الصين تحاول اختراق موقف الغرب الموحد بشأن تعاطيها مع كورونا

تعزز رسالة نشرتها الداخلية الألمانية الأحد، كشفت فيها عن محاولة الصين استمالة المسؤولين الألمان للإدلاء بتصريحات إيجابية بشأن تعامل بكين مع كوفيد – 19، الشكوك حول سعي الصين في وقت سابق إلى شق الموقف الغربي الذي بدا موحدا في بداية الأزمة الصحية العالمية.
برلين - في الوقت الذي يستعد فيه مجلس الأمن الدولي لإصدار أول قرار له بشأن وباء كورونا الذي اجتاح العالم تكثّف الصين من تحرّكاتها من أجل استمالة عدد من الدول الغربية (الأعضاء الدائمين في المجلس) بغية حثها على الوقوف إلى جانبها في وجه الاتهامات الأميركية المتصاعدة بشأن تعتيم قامت به بكين حول كوفيد – 19.
والأحد قالت وزارة الداخلية الألمانية إن دبلوماسيين صينيين تواصلوا مع مسؤولين بالحكومة الألمانية في محاولة منهم لتشجيعهم على الإدلاء بتصريحات إيجابية عن كيفية تعامل بكين مع جائحة فايروس كورونا.
وقالت الوزارة في رسالة نشرتها الأحد إن “الحكومة الألمانية على علم باتصالات فردية قام بها دبلوماسيون صينيون بهدف الحث على الإدلاء بتصريحات إيجابية علنية عن تعامل جمهورية الصين الشعبية مع كورونا”.
وتضيف الرسالة “لم تستجب الحكومة الاتحادية لهذه الطلبات”.
وأرسلت الرسالة إلى مارغريت باوزه النائبة في البرلمان عن حزب الخضر الألماني ردا على سؤالها عما إذا كان دبلوماسيون صينيون اتصلوا بمسؤولين ألمان بهدف تشجيعهم على الإدلاء بالتصريحات الإيجابية.
وكانت صحيفة فيلت أم زونتاغ أول من نشر نبأ الاتصالات. ونقلت الصحيفة عن السفارة الصينية في برلين رفضها للتقرير الذي وصفته بأنه كاذب وغير مسؤول.
وتأتي هذه الرسالة التي تتضمن اتهامات مباشرة للصين بالتأثير على دبلوماسيين ومسؤولين ألمان في وقت تصر فيه الولايات المتحدة على ضرورة أن يتضمن أي قرار صادر عن مجلس الأمن مصطلح “الفايروس صيني” وهو ما يزعج بكين.
ومنذ انطلاق أزمة كوفيد – 19 من مقاطعة ووهان الصينية في يناير والولايات المتحدة تتهم الصين، عدوها اللدود، بإخفاء معطيات بشأن الوباء.
وحتى خط هذه الكلمات تبدو المواقف الغربية حيال تعاطي الصين مع الوباء منسجمة وموحدة لاسيما بعد انضمام فرنسا مؤخرا إلى الولايات المتحدة في انتقاد تعامل بكين مع الجائحة.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تصريحات لصحيفة فايننشال تايمز في وقت سابق “بالنظر إلى هذه الاختلافات، والخيارات التي اتخذت وما عليه الصين اليوم، وهو ما احترمه، فلا ينبغي أن نكون بهذه السذاجة إلى حد القول إنها كانت أفضل بكثير في التعامل مع هذا الوباء من الغرب”.
وأضاف ماكرون في ما بدا اتهاما لبكين “لا نعرف، من الواضح أن أمورا حدثت في الصين ولا نعرفها”.
وبالرغم من أنها وجهت اتهامات لبكين بمحاولة التأثير على مواقف مسؤوليها إلا أن وزارة الداخلية الألمانية قالت في الرسالة إن الحكومة تقرّ بجهود الصين لاحتواء الوباء خاصة منذ 23 يناير حتى دون أن تطلب منها بكين ذلك.
ومضت قائلة إن برلين أبلغت الحكومة الصينية بأنها تعتقد أن الشفافية ضرورية لمكافحة الوباء، لكنها لم تفصح عمّا إذا كانت تظن أن بكين التزمت الشفافية أم لا.
ولم تحدّد الوزارة توقيت الاتصالات التي جرت بين المسؤولين الصينيين والألمان.
وتأتي هذه التطورات في وقت تجاوز فيه عدد المصابين بفايروس كورونا في العالم عتبة الـ3 ملايين مصاب، فيما اقترب عدد الوفيات من تخطي المئتي ألف حالة.
وتسبب الصراع بين الولايات المتحدة والصين حول هذا الموضوع في قطع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتمويل الذي تخصصه واشنطن لمنظمة الصحة العالمية، وهي خطوة رأى فيها مراقبون ضربة قاصمة للمنظمة الدولية.
واتهم ترامب المنظمة التابعة للأمم المتحدة بالتستر على إخفاء الصين لمعطيات بشأن وباء كورونا.
ويرى مراقبون أن تركيز الصينيين على ألمانيا وفرنسا وبريطانيا حتى في تقديم مساعدات لهم يوحي بأن العملاق الآسيوي يستهدف ضمان الدعم في مجلس الأمن.
ولبعض هذه الدول على غرار فرنسا وبريطانيا الحق في رفع الفيتو (حق النقض) لإسقاط أي قرار.
وفي وقت سابق كشفت الهيئة الاتحادية لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية في ألمانيا) أنها سجلت تزايدا في السياسة الدعائية من قبل مسؤولين صينيين في ظل أزمة وباء كورونا.
وأوضحت الهيئة لصحيفة فيلت أم زونتاغ الألمانية الأسبوعية في وقت سابق أن الحكومة في بكين تحاول إثارة الشكوك حول دور الصين كمنشأ للفايروس، وتحاول إعلاء جهود البلاد في تقديم المساعدة لدول غربية “من أجل إظهار الجمهورية الشعبية بصفتها شريكا يعول عليه، ومديرا حكيما للأزمة”.
وخلال هذه الأزمة كثفت الصين من تحركاتها في الظاهر بهدف مدّ يد العون لأوروبا لاسيما بعد تضرر إيطاليا وبريطانيا بشكل كبير من الجائحة.
واستفادت بكين في ذلك من غياب التضامن الأوروبي ما عزز فرصها في تحقيق اختراق للوحدة الغربية التي شهدها العالم منذ بداية الأزمة.