الطريق إلى السعادة

"الأصدقاء والعائلة.. الغفران، العطاء، والامتنان"، هذه الوصفة الناجحة للحصول على سعادة حقيقية، وفقا لرؤية سانجيف شوبرا العلمية، وهو أستاذ في جامعة هارفارد الأميركية، مؤكدا أن الفوز بورقة يانصيب لن يجعل الشخص أكثر سعادة.
وبحسب موقع “سي.أن.بي.سي”، قدم شوبرا تفسيرا لكل بند من بنود وصفته، معتبرا أن توطيد العلاقات مع أشخاص نثق بهم أمر أساسي للسعادة، وأشار إلى أن القدرة على المسامحة تحرر الفرد من أعباء الكراهية وغيرها من المشاعر غير الصحية التي يمكن أن تؤثر سلبا على حياته وسعادته.
وأضاف أن الانخراط مع الجمعيات الخيرية والتبرع بالمال لمساعدة الآخرين هو أحد أكثر الطرق إرضاء للنفس، وختم بالقول إن قضاء بعض الوقت في الشعور بالامتنان يجعل الإنسان أكثر وعيا بالأشياء الإيجابية، وأقل توترا من الأشياء السلبية في حياته.
هذا ملخص لما يراه الأستاذ الأميركي من سبل للفوز بالسعادة، واللافت أنها سلوكات لا تحتاج إلى مال وفير، ولا إلى وقت طويل، ولا إلى بيئة غربية حتى تتحقق، فهي بالأساس مغروسة في القيم العربية وكل ما تحتاجه هو التحلي بصفة واحدة وهي أن يكون المرء اجتماعيا قادرا على ربط علاقات متينة بعائلته وأصدقائه، ومتشبعا بروح التسامح والرغبة في مساعدة الآخرين.
وكانت الأمم المتحدة تعتمد تاريخ 20 مارس من كل عام يوما دوليا للسعادة اعترافا بأهمية السعي للسعادة أثناء تحديد أطر السياسة العامة لتحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتوفير الرفاهية لجميع الشعوب.
هذا الاعتراف ترجمته دولة الإمارات عبر بعثها لوزارة السعادة، ووكلت وزيرا لها من أهم مهامه مواءمة كافة خطط الدولة وبرامجها وسياساتها لتحقيق سعادة المجتمع.
تفطنت الإمارات إلى أن الرقي بمجتمعها يبدأ من خلال الاهتمام بجودة حياة مواطنيها على جميع الأصعدة، فهي لم تقم بتوزيع أكياس النقود على الإماراتيين بل قوّت بينهم أواصر التسامح والمحبة والتعايش السلمي مع مختلف الجنسيات وهيأت لهم سبل الحصول على صكوك سعادة من خلال المحفزات والإكراميات.
ومن المؤكد أن من يراهن على سعادة شعبه يكسب الرهان ويجني ثمار ذلك، فالسعادة كما تمثلها جبران خليل جبران “بسيطة جدا، قد تكون في كلمة جميلة، أو شخص يشاركنا هم الحياة”.
وتصديقا لقول هذا الكاتب اللبناني الفذّ، فإننا أحيانا نتزود بموجات إيجابية تشحن بقية يومنا بالسعادة من مجرد رد شخص ما علينا تحيتنا له بأحسن منها. وقد كان لنا بالحي جار يتنافس الجميع على إلقاء التحية عليه صباح مساء لما في ردوده من طلاوة تغمر سامعيها بلذة تبعث في النفوس الفرح.
ولذلك، فإن بعض الدول ليس عليها سوى أن تحذو حذو الإمارات أو أن تبدأ في تطبيق وصفة شوبرا، وهما بالنهاية وجهان لعملة واحدة، فكل ما على المرء إلا أن يكون كثير النّدى قليل النّوى، وأن لا يربط سعادته برصيده البنكي بل بعدد المحبين له من حوله.
وهذا ذكرني بأغنية الفنان الكويتي حمودة خضر “لا لا.. لا نحتاج المال.. كي نزداد جمالا.. جوهرنا هنا.. في القلب تلالا” التي أثارت موجة كبيرة من الانتقادات، ولاسيما حين غنتها الفنانة اللبنانية نانسي عجرم رفقة عائلتها، حيث اعتبر متابعوها أنها لولا المال لما حصلت على الشهرة والجمال والزوج، في حين كانت تردد كلماتها بطريقة تترجم سعادتها مع عائلتها وهي سعادة لا تباع ولا تشترى بالمال.
طريق السعادة أيسر من كل التعقيدات التي يحيط الناس بها أنفسهم مختزلين كل معانيها ومفاهيمها في المال، في حين أن السعادة كامنة في أعماق كل فرد منا فقط هي تتحين لحظة الإفراج عنها.