العدالة والتنمية يتحسب للتغيير في مؤتمره الوطني القادم

تكتم على أسماء منافسي بنكيران مع تكهن ببقائه في الواجهة أو خلف الكواليس.
الأربعاء 2025/03/12
منافسو بنكيران مازالوا مجهولين

يستعد حزب العدالة والتنمية لعقد مؤتمره الوطني دون الكشف عن إمكانية التغيير المرتقب في قيادته، مع تأكيد أن الاهتمام ينصب على عدم حدوث انقسامات داخله ما يعني أن أمينه العام الحالي عبدالإله بنكيران سيبقى في منصبه أو سيكون من يقود الحزب وراء الكواليس.

الرباط - يتجه حزب العدالة والتنمية إلى عقد مؤتمره الوطني التاسع في نهاية شهر أبريل المقبل، وانتخاب قيادته للسنوات الخمس المقبلة، وسط غموض مشوب بالحذر في الكشف عن الأسماء التي ستنافس عبدالإله بنكيران على منصب الأمين العام، وتساؤلات عن مدى استعداد الحزب للقطع مع مرحلة بنكيران والذهاب إلى الاستحقاقات المقبلة بقيادة جديدة تحمل رؤى تتناسب مع المتغيرات الحاصلة خصوصا بالتزامن مع دعوات للدفع بقيادات شابة على المستوى المركزي والجهوي.

ويبدو أن قيادات الحزب تفضل عدم الاستجابة لمطالب تجديد الدماء الشابة والتعامل مع التطورات الجديدة، وعدم المغامرة بالتوجه نحو الاستحقاقات الانتخابية بوجوه جديدة، تستقطب الأنظار بعد الخسائر التي تكبدتها القيادات الراهنة.

ولم تفصح اللجنة التحضيرية للمؤتمر، التي يرأسها إدريس الأزمي الإدريسي المقرب من بنكيران، عن أي اسم سيدخل التنافس على كرسي الأمانة العامة، مع اقتراب المؤتمر الوطني التاسع المرتقب بين شهري أبريل ومايو المقبلين، حيث أكد الإدريسي في آخر اجتماع للجنة الأنظمة والمساطر التابعة للمجلس الوطني على أن “مسار اشتغال اللجنة شاق وطويل،” مشيدا بتعامل بنكيران وأعضاء الأمانة العامة مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر، “إذ أحاطوها بمرونة وتقدير كبيرين.”

رشيد لزرق: بنكيران إذا أراد التغيير فسيكون هو من يحدد الأمين العام
رشيد لزرق: بنكيران إذا أراد التغيير فسيكون هو من يحدد الأمين العام

وأكد قيادي من داخل الحزب، رفض الكشف عن اسمه، أن القيادة ترى أن الكشف عن الأسماء لا يزال مبكرا إذ أنها في طور التداول، مضيفا أن الأمانة العامة لا تفرض أي توجه معين على اللجنة التحضيرية.

وأشار إلى أن العدالة والتنمية يهمه الحفاظ على توازنه واستقراره الداخلي خصوصا بعد نتائج انتخابات 2021، وأيضا النتائج غير المرضية في الانتخابات الجزئية التي تمت على فترات في السنوات الأخيرة، ولهذا أكد المصدر أن التغيير على مستوى الهياكل التنظيمية سيتم بسلاسة ودون ضجة.

وأشار رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ابن طفيل، إلى أنه مع اقتراب المؤتمر الوطني لحزب العدالة والتنمية المغربي يجد الحزب نفسه أمام مفترق طرق؛ فإما استمرار بنكيران تحت مبرر الإعداد للانتخابات رغم أنه سبق أن قال بأنه سيكون رئيسا للحزب لولاية واحدة بهدف إعادة الحزب إلى موقعه بعد السقوط الذي عرفه خلال انتخابات 8 سبتمبر، أو تزكية بنكيران لرئيس المجلس الوطني إدريس الأزمي ليكون الأمين العام القادم وبقاء بنكيران المتحكم الفعلي في الحزب ولعب دور المرشد، لكون العدالة والتنمية يتجنب إحداث تغييرات جذرية داخل هيكل القيادة خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات، مفضلين الاستقرار والحفاظ على التماسك الداخلي في مرحلة حساسة سياسياً.

وأوضح رشيد لزرق، في تصريح لـ”العرب”، أن التحفظ على الأسماء المنافسة قد يكون مدفوعاً برغبة الحزب في تجنب أي انقسامات داخلية قد تؤثر سلباً على نجاح المؤتمر والتركيز بدلاً من ذلك على توحيد الصفوف لمواجهة التحديات السياسية القادمة، مضيفا أن العلاقة داخل قوى التدين السياسي، ومنها حزب العدالة والتنمية، لا تكون الأولوية فيها دائما للديمقراطية والتدافع الذي تحسمه صناديق الاقتراع بل لنهج المبايعة ولو بطريقة غير مباشرة، وأن بنكيران إذا أراد التغيير سيكون هو من يحدد الأمين العام سلفا، ليلعب دور المرشد للحزب دون اختفائه نهائيا لأنه ورقة رابحة للحزب في الفترة المقبلة.

وبالنسبة إلى حضور قيادات انسحبت اعتراضا على عبدالإله بنكيران، أكد مصدر قيادي من داخل العدالة والتنمية أن الحزب يحافظ على تماسكه رغم اختلاف وجهات النظر بين أعضائه، وحضور الأسماء التي انسحبت في السابق إلى المؤتمر الوطني التاسع هو فرصتها لإظهار تمسكها بوحدة الحزب والحفاظ على تواجده في مشهد سياسي صعب دون الحجر على آرائها.

التحفظ على الأسماء المنافسة قد يكون مدفوعاً برغبة الحزب في تجنب أي انقسامات داخلية قد تؤثر سلباً على نجاح المؤتمر

 ولفت إلى أن عددا من تلك القيادات شارك في التحضير للمؤتمر من داخل المجالس الجهوية، و”نحن نحضر للمؤتمر وفي نفس الوقت أعيننا على الانتخابات المقبلة كمحطة ضرورية، ولا بد من قيادة قوية تتعامل مع هذه اللحظة السياسية.”

وتم التداول بشكل موسع في المشروع العام للحزب (الورقة المذهبية) ومشروع توجهاته للمرحلة المقبلة (الأطروحة السياسية)، فضلا عن مشروع تعديل النظام الأساسي، حيث كشف الأزمي عن تقديم تعديلات للأمانة العامة، ناقشتها بدورها وصادقت عليها، بناء على ما تم التوصل إليه من خلاصات اللقاء المركزي، واللقاءات الجهوية التي عقدتها اللجنة بشأن أوراق المؤتمر.

وقال الأزمي في تصريح لموقع حزب العدالة والتنمية إن “الأطروحة السياسية ما زالت في طور الإعداد،” لافتًا إلى أن الكتاب الجهويين للحزب سيرفعون خلاصات واقتراحات تخص الأرضية السياسية والنظام الأساسي إلى المؤتمر الوطني التاسع، وهي اقتراحات ستؤطر العمل الحزبي في المرحلة المقبلة، وأن هذه الديناميكية هي تكريس لمنهجية الحزب في الاشتغال والإعداد لمؤتمراته الوطنية ولمختلف استحقاقاته السياسية والتنظيمية، حيث تتم الأمور بطريقة تشاركية وبمنهجية دقيقة وبنقاش حر ومسؤول.

وأكد رشيد لزرق لـ”العرب” أنه لن تطرأ على هذه الوثائق أي تغييرات جذرية لأنها تؤسس لاستمرارية الحزب وتلخص رؤية قيادته وتصورها لهوية الحزب والتنافس السياسي الداخلي ولموقف الحزب من القضايا والإشكاليات التي تواجه الحزب وله فيها رأي مستمر، كالموقف من الديمقراطية والمرأة وحقوق الإنسان والحرية والدولة، والدين والدولة، والعلاقة مع الأطراف الأخرى داخليا وخارجيا، ومفهوم المواطنة، ومدنية الدولة، والتعددية السياسية، والحقوق المدنية والسياسية، وقضية فلسطين.

ولكي لا يُفهم أن هناك توجها لفرض بقاء بنكيران أمينًا عامًا للحزب في الفترة القادمة، اعتبر القيادي لحسن العمراني، الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بجهة الرباط سلا القنيطرة، أن اللقاءات التي حضرها أعضاء المؤتمر الوطني على مستوى كل جهة من الجهات الاثنتي عشرة، لأجل التحضير لمشروع الورقة المذهبية المحينة ومشروع الأطروحة السياسية ومشروع تعديل النظام الأساسي، تؤكد أن العدالة والتنمية ليس حزبا سياسيا يأتي من أجل التصفيق لقيادة معروفة أو مفروضة سلفا.

4