العراق يحاول ضم القطاع الخاص إلى ورشة الإصلاح الاقتصادي

نجاح الخطوة رهين تحسين مناخ الأعمال والاعتماد على قوانين ملائمة.
الجمعة 2021/08/20
متى يتسلّم القطاع الخاص دفة الاقتصاد

يحاول العراق تخطي إحدى أهم العقبات في خطة الإصلاح والمتمثلة في إنعاش دور القطاع الخاص وتسليمه دفة التنمية، بعد أن بات جذب الاستثمارات الأمل الوحيد للخروج من دوامة الدمار والشلل الاقتصادي بعد انحسار فرص الحصول على المساعدات.

بغداد – تظهر الحاجة في العراق بشكل ملح إلى مساعدة القطاع الخاص في عملية تمويل التنمية المستدامة لتحقيق أهدافها في مواجهة التحديات المحلية والعالمية، لاسيما مع تفاقم مشكلات الدولة وتراجع قدرتها على النهوض باقتصادها المشلول.

لكن أغلب المهتمين بالشأن الاقتصادي العراقي يتفقون على أن ذلك يتطلب مناخ أعمال مستقرا وتشريعات وقوانين ملائمة، إضافة إلى مكافحة الفساد والبيروقراطية وتعزيز الشفافية والاستقرار الأمني.

ويرى محللون أن تحقيق هدف حكومة مصطفى الكاظمي يبدو في غاية الصعوبة في ظل تواصل الفوضى وضعف كفاءة المؤسسات العراقية، التي تديرها المحاصصة الطائفية بعد اجتثاث الكفاءات التي يمكنها التعاون مع المستثمرين والشركات الأجنبية لتنفيذ المشاريع.

صادق السلطاني: ندعم القطاع الخاص بما يفضي إلى تغييرات في الاقتصاد

وفي محاولة لإيقاظ هذا القطاع، كشفت اللجنة المالية النيابية قبل أيام عن خطة مشتركة مع وزارة المالية والقطاع الخاص، سيتم وضعها لمعالجة بعض النقاط التي من شأنها تعظيم الإيرادات وتعزيز الاقتصاد وحل مشكلاته.ويكافح العراق الذي شهد حروبا وفترة حصار طويلة منذ أكثر من أربعة عقود بحثا عن حلول تساعد في تحفيز أصحاب الأعمال من العراقيين على ضخ أموالهم في مشاريع تسهم في تخفيف مستوى البطالة وتُضيق دائرة الفقر، وتدفع عجلة التنمية التي ظلت متوقفة منذ الغزو الأميركي في العام 2003.

ونسبت وكالة الأنباء العراقية الرسمية إلى عضو اللجنة النائب صادق السلطاني تأكيده أنه بعد إقرار قانون موازنة 2021 تم العمل على كيفية إزالة العقبات أمام القطاع الخاص، والتي قد تفضي إلى تغييرات في الاقتصاد المحلي.

وقال إن “القطاع الخاص يعاني من كثرة الضرائب وعندما تقوم الدولة ومؤسساتها بزيادتها من أجل النهوض بالإيرادات للصالح العام، يكون هنالك اعتراض من أصحاب الأعمال لأن الأمر من الممكن أن يتسبب بزيادة الأسعار”.

وتأتي هذه التحركات في وقت تعاني فيه شركات القطاعين العام والخاص من ضعف شديد في الإنتاج، ولم ترق إلى مستوى التحديات التي يواجهها البلد النفطي العضو في منظمة أوبك، في ظلّ استمرار انخفاض أسعار النفط وتراجع الإيرادات ووباء كورونا، مما أثر سلبا على الموازنة العامة للدولة.

ويتفق خبراء على أن دخول العراق في معركة شاملة لإصلاح الاقتصاد على كافة الأصعدة يشكل لحظة مفصلية في تاريخ البلد الغارق في الأزمات وأن المحاولات الحالية ستخدم خطط الحكومة لوضع الأمور في طريق التعافي من التداعيات التي دمرت أساسات نمو ثاني أكبر منتج للنفط في العالم.

ووافقت الحكومة في أكتوبر من العام الماضي، على وثيقة تدعو إلى إصلاح شامل للنظام الاقتصادي الفاسد، ويعدّ “الكتاب الأبيض” للإصلاح الاقتصادي خارطة طريق لتنفيذها.

وفي بلد يعاني من أزمة بطالة حادة، تعتمد 40 في المئة من القوة العاملة على رواتب الحكومة، وفي المقابل شهد العراق تقلص القطاع الخاص وقدرته على توفير وظائف، في بلد يبلغ معدل بطالة الشباب فيه 25 في المئة.

Thumbnail

وكل الدلائل تشير إلى كيفية عرقلة هدف تنويع الاقتصاد شبه المعتمد على النفط، مع تضاعف الفساد في جميع القطاعات، كما لم يوجد قطاع خاص نشط من شأنه أن يمكن من تحقيقه.

وتعرض الاقتصاد العراقي على مدى 18 عاما الماضية إلى ضرر أصاب جميع مفاصله، وتسبب بتراجع قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة وأدى كذلك إلى اختفاء استثمارات القطاع الخاص واندثار العديد من الشركات وعزوف أصحابها عن العمل جراء أزمات مالية خانقة، وبات البلد معتمدا بشكل رئيسي على إيرادات النفط.

والعراق، ثاني أكبر منتج للخام في منظمة أوبك بعد السعودية، بمتوسط يومي 4.6 مليون برميل في الظروف الطبيعية، ويعتمد على الخام لتوفير أكثر من 92 في المئة من إيراداته.

ورغم أن النمو الاقتصادي هو عنصر حاسم في تعزيز الرخاء على المدى الطويل لجميع العراقيين الذين سئموا من تراجع في كافة مناحي حياتهم اليومية، إلا أن عدم الاستقرار السياسي وعدم كفاية البنية التحتية ونقص الدعم المالي والمؤسسي جعل من الصعب على القطاع الخاص ومن ضمنها الشركات الصغيرة والمتوسطة في العراق أن تزدهر.

ففي السنوات الخمس الأخيرة أعلن البنك المركزي العراقي عن مبادرات بالملايين من الدولارات لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بأسعار فائدة مدعومة كوسيلة لتحفيز الشباب العاطلين عن العمل وخلق وظائف في القطاع الخاص، لكن القيود المفروضة على سداد القروض جعلتها صعبة المنال وخاصة بالنسبة إلى الشركات الناشئة.

10