العراق يبدأ رحلة الاستثمار في النفايات لإنتاج الكهرباء

أمانة بغداد تكشف تفاصيل مشروع طموح لإقامة محطة لتوليد الطاقة من المخلفات.
الأربعاء 2021/06/30
كنز ثمين يحتاج للمستثمرين

وجه العراق أنظاره بعد سنوات من التلكؤ إلى الأطنان من النفايات المتراكمة التي يمكن الاستفادة منها في توليد الكهرباء، في مسعى لتغطية الطلب المتزايد وخاصة في ذروة فصل الصيف، على الرغم من أن خبراء يشككون في قدرة الحكومة على تنفيذ خططها الطموحة لإنهاء الارتهان لإيران.

بغداد - وضع العراق من خلال مشروع لإنتاج الكهرباء من النفايات في العاصمة بغداد أولى الخطوات لتحويل مشكلة أطنان من القمامة بمختلف أنواعها إلى فرص استثمارية بعد أن تخلف البلد عن استغلال هذا الرافد المهم نتيجة سوء إدارة الحكومات المتعاقبة لاقتصاد البلد.

وترمي المبادرة النادرة إلى توفير فرص عمل للشباب ومساعدتهم على إعالة أسرهم في ظل وضع اقتصادي يتسم بالقساوة بسبب الظروف التي خلفها الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، وكذلك الحرب ضد الإرهاب، مما جعل البلد يغرق في حفرة عميقة من الأزمات تتجلى بوضوح في عدم القدرة على توفير الكهرباء على مدار اليوم.

ولطالما يؤكد المسؤولون أن العراق يفتقر إلى نظام رسمي للتخلص من النفايات، لكنهم يعملون على إدخال نظام يأملون أن يخفف المخاطر البيئية الكثيرة في البلاد ومن ضمنها أيضا التلوث الناجم عن إنتاج النفط وغير ذلك من الصناعات.

وذكرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية أن أمانة بغداد أعلنت الاثنين الماضي عن مشروع لتوليد الكهرباء من النفايات، وسط شكوك المتابعين بشأن نجاح هذه التجربة في ظل العراقيل المحيطة بالمشاريع من هذا النوع وأيضا لنقص التمويلات اللازمة.

البنك الدولي: حجم النفايات في العراق تضاعف ليصل إلى 10 آلاف طن يوميا
البنك الدولي: حجم النفايات في العراق تضاعف ليصل إلى 10 آلاف طن يوميا

وقالت مديرة المخلفات الصلبة والبيئة في الأمانة ثورة الدليمي إن “وزارة الكهرباء لديها قرار من مجلس الطاقة الوزاري بشراء الطاقة الكهربائية المنتجة من النفايات وبأسعار تشجيعية لكل ميغاواط”.

وأشارت إلى أن الأمانة أصدرت كتبا لوزارة الإعمار والإسكان ومحافظ بغداد لمعرفة الأراضي الصالحة لإنشاء المشروع، لكنها لم تكشف عن القيمة التقديرية التي يمكن أن يكلفها تشييده.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن كشفت لجنة الطاقة والنفط في البرلمان خلال فبراير الماضي عن تقديم شركات أجنبية مقترحات بصيغة مشاريع متنافسة لتخليص العاصمة بغداد وباقي المحافظات من مشكلة النفايات وتدويرها لإنتاج الكهرباء.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن عضو لجنة الطاقة أمجد العقابي قوله في ذلك الوقت إن “شركات أجنبية قدمت أفكارا لإنشاء محطات داخل بغداد من دون فرز لتخليص العراق من النفايات المكدسة، إضافة إلى تشغيل الكثير من الأيدي العاملة، إلا أن وزارة الكهرباء رفضت السعر المقترح والبالغ 160 دولارا لكل ميغاواط”.

ويواجه العراق منذ سنوات مشكلة كبيرة في الاستثمار في النفايات وتحويلها إلى طاقة كهربائية، فتلك المخلفات ليست غنية بالقدرات التي تستخدم في محطات الكهرباء، وتغلب عليها المواد العضوية الملوثة للبيئة، والتي يكون لها مردود عكسي على البيئة.

ولكن الإجراءات البيروقراطية والفساد جعلا من مثل هكذا مشروعات أمرا مؤجلا وبعيد المنال لأن بعض النافذين في الدولة والمتربطين بإيران التي تزود العراق بالكهرباء وتصدر له كميات من الغاز المستخدم في تشغيل المحطات يتحكمون في ذلك القطاع لإبقاء بغداد رهينة لطهران.

ويحتاج العراق إلى الغاز لتشغيل محطات إنتاج الطاقة الكهربائية، حيث يستورد من إيران 20 مليون قدم مكعب قياسي يوميا، فيما يتطلب توفير 70 مليون قدم مكعب قياسي من الغاز يومياً لتشغيل المحطات، إضافة إلى نحو 1300 ميغاواط من الكهرباء.

وتتخوّف الحكومة برئاسة مصطفى الكاظمي الذي يحاول تنفيذ برنامج لإصلاح الاقتصاد، من مواجهة أزمة كهرباء حادّة مع ذروة فصل الصيف حيث يرتفع الطلب على الطاقة الكهربائية التي كان نقصها خلال سنوات سابقة مثار غضب شعبي عارم.

ولم تحدد وزارة الكهرباء حتى الآن سعر بيع الكهرباء المنتجة من النفايات، وتقول الديلمي إنه خلال تحديد سعر التعرفة من المفترض أن يوجه كتاب إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء وأمانة بغداد للعمل على المشروع.

وأشارت إلى أنه إذا توفر أمران يتوقف عليهما المشروع هما الأرض وتحديد سعر التعرفة، سيتم الإعلان عن الفرصة الاستثمارية من الهيأة الوطنية للاستثمار، مشددة على ضرورة أن تكون الشركة المنفذة للمشروع معروفة ولديها أعمال مماثلة ومؤهلات.

في حال نجح المشروع فإن العراق أمام حتمية جذب استثمارات أخرى حتى يقلص العجز في إنتاج الكهرباء

وتقول الحكومة إن بعض المطورين العقاريين والمستثمرين تقدموا من أجل الحصول على موافقة لفرز النفايات، ولكن لم يتم الاتفاق معهم لأن رؤيتها تنص على أن يكون الفرز مع إنتاج الطاقة الكهربائية.

ومن المتوقع أن تتم عمليات إنتاج الكهرباء من خلال عمليات فرز البلاستيك وأوراق الكارتون والمواد المعدنية وبقية المواد العضوية التي يتم حرقها لتخميرها بطريقة لاهوائية لإنتاج الطاقة الكهربائية.

وتشير تقديرات وزارة الطاقة المنسجمة مع إحصائيات البنك الدولي إلى أن معدل النفايات والمخلفات في العراق قد ازداد بمعدل ضعفين في السنوات الأخيرة ووصل إلى قرابة 10 آلاف طن يومياً خلال العام الماضي.

ويقول خبراء ومسؤولون حكوميون إن تلك الكميات الهائلة تعتبر ثروة كبيرة ويمكن أن يستفيد منها العراق في إنتاج الطاقة الكهربائية إذا ما أحسن التخطيط والتعامل معها فنياً وبيئياً، كما يمكن نشر التجربة في بقية محافظات البلاد.

ويؤكدون أنه في حال نجح هذا المشروع الطموح فإن العراق أمام حتمية جذب استثمارات أخرى في المستقبل حتى يقلص العجز في إنتاج الكهرباء بشكل تدريجي وأن تكون المصانع الجديدة صديقة للبيئة.

ولا يزال البلد العضو في أوبك والمعتمد على النفط بأكثر من 95 في المئة لتوفير السيولة بعيدا عن تطبيق مثل هذه المشروعات قياسا بما وصلت إليه كل من الإمارات والمغرب، ويبدو أنه أمام معضلة أكبر بسبب ضعف مناخ الأعمال.

10