية الذين فشلوا في مهمتهم أن يمتلكوا الجرأة ويقدموا استقالاتهم ليتركوا المجال لجيل آخر بطموحات ورؤى مستقبلية لتحقيق نتائج أفضل في الأولمبياد المقبلة فلا مجال للتغاضي على هذا الواقع.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس وجه رسالة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة المنعقدة بالصخيرات سنة 2008، تحدث فيها عن “التجليات الصارخة لاختلالات المشهد الرياضي وما تتخبط فيه الرياضة من ارتجال وتدهور واتخاذها مطية من لدن بعض المتطفلين عليها للارتزاق، أو لأغراض شخصية، إلا من رحم ربي من المسيرين الذين يشهد لهم تاريخ الرياضة ببلادنا بتضحيتهم بالغالي والنفيس من أجلها، جاعلين الفرق والأندية التي يشرفون عليها بمثابة أسرتهم الكبيرة ولاعبيها في منزلة أبنائهم”.
واعتبر حسن فكاك، المدير التقني للجنة الأولمبية، الحصيلة المغربية في الأولمبياد إيجابية، وهو ما استفز الكثير من المتابعين منهم البطلة السابقة نزهة بدوان، رئيسة الجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع، التي ردت قائلة “احترموا عقول المغاربة فهم ليسوا بلداء، فباستثناء ذهبية البطل العالمي والأولمبي سفيان البقالي، التي كانت متوقعة بالنظر إلى قيمته، وبرونزية منتخب كرة القدم، الذي يرى الخبراء أنه كان مرشحا لتحقيق الذهب، فالحصيلة العامة تُعتبر سلبية وكارثية”.
وأكدت بدوان في تصريحات صحفية أنه “علينا أن نُفكر في الحلول وكيف نكون في المستوى، أما النتائج المحققة في هذه الدورة، فكان المغرب حقق أفضل منها منذ سنوات طويلة، ففي دورة سيدني سنة 2000 فزنا بخمس ميداليات، لا يجب أن ننسى ذلك. ومن لا يفقه في الرياضة لا يجب أن يُفتي على المغاربة بأشياء مغلوطة”.
ودعا رئيس فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب رشيد حموني إلى تحديد أدوار ومسؤوليات اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، وحول مدى جدية تحضير الجامعات الرياضية لهكذا محافل عالمية تشد إليها أنظار الجميع، بما في ذلك أنماط الحوكمة في هذه الجامعات وأساليبها في التنقيب عن الأبطال ومناهجها في صقل المواهب، وحول مكانة الرياضة المدرسية، وحول نجاعة أداء مختلف الجامعات من خلال مقارنة الإمكانيات الموضوعة تحت تصرفها مع النتائج المتحصل عليها.