الصين تستثمر في تصنيع شفرات طاقة الرياح في المغرب

شركة أيولون تؤسس مشروعا بمنطقة التسريع الصناعي ببطيوة - الناظور.
الاثنين 2025/06/02
دعائم قوية للتحول الأخضر

عززت الصين من توجهاتها الاستثمارية في السوق المغربية لتركز هذه المرة بشكل أكبر على الطاقة المتجددة من خلال منشأة لتصنيع شفرات إنتاج الكهرباء من الرياح، في خطوة سيحقق منها الجانبان الكثير من المكاسب سواء كانت تنموية أو في ما يتعلق بالحياد الكربوني.

الرباط - تواصل الصين توسيع استثماراتها في المغرب في قطاعات متعددة، منها المجالات المرتبطة بالطاقة المتجددة، في سياق اهتمام البلدين المشترك بدعم التحول الأخضر.

وتستعد شركة أيولون تكنولوجي الصينية المتخصصة في صناعة شفرات أعمدة طاقة الرياح، لإطلاق أولى عملياتها الإنتاجية من داخل منشأة جديدة تم تشييدها بمدينة الناظور شمال المغرب، أواخر شهر مايو المنقضي.

ويُنتظر أن تبدأ أيولون نشاطها الصناعي من داخل منشأة جديدة تم تشييدها بمدينة الناظور، حسب ما ذكره أحد المسؤولين في الشركة لوكالة شينخوا، لم تذكر اسمه، مشيرا إلى أن المغرب سيشكل بوابة مهمة نحو أسواق أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط.

وتُعد هذه المنشأة الصناعية أول قاعدة إنتاج خارجية للشركة الصينية المذكورة، حيث تُراهن من خلالها على تعزيز حضورها العالمي في صناعة الطاقات النظيفة.

كما يُتوقع أن تشهد هذه الخطوة توقيع عقود تصدير، أبرزها مع شركة نورديكس الألمانية، في حين يرجح محللون اهتماما قويا من شركتي فيستاس وسيمنز غاميزا الأوروبيتين.

إدريس الفينة: الاستثمار الصيني نقطة إيجابية لطفرة مشاريع المغرب
إدريس الفينة: الاستثمار الصيني نقطة إيجابية لطفرة مشاريع المغرب

وستقام هذه المنشأة الجديدة على مساحة 50 هكتارا داخل منطقة التسريع الصناعي ببُطيوة – الناظور، وهو الأكبر من نوعه في المنطقة اليورو – أفريقية، باستثمارات تقدر قيمتها بنحو 250 مليون دولار.

وستوفر أيضا 3300 فرصة عمل في المنطقة، وبالتالي المساهمة في التنمية الاقتصادية لمدينة الناظور والنظام البيئي الصناعي الوطني للطاقة.

ويعد مشروع أيولون الاستثماري من أوائل المشاريع التي وافقت عليها الهيئة الوطنية للاستثمار، التي أنشئت بموجب ميثاق الاستثمار الجديد.

ويهدف المشروع، وفق المصدر نفسه، إلى إنتاج 600 شفرة سنويا، مع إمكانية توظيف 3.332 عاملا، وتحقيق إيرادات متوقعة تصل إلى 626 مليون أورو، ما يعكس الطموحات الكبيرة للشركة الصينية في أن يتحول المغرب إلى قطب صناعي إستراتيجي في هذا المجال.

وكانت الشركة قد وقّعت اتفاقية استثمار مع الحكومة المغربية في أكتوبر 2023، وانطلقت أشغال البناء فعليا مع نهاية السنة ذاتها، في أفق الانتهاء من التجهيزات وبدء الإنتاج خلال الربع الثاني من عام 2025، وفقا لما أكدته مصادر الشركة.

ويأتي هذا الاستثمار في وقت يشهد فيه المغرب اهتماما متزايدا من قبل الشركات الصينية، بالنظر إلى موقعه الإستراتيجي الذي يجعله مركزا صناعيا وتجاريا مهما في ظل التحولات التي تشهدها سلاسل التوريد العالمية.

وأعلنت شركة لينغيون الصناعية الصينية مؤخرا عن خطط لإنشاء قاعدة إنتاج في المغرب متخصصة في أنابيب المركبات وأجزاء الهياكل.

ومن خلال هذا التوسع الإستراتيجي، فإن الشركة ستعزز مكانتها كشركة عالمية رائدة في تصنيع شفرات توربينات الرياح، مع المساهمة في التحول في مجال الطاقة إلى مصادر الطاقة النظيفة وبالتالي خلق مستقبل أكثر استدامة وصديق للبيئة.

وقال المحلل الاقتصادي إدريس الفينة لـ”العرب” إن “دخول الاستثمار الصيني نقطة إيجابية ضمن طفرة تشهدها المشاريع الإستراتيجية المغربية.”

وأضاف أن المشروع “يؤكد فاعلية الاعتماد على رأس مال القطاع الخاص في إنجازه، ومن المرتقب أن يقوي حجم التمويلات المطلوبة.”

وأكدت الهيئة الوطنية للاستثمار أن اختيار المغرب كموقع لهذا المصنع الجديد جاء نتيجة ما تمتع به البلاد من استقرار سياسي واقتصادي ملحوظ.

وهذا يسمح لأيولون بالتركيز بشكل كامل على أنشطتها الإنتاجية، حيث يتمتع المغرب بقوة عاملة شابة ومؤهلة تأهيلا عاليا، وهو ما يعزز القدرة التنافسية للشركة.

وتعتقد الشركة الصينية أن هذا التوسع خارج الصين من شأنه أن يحسن بشكل كبير كفاءة سلسلة التوريد الخاصة بالصناعة، مما يقلل من تكاليف الخدمات اللوجستية المرتبطة بشفرات توربينات الرياح بفضل الموقع الجغرافي الإستراتيجي للمغرب.

ويراهن المشروع الجديد على مجموعة من العوامل التي تجعل المغرب وجهة جاذبة للصناعة الصينية، أبرزها الموقع الجغرافي الإستراتيجي القريب من أوروبا والشرق الأوسط، ما يساهم في خفض تكاليف النقل وضمان خدمات التوريد السريع.

كما تستفيد الشركة من الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به المملكة، فضلا عن انخراطها في مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، وما تُقدمه من سياسات تحفيزية مشجعة على الاستثمار في قطاع الصناعة والطاقة.

250

مليون دولار الكلفة التقديرية للمشروع الذي سيوفر نحو 3300 فرصة عمل في منطقة الناظور

ويُنتظر أن يساهم المصنع في سد جزء من فجوة العرض في السوقين الأوروبية والأميركية، اللتين تشهدان طلبا متزايدا على شفرات التوربينات، وهو ما يجعل من مصنع الناظور منصة إنتاج وتصدير ذات أهمية إقليمية ودولية.

ويوفر الدعم الحكومي والبنية التحتية المتطورة بيئة مشجعة للمستثمرين، بما في ذلك ميناء طنجة المتوسط، ما يعزز من جاذبية المغرب للشركات الصينية، التي تبحث عن مواقع جديدة لتعزيز قدراتها الإنتاجية.

وسيكون ذلك في إطار توطين حضور شركاتها في القارة الأفريقية، خاصة بعد إطلاق مبادرة “الحزام والطريق” في 2013، وذلك بالتركيز على القطاعات الصناعية والبنية التحتية وكل ما له علاقة بالطاقة.

وأصبح المغرب وجهة مفضلة للشركات الصينية، خاصة في مجالات الطاقة إذ أكد مسؤولو الشركة أن البلد يتوفر على موارد بشرية عالية الكفاءة، إضافة إلى برامج التدريب والدعم التي تتيحها الحكومة، مما يسهل عمليات التوظيف ويعزز من جاهزية اليد العاملة للصناعات المتقدمة.

ويُرتقب أن يصبح المصنع الجديد واحدا من أكبر مواقع إنتاج شفرات التوربينات في منطقة أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، ما سيعزز قدرة الشركة على تلبية الطلب المتنامي في سوق الطاقة النظيفة.

ومن المرجح أن يُساهم المشروع في تحفيز التنمية الاقتصادية المحلية بمنطقة الناظور، من خلال خلق فرص الشغل المباشرة وغير المباشرة، ودعم سلاسل الإمداد المحلية، بما يعزز تموقع المغرب كفاعل محوري في التحول الأخضر عالميا.

وسيتم تجهيز محطة أيولون بأحدث التقنيات لتلبية الاحتياجات المتزايدة لصناعة الرياح في جميع أنحاء العالم، كما تتطلع الشركة إلى مواصلة التعاون مع اللاعبين المحليين في قطاع الطاقة المتجددة والمساهمة في النمو المستدام لصناعة شفرات أعمدة طاقة الرياح.

11