العاهل المغربي يطلق منصة المخزون والاحتياطات لمواجهة الكوارث

يسعى المغرب إلى تكوين بنية لوجستية متطورة لمواجهة الكوارث، في خطوة للاستجابة السريعة والاستباقية في التعامل مع الكوارث الطبيعية والمخاطر الطارئة، وهو ما تؤكده توجهات العاهل المغربي الملك محمد السادس بإطلاق منصة المخزون والاحتياطات لمواجهة الكوارث.
الرباط - أطلق العاهل المغربي الملك محمد السادس منصة المخزون والاحتياطات الأولية لجهة الرباط – سلا – القنيطرة، بهدف التأسيس لبنية لوجستية متطورة وتعزز قدرات المملكة في إدارة الأزمات، فضلا عن مواجهة الكوارث، في خطوة يرى مراقبون أنها تعكس حرصا ملكيا على تعزيز التضامن ورعاية المتضررين من الكوارث.
ويقول مراقبون إن المشروع يجسد رؤية ملكية استشرافية واستباقية تتيح التدخل السريع وتقريب الخدمات لمحتاجيها في حالة حدوث كوارث طبيعية، كما يجسد المشروع النموذج المغربي في الصمود والنشر السريع لعمليات الإغاثة في حالة وقوع كوارث.
ويعكس إطلاق العاهل المغربي لمنصة المخزون والاحتياطات الأولية لجهة الرباط دلالات عميقة ورؤية إستراتيجية للمملكة في التعامل مع الكوارث الطبيعية والأزمات الطارئة.
وستشكل هذه المنصة الجهوية جزءا من برنامج شامل تم تقديمه بهذه المناسبة للعاهل المغربي، والذي يشمل إنجاز 12 منصة بجهات المملكة باستثمار إجمالي تبلغ قيمته 7 مليارات درهم (0.76 مليار دولار)، للبناء واقتناء المواد والتجهيزات، والوعاء العقاري موزع بحسب الكثافة الديموغرافية لكل جهة والمخاطر المحتملة.
وسيمكن البرنامج الشامل الخاص بإنشاء المنصات الجهوية للمخزون والاحتياجات الأولية أيضا من التوفر على مخزونات إستراتيجية تسمح بالاستجابة لما يعادل ثلاثة أضعاف الحاجيات التي تمت تلبيتها على إثر زلزال الحوز، فضلا على تطوير منظومة وطنية لإنتاج التجهيزات والمواد اللازمة للإطلاق الفوري لعمليات الإغاثة في حالة وقوع الكوارث.
وأكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي أن هذه المنصات سيتم تزويدها بمعدات طبية وصحية متطورة، مما سيمكن من التدخل العاجل في وقت وجيز، والتكفل الفوري بالسكان المتضررين حسب درجة خطورة حالتهم، كما أن هذه المنصات الجهوية ستشتمل على تجهيزات متكاملة تضم وحدات طبية متنقلة على مستوى كل جهة، إلى جانب مراكز طبية متقدمة، فضلا عن توفير الأدوية والمستلزمات الضرورية لمرحلتي التشخيص والاستشفاء.
وأفاد رضوان اعميمي أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بأن “إحداث هذه المنصات هو ترجمة على أرض الواقع للخطاب الملكي الذي دعا فيه الملك محمد السادس بضرورة توفير مخزون احتياطي إستراتيجي يتضمن كل المواد الأساسية والمواد الغذائية والدوائية وغيرها في البلاد، وهذه خطوة مهمة جدا لخلق نموذج وطني للتصدي لمختلف التحديات والمخاطر المرتبطة بهذه الأزمات التي تتميز بالشمولية وبطابعها الإنساني على اعتبار ما تتضمنه المواد المخزنة لأنها تجعل من التدبير الإستراتيجي لهذا المخزون مسألة جهوية تراعي الخصوصيات الترابية والمحلية خلال الكوارث الطبيعية.”
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “هذه الإستراتجية التي يشرف عليها العاهل المغربي، لها نوع من الشمولية على اعتبار أنها تعمل على خلق نموذج مغربي لا يقتصر فقط على مسألة ردّ الفعل والتضامن الشعبي والرسمي ومبادرات المجتمع المدني كما رأينا في زلزال الحوز، ولكن اليوم المغرب راكم تجربة في تدبير الكوارث الطبيعية والصحية ومن هنا وضع المغرب إستراتيجية استباقية، خاصة وأن تدبير الكوارث لم يعد مسألة لحظية لأننا أمام تغيرات مناخية وتوترات جيوستراتيجية وما لها من تأثير مباشر على المواد الأساسية.”
وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي يؤكد أن المنصات سيتم تزويدها بمعدات طبية وصحية متطورة، مما سيمكن من التدخل العاجل في وقت وجيز
ولفت رضوان اعميمي إلى أن “مسألة تدبير المخاطر أصبحت مرتبطة بالسياسة العامة للدولة التي يقودها الملك محمد السادس سواء من خلال المجالس الوزارية وجلسات العمل الملكية الحاسمة في ما يتعلق بوضع إستراتيجية وقائية أو تدخلات طارئة من خلال تعبئة مجموع المؤسسات المدنية والعسكرية والموارد المالية اللازمة وإجراءات مواكبة لمساعدة الفئات المتضررة، بالتالي فنحن أمام تحول على مستوى تدبير المخاطر يحتاج إلى تدخل الجماعات الترابية المحلية بشكل فعال لتثمين وحماية المخزون وتوفير البيئة اللازمة في ما يرتبط بالبنيات التحتية.”
ولمواجهة التحديات المتسارعة على كافة المستويات، قال الرائد كمال زويرش، من المديرية العامة للوقاية المدنية، إن المنصات الكبرى للمخزون والاحتياطات الأولية التي ستتوفر عليها الجهات الـ12 بالمملكة، بأمر من الملك محمد السادس، من شأنها تعزيز الأمن الإستراتيجي للمملكة من خلال تعزيز مرونتها وقابليتها لمواجهة الكوارث الطبيعية من جهة، وتعزيز قدراتها في تدبير الكوارث من جهة أخرى.
وستغطي هذه المواد والتجهيزات، الموجهة للنشر الفوري بعد الوقوع المحتمل لكارثة طبيعية؛ فيضان أو زلازل أو المخاطر الكيماوية والصناعية أو الإشعاعية، عدة فئات رئيسية، وهي الإيواء، عبر توفير 200 ألف خيمة متعددة الخدمات والتجهيزات المتعلقة بها وتوفير الطعام والكهرباء والماء الصالح للشرب كما ستشمل التكفل بالرعاية الصحية للسكان المتضررين، وستتولى تدبير تخزين المواد الغذائية والأدوية فرق متخصصة وفق قواعد صارمة للغاية، بشكل يستجيب للمعايير المعمول بها في هذا المجال.
وأعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تقريره العالمي للتنمية البشرية لعام 2025 الصادر الثلاثاء الماضي بنيويورك، عن تحقيق المملكة المغربية نقلة نوعية بتجاوزها عتبة 0.700 في مؤشر التنمية البشرية، مما أهلها، ولأول مرة في تاريخها، للالتحاق رسميا بفئة البلدان ذات التنمية البشرية المرتفعة، ملفتا إلى أن إيقاع النمو المستدام المسجل يشير إلى تحول هيكلي تدريجي إيجابي في ظروف العيش بالمغرب.