العراق وحضاراته القديمة بين رف الكتب

يتناول كتاب "بلاد الرافدين ـ ثوابت الجغرافيا وصور التعايش" للباحث رشيد الخيون العادات والتقاليد والقيم والمُثل والأفكار التي تتبلور في محور النثر والشعر لدى أي شعب٬ باعتبارها الجزء الأهم من التاريخ، ومن الحاضر الماثل، إذ تستمر في التبلور بصورة دائمة لتغدو وثيقة مهمة في مسار الشعوب وتطورها.
واعتمد الخيون في كتابه، الصادر عن دار لندن للطباعة والنشر، على روايات وقصص وجدت متفرقة بين صفحات الكتب التراثية، وجمعت تحت هدف واحد وهو تكريس التعايش الذي اهتز تحت وطأة أحداث كبيرة فاقت طاقة الناس. وجاءت النُّصوص موثقة في نثرها وشعرها.
في التمهيد يدوّن المؤلف “لا يخفى أن هناك مبالغات لدى العراقيين البسطاء والمتعلمين على حد سواء في قوة الهوية الوطنية وعراقتها، والصلة المباشرة بالحضارات القديمة كسومر وبابل وأكد وآشور، غير أن ذلك لا يعبر عن الواقع بشكل دقيق”.
تكوينات الفن الإسلامي
لم يقمْ كتاب “الفن الإسلامي بين اللغة والصورة” للشاعر والناقد اللبناني شربل داغر الصادر عن دار خطوط وظلال على تناول فلسفي محض، إذا جاز القول، لا لفلسفة الفن عمومًا ولا للفن الإسلامي خصوصًا، إذ يعتبر أن هناك خطابًا سائدًا في هذا الميدان يتحكم به نسق “المدارس” و”العقائد” الفلسفية، وهو ما قد يناسب البعض في “توجيه” الفن وأساليبه، لا في درسه الوضعي.
كما يعتبر المؤلف أن خطابًا آخر صاحبَ الخطاب “العقيدي” المذكور، وهو الخطاب الفلسفي “المجرَّد” الذي جعل الفن متعيِّنًا في “ماهيات” ماورائية، أو في “علامات” ماثلة في العمل الفني (دالةٍ على “عبقرية” الفنان الفجائية).
هذا الخطاب يُخفي في الحالَتين وجود الفن الإسلامي؛ وهو أن له تكوينَين مختلفَين، وإن كانا متعالقَين، وجود متعيِّن في بيئات إنتاج هذا الفن، أي الإسلامية، ووجود ثان لاحق زمنًا على الوجود الأول.
شعريات قديمة خالدة
يتضمن “قاموس الشعرية… من القدماء إلى المحدثين” لمؤلفته الروائية والناقدة الفرنسية شانتال لابري والكاتب باتر يس سولير، قسمين. يشمل الأول 20 مقالاً حول الشعرية وجذورها القديمة لدى العديد من الفلاسفة والكتاب والشعراء اليونانيين والرومان، والتراث الشعري المسيحي، أما الثاني فيشمل أنطولوجيا خصصها المؤلفان لتعريف الفنون والأنواع الإبداعية التي ورد ذكرها في القسم الأول.
النسخة العربية التي قدمها الكاتب المصري لطفي السيد منصور والصادرة عن “دار الرافدين” العراقية يفرد فيها المؤلفان مساحة كبيرة للأجناس والأشكال التي يعود مصدرها وحيويتها إلى العصور القديمة، وتظهر فيها ثوابت شعرية.
ويسعى الكتاب للتذكير بمدى تأثير الشعرية القديمة التي تتسرب داخل النصوص الحديثة، ومنها السيرة الذاتية التي وصفها القاموس بأنها حكاية استعادية نثرية يعيشها المؤلف بصيغة الشخص الأول الذي يروي وجوده الخاص، وهو وجود يُفهم على أنه الحياة المعيشة لفرد واحد كلي.