الصين تمد سياسة إقصاء الدولار من تعاملاتها التجارية إلى تونس

عززت الصين إجراءاتها المالية الرامية لإقصاء الدولار من تعاملاتها المباشرة مع العشرات من دول العالم، حين اتفقت مع تونس على بدء التعامل باليوان والدولار، وذلك بعد أيام من السماح بتداول اليوان مباشرة مع 7 عملات أجنبية.
الأربعاء 2016/12/14
لاعب جديد يطل على ساحة العملات العالمية

لندن - توصلت الصين أمس إلى اتفاق مع تونس لحصر التبادل التجاري بالعملات الثنائية للبلدين، في خطوة تهدف إلى إقصاء الدولار والعملات الوسيطة وتشجع المستوردين والمصدرين في البلدين على تعزيز التعاملات التجارية.

ويسعى الاتفاق لمقايضة اليوان والدينار بين البنكين المركزيين بهدف تسديد العمليات التجارية والمالية بين البلدين، وهي سياسة اعتمدتها بكين مع العشرات من دول العالم.

واتخذت الصين خطوة كبيرة تهدف لتحويل العملة الصينية إلى عملة عالمية. وكشفت منصة تداولات الصرف الأجنبي الصينية أن الحكومة قررت السماح بالتداول المباشر لعملتها اليوان مع 7 عملات أجنبية اعتبارا من بداية الأسبوع الحالي.

وتشمل تلك العملات الكرونة النرويجية والبيزو المكسيكي والليرة التركية والكرونة السويدية والزلوتي البولندي والفورينت الهنغاري والكرونة الدنماركية.

وعززت بكين في السنوات الأخيرة جهود إقصاء الدولار من التعاملات المباشرة مع العشرات من الدول من شركائها في أنحاء العالم، من خلال التعامل بالعملات الثانية مع كل بلد.

وأبرمت مؤخرا اتفاقات مع السعودية ومصر وتركيا وروسيا، لتضاف إلى اتفاقات مماثلة مع العديد من الدول في أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا وأوروبا الشرقية.

وأعلن البنك المركزي الصيني، الجمعة الماضي، أنه كلف فرع البنك الزراعي الصيني في دبي بمهام بنك المقاصة لليوان في الإمارات العربية المتحدة، لكنه لم يقدم المزيد من التفاصيل.

وتسعى بكين إلى الحد من هيمنة الدولار على الاحتياطات العالمية وتعاملات النظام المصرفي منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2008، والتي يقول محللون إن هيمنة الدولار كانت أحد أسبابها.

وطالبت حينها بإصدار عملة عالمية يصدرها صندوق النقد الدولي بعد إصلاحه وتخفيف الهيمنة الأميركية، لكن الاقتراح كان خياليا وبعيدا جدا عن إمكانية التنفيذ في ظل الرفض الأميركي المفروغ منه، رغم أنه يمكن أن يمنع الكثير من الأزمات المالية العالمية.

ومع ذلك يشكل الدولار والسندات الحكومية الأميركية معظم الاحتياطات المالية لدى البنك المركزي الصيني، التي تبلغ نحو 3.1 تريليون دولار، إضافة إلى تريليونات أخرى تملكها الشركات والمستثمرون الصينيون.

هاني فرحات: الاتفاق بين الصين ومصر يلغي الحاجة لأي عملة أجنبية في التعاملات الثنائية

ووقع البنك المركزي الصيني الأسبوع الماضي اتفاقية مع البنك المركزي المصري بقيمة 18 مليار يوان (2.6 مليار دولار) لتبادل العملات وتسهيل التبادل التجاري المباشر دون الاستعانة بعملات أخرى.

وأكد هاني فرحات، كبير الاقتصاديين في بنك الاستثمار سي.أي كابيتال، أن الاتفاقية تسمح لمصر باستخدام اليوان في تعاملاتها مع الصين، التي يمكنها في المقابل استخدام الجنيه المصري في تعاملاتها مع مصر.

وقال إن “تأثير الاتفاقية سيكون إيجابيا لأنها ستترجم إلى سيولة أعلى في البنك المركزي بمبلغ مساو لقيمة الاتفاقية. كما سيكون لها تأثير غير مباشر على خفض الطلب على الدولار”.

واتخذت الصين والسعودية خطوة كبيرة في 26 سبتمبر الماضي، بإقصاء الدولار تماما من التعاملات المباشرة بين البلدين، بتأسيس نظام لأسعار الصرف المباشرة بين الريال واليوان، يسمح لبكين بشراء النفط السعودي باليوان.

ويرى الخبراء أنها خطوة نوعية ستكون لها تداعيات كبيرة وستلحق أضرارا بمكانة الدولار، وتمهد الطريق لعلاقات ثنائية مزدهرة بين البلدين، وتعطي زخما كبيرا لجهود بكين في تدويل عملتها.

ويعني الاتفاق تسوية المعاملات التجارية بينهما، من خلال استخدام ترتيبات خاصة تسمح للطرفين باستخدام عملة كل دولة في تسوية المعاملات التجارية في إطار نظام لمعدلات صرف بين العملتين يتم تحديده بصورة مباشرة دون استخدام عملة دولية وسيطة كالدولار.

وتعد الصين أكبر مستورد للنفط السعودي في العالم، بما يتجاوز 1.1 مليون برميل يوميا، وتشكل نحو 15 بالمئة من صادرات النفط السعودية للعالم إجمالا.

وقال الكاتب الاقتصادي السعودي فضل البوعينين، إن “الخطوة أمر لافت للغاية وتعني غياب الدولار كوسيط، وهي تأتي في إطار جهود الصين لتدويل عملتها التي مازالت في بداياتها.. التنفيذ سيعزز التبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية بين البلدين”.

وتعمل الصين على مستويات عديدة للحد من هيمنة الدولار، وسبق أن أبرمت اتفاقا ضمن رابطة “بريكس” التي تضم أيضا البرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا، لاستخدام عملاتها الوطنية في تسوية المعاملات التجارية في ما بينها.

وبدأت رحلة اليوان على الساحة الدولية مرحلة جديدة نهاية العام الماضي، حين أعلن صندوق النقد الدولي، عن انضمام اليوان إلى الدولار الأميركي واليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني في سلة عملات حقوق السحب الخاصة المعتمدة من قبل الصندوق.

وعززت قبل ذلك دورها في النظام المالي العالمي في أبريل 2015 حين قامت بإنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، الذي سينافس المؤسسات المالية العالمية مثل صندوق النقد والبنك الدولي وكذلك بنك التنمية الآسيوي الذي تهيمن عليه اليابان.

وتؤكد بكين أنها ماضية قدما في تحرير أسواق الصرف وتعزيز دور اليوان في الساحة الدولية، لكن الطريق لا يزال طويلا، حيث تصل حصة الدولار من الاحتياطات العالمية إلى 60 بالمئة مقابل 5 بالمئة لليوان الصيني.

10