العقوبات الاقتصادية تضرب قطاع صناعة دبس العنب في سوريا

نقص المشتقات النفطية يقوض نشاط المعاصر على التحويل.
الاثنين 2020/10/12
المزارعون مهددون بفقدان أنشطتهم

تهدد العقوبات الاقتصادية الأميركية على سوريا بقطع شريان حياة مئات الأسر ممن يقتاتون من صناعة “دبس العنب” في محافظة السويداء نظرا إلى نقص وندرة المازوت المخصص لتشغيل المعاصر لتحويل العنب إلى دبس.

السويداء - باتت مئات الأسر في محافظة السويداء مهددة بفقدان أنشطتها الصغيرة في صناعة “دبس العنب” نظرا إلى حدة وطأة تأثير العقوبات الاقتصادية التي قوضت وصول إمدادات النفط والمشتقات النفطية غلى البلد، حيث تعتمد المعاصر على المازوت لإنتاج عصير الدبس.

 تتكدس أكوام من صناديق العنب الأصفر أمام معاصر “دبس العنب” في قرى ريف السويداء (جنوب سوريا) لعدة أيام تنتظر الفرج القريب من أجل الحصول على كمية وافية من مادة المازوت لكي تدور عجلة المعاصر المتوقفة، لتحول هذا العنب إلى دبس له لون أسود طيب المذاق.

وتعد صناعة الدبس في محافظة السويداء من أشهر الصناعات التقليدية التراثية في هذه المحافظة التي تقطنها أغلبية من طائفة الموحدين المسلمين الدروز، والتي تبدأ مع نهاية موسم قطاف العنب الذي تزداد حلاوته في هذا الوقت من السنة، وهذه الصناعة التقليدية يتوارثها الآباء عن الأجداد.

وكانت هذه الصناعة في ما مضى تعتمد على الحطب ومخلّفات الحيوانات، ولكن مع مرور الوقت وازدياد كمية العنب راح المزارعون يعتمدون في صناعة الدبس على مادة المازوت، وتم تصميم معاصر حديثة تشتغل بهذه المادة.

وفي سنوات الأزمة السورية التي امتدت لأكثر من تسع سنوات تأثرت هذه الصناعة كثيرا، وخاصة في هذه السنة، بعد تشديد العقوبات الاقتصادية الغربية على سوريا، ومنع توريد الوقود إلى سوريا، الأمر الذي أحدث نقصا حادا في مادة المازوت، وهو ما أثر سلبا على مختلف القطاعات الصناعية عموما وعلى معاصر “دبس العنب” خصوصا، لأن صلوحية هذه المادة لا تدوم كثيرا وسرعان ما تتعرض للتلف.

وفي ظل هذا النقص الحاصل في مادة المازوت يلجأ بعض المزارعين وأصحاب معاصر “دبس العنب” إلى شراء مادة المازوت من السوق السوداء بسعر يصل إلى 700 ليرة سورية للتر الواحد، في حين يباع للمزارعين مدعوما من قبل الحكومة بسعر 250 ليرة، وهذا يرفع من تكاليف الإنتاج، وذلك بدوره يؤثر سلبا على المواطنين المستهلكين لمادة “دبس العنب”.

واشتكى المزارعون وأصحاب المعاصر من قلة مادة المازوت الممنوحة من قبل الحكومة السورية لأصحاب المعاصر، نظرا إلى وجود كميات كبيرة من العنب هذا العام، ما جعل محصول العنب يتراكم أمام المعاصر لعدة أيام، وسط تخوف المزارعين من تلف مادة العنب.

وقال وائل كيوان (53 عاما)، وهو مزارع من قرية سهوة الخضر بريف السويداء الجنوبي، لوكالة أنباء “شينخوا” إن “صناديق العنب مكدسة منذ أربعة أيام في إحدى معاصر البلدة، ننتظر وصول مادة المازوت إلى المعصرة”، مؤكدا أن هذه هي العقبة الأساسية التي تواجه المعاصر والمزارعين هذه الأيام.

المزارعون وأصحاب المعاصر لجأوا إلى شراء مادة المازوت من السوق السوداء بسعر يصل إلى 700 ليرة سورية للتر الواحد

وأضاف وائل وهو يقف أمام صناديق العنب وينظر إلى المحصول وهو يذبل “أخشى أن يتلف محصولي من العنب بسبب نقص الوقود، وإن لم تتوفر المادة خلال ساعات سأضطر إلى عصرها يدويا، وطبخها على الحطب بالطريقة التقليدية”، مشيرا إلى أن هذه الطريقة بدائية وتستغرق وقتا وجهدا كبيرين.

وبين المزارع وائل أن العقوبات الاقتصادية الجائرة أثرت سلبا على المزارعين، معتبرا أن هذا الوضع أضاف عبئا جديدا على المزارع وأرهق كاهله.

وبدوره أكد رياض مسعود (48 عاما)، وهو صاحب إحدى معاصر الدبس الحديثة، أن نقص المازوت هذا العام أضاف معاناة جديدة لأصحاب المعاصر والمزارعين، مبينا أن كمية المازوت التي تسلم من قبل اتحاد الحرفيين لأصحاب المعاصر لا تتناسب مع كمية العنب التي تصل إلى المعصرة.

وقال رياض “إن المزارعين في هذه المنطقة يعتمدون اعتمادا كبيرا على ما ينتجه العنب من أصناف مثل دبس العنب والزبيب”، مبينا أن المزارعين يلجأون أحيانا إلى شراء المازوت الحر من السوق السوداء وهذا يرفع من تكاليف الإنتاج.

وتابع “منذ أسبوع ونحن متوقفون عن العمل بسبب عدم وجود مادة المازوت”، مؤكدا أن أغلب كميات العنب مهددة بالتلف لبقائها فترة طويلة تحت أشعة الشمس.

وأكد رياض أن العقوبات الاقتصادية منعت المزارعين من تسويق منتجاتهم خارج سوريا، كون مادة “دبس العنب” مطلوبة في دول مجاورة.

وبين رياض أن أجر العصر للصفيحة الواحدة من “دبس العنب” بلغ 15 ألف ليرة سورية، وأنه تم تسعير صفيحة “دبس العنب” التي تحوي 25 كيلوغراما بـ65 ألف ليرة من المعصرة و70 ألف ليرة من المزارعين.

إلى جانب ذلك قال أيهم حامد مدير زراعة السويداء إن “إنتاج محافظة السويداء المتوقع من دبس العنب لهذا الموسم قد يصل إلى نحو 1500 طن”، مبينا أن مادة “دبس العنب” من أشهر الصناعات التقليدية في محافظة السويداء.

ولفت إلى أن إنتاج المحافظة من العنب هذا الموسم يبلغ 54 ألف طن، وهذا الإنتاج موزع بين 13 في المئة لإنتاج الدبس و10 في المئة لإنتاج الزبيب، إذ يقدر إنتاج المحافظة من الزبيب بحوالي 5 آلاف طن و37 في المئة للمشروبات الروحية من خلال معمل تقطير العنب.

ومن جانبه أكد رئيس اتحاد الحرفيين في المحافظة جمال حميدان قيام الاتحاد بتزويد المعاصر بمادة المازوت، وذلك بعد القيام بزيارات ميدانية إليها لمعرفة الكمية التي تحتاجها.

وأوضح أنه يتم تزويد كل معصرة من المعاصر بمادة المازوت أسبوعياً وفق جداول واردة من أصحاب المعاصر للحؤول دون توقف العمل وخسارة المزارعين لمحصولهم، لأن التأخير في عمليات العصر يؤدي إلى تلف المادة.

10