العراق يستكمل إجراءات توقيع عقد ميناء الفاو

البصرة (العراق) - استكملت الحكومة العراقية إجراءات توقيع عقد مع دايو الكورية الجنوبية للهندسة والبناء لتعزيز إطلالة البلد على الخليج العربي عبر تشييد ميناء يستجيب لمتطلبات ملاحية عالية، في شبه جزيرة الفاو ذات الموقع المميز.

وقال مدير الميناء الأربعاء إن “حكومة العراق وافقت على توقيع عقد بقيمة 2.625 مليار دولار مع دايو للهندسة والبناء الكورية الجنوبية لتشييد المرحلة الأولى من ميناء ضخم للبضائع التجارية بجنوب البلاد”.

وميناء الفاو الكبير الذي طال انتظاره وأُرجئ مرارا هو واحد من عدة مشاريع يأمل العراق أن تخلق ممرا أقصر للنقل بين الشرق الأوسط وأوروبا، دون الحاجة للمرور بقناة السويس.

وقال فرحان الفرطوسي مدير الشركة العامة لموانئ العراق في تصريحات صحافية في البصرة إن “العقد، المنتظر توقيعه الأحد، ينص على أن تنفذ دايو أعمال البناء التي تشمل تشييد خمسة أرصفة لتفريغ شحنات السفن وفناء للحاويات”.

وأضاف أن “دايو ستنفذ أيضا أعمال التجريف والحفر لشق قناة ملاحية”.

وأوضح أن “المرحلة الأولى تتيح للميناء استقبال ثلاثة ملايين حاوية كحد أقصى للطاقة الاستيعابية، مضيفا أن مراحل البناء الثلاثة ستكتمل في غضون أقل من أربعة أعوام وأن العراق مستعد لإبرام عقود مع ‘أي شركة مهتمة’ بتنفيذ المرحلتين الأخريين”.

وفي الوقت الراهن، يعتمد العراق بشكل أساسي على ميناء أم قصر في الجنوب لاستقبال السفن التي تنقل سلعا أولية.

وسيكون ميناء الفاو أعمق، مما سيتيح استقبال أكبر سفن الحاويات.

ويمتلك العراق أربعة موانئ تجارية وصناعية تطل على الخليج العربي، هي أم قصر وخور الزبير والمعقل وأبوفلوس، ويتم عبر هذه الموانئ تصدير نحو 80 في المئة من النفط الذي تنتجه البلاد. لكنّ جميع تلك الموانئ الصغيرة لا تلبي حاجة البلاد في إطلالة على الخليج العربي تتناسب وإمكانياتها.

وفي أبريل 2010 وضع العراق حجر الأساس للمرحلة الأولى من الميناء، الذي تطور مخططه التنفيذي ليحتل مساحة 54 كيلومترا مربعا عند مصب شط العرب في الخليج العربي، في الجهة الجنوبية من محافظة البصرة الغنية بالنفط.

 2.625 مليار دولار قيمة العقد الذي تم توقيعه مع دايو الكورية الجنوبية لبدء تشييد الميناء

ويعتقد الكثير من خبراء الملاحة والاقتصاد أن ميناء الفاو سيمثل نقلة اقتصادية كبرى في العراق والمنطقة، إذا نجح في تنفيذ مهمته المخططة له، وهي الربط بين أوروبا وبلدان آسيوية كبيرة.

وفي وقت سابق باشرت شركات أجنبية عديدة، من كوريا الجنوبية في أعمال تشييد الميناء فعليا، بعد قرابة أربعة أعوام من وضع حجر الأساس له، لتنتهي بعد أربعة أعوام أخرى من تنفيذ كاسر أمواج عملاق، دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية، بسبب طوله البالغ نحو 14.5 كيلومتر.

لكن العمل عاد وتوقف في الميناء بسبب الأزمة المالية التي تعرضت لها البلاد بالتزامن مع جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط.

ولم يكن القدر رحيما بهذا المشروع أبدا، ففي أكتوبر الماضي وُجد رئيس شركة دايو المنفذة لأعمال مشروع ميناء الفاو منتحرا في محل سكنه بالبصرة، ما أثار عاصفة من الجدل بشأن الدوافع والأسباب، ودور الميليشيات الموالية لإيران في هذا الملف.

واستمر التجاذب بين أطراف عدة بشأن مشروع الفاو، حتى أعلنت بغداد عن وجود خلاف حقيقي مع شركة دايو بشأن أعماق الحفر في الميناء وكلفتها المالية.

وفجأة، قفزت إلى الواجهة، خلال الأسبوعين الماضيين، شركة صينية متخصصة في أعمال نصب المحولات الكهربائية، بوصفها منافسا للشركة الكورية على عقد ميناء الفاو.

وقالت مصادر حكومية عديدة إن إيران مارست ضغوطا كبيرة على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لمنح الشركة الصينية عقد ميناء الفاو، لكنه جابه هذه الضغوط بصلابة.

كما وجهت الميليشيات الشيعية التابعة لإيران تهديدات لجهات عراقية على صلة بعقد ميناء الفاو، بهدف التخلي عن الشركة الكورية لينتهي الأمر أخيرا بعقد اتفاق رسمي مع الشركة الكورية.

وكان العراق قد حاول منذ أعوام تعزيز إطلالته الباهتة على الخليج العربي بميناء يستجيب لمتطلبات ملاحية عالية، إذ استقر قرار الفنيين على إنشائه في شبه جزيرة الفاو ذات الموقع المميز، لكن المفاوضات مع الشركات المنفذة تعثرت أكثر من مرة.

ويقول مسؤولون عراقيون إن ميناء الفاو سيرفد البلاد بـ200 مليار دولار ويوفر مليون فرصة عمل، كما أن العقد الكوري سيقدم امتيازات، مثل مجمعات سكنية للموظفين في الميناء ومحطات تحلية مياه لخدمة مدينة البصرة ومحطة لتوليد الكهرباء.

كما يوضح المسؤولون أن تشييد ميناء الفاو مشروع إستراتيجي تسعى جميع الحكومات المتعاقبة إلى إنجازه، ويعد نقلة نوعية للاقتصاد العراقي، حيث أن هذا الاتفاق مع الشركة الكورية سيعزز إطلالة البلد على المحيط الخليجي ويدعم انسيابية السلع.