الشراكة مع واشنطن تتيح للرباط الحصول على أحدث التكنولوجيات العسكرية

اتفاق التعويض الصناعي يعكس رغبة الطرفين في توطيد الشراكة القائمة بين المغرب وشركة بوينغ من خلال تنفيذ مشاريع إستراتيجية مشتركة.
السبت 2023/02/11
تصنيع مروحيات أباتشي بأياد مغربية

الرباط - يعد اتفاق التعويض الصناعي المبرم بين المغرب وشركة بوينغ الأميركية امتدادا لبرنامج اقتناء طائرات مروحية من نوع أباتشي، وهو الاتفاق الأول من نوعه في المنطقة وأفريقيا، والذي سيسمح للمغرب بتصنيع أجزاء وقطع الغيار الخاصة بالمروحية الهجومية الأميركية.

ويأتي الاتفاق في إطار تجسيد الرؤية الملكية الرامية إلى تحديث وتقوية القدرات العملياتية للقوات المسلحة الملكية، ولتعزيز قطاع الصناعة الدفاعية بالمغرب والذي يشهد تحولا في السنوات الأخيرة.

وأوضح بلاغ لإدارة الدفاع الوطني بالمغرب أن الاتفاق يتعلق بالخصوص بتعزيز استقلالية القوات الملكية الجوية في ميدان القياس (الميترولوجيا) والتصنيع والإصلاح المركب لمختلف قطع الغيار والهياكل الفوقية، وفقا للمعايير الأكثر تقدما في مجال الطيران، كما أن هذا الاتفاق يعكس رغبة الطرفين في توطيد الشراكة القائمة بين المغرب وشركة بوينغ من خلال تنفيذ مشاريع إستراتيجية مشتركة مع تشجيع بروز قاعدة صناعية وتكنولوجية للدفاع بالمملكة.

محمد بودن: اتفاق التعويض الصناعي منصة نشطة لتعزيز التبادل
محمد بودن: اتفاق التعويض الصناعي منصة نشطة لتعزيز التبادل

وأبرز محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات والمؤسساتية أن سياسة التعويض الصناعي في المجال العسكري ستسمح بتسهيل نقل عمليات أكبر للتكنولوجيا العسكرية ووضع أساس قوي لقاعدة صناعية مغربية قوية يمكنها استقبال مختلف التحولات والتطورات الجديدة بما يحقق الاستجابة لمختلف التحديات والوضعيات، مما سيسهم في تعزيز مكانة المغرب المستحقة إقليميا ودوليا ويحيط البيئة العملياتية للمغرب بقدرات ذكية.

ولفت بودن في تصريحات لـ”العرب” إلى أن اتفاق التعويض الصناعي بين المغرب وشركة بوينغ يعكس التعاون الدفاعي الذي يلعب دورا حيويا في الشراكة الإستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة، ويمكن اعتباره منصة نشطة لتعزيز التبادل المنتظم والقوي بين البلدين وفق منظور إستراتيجي بنسق يتناسب مع العلاقات التاريخية وروابط الصداقة بين البلدين.

ويقول مختصون في الشأن العسكري إن الاتفاق سيمكن المغرب من الاستقلالية التامة في ما يخص قطع غيار مروحيات أباتشي وكذلك الصيانة التي سوف تتم محليا، بعدما استثمرت شركة بوينغ في بناء مصنع خاص لهذا الغرض في النواصر بالدار البيضاء.

وشدد هشام معتضد الباحث في العلاقات الدولية المقيم بكندا على أن ثقة الشركات الأميركية في تحويل جزء من خبراتها العلمية في مجال الصناعات العسكرية إلى المغرب يعكس مدى نضج الخط الإستراتيجي للتعاون الدفاعي بين إدارة الدفاع الملكية والقوات المسلحة الأميركية والذي يعتبر مرجعية للتعاون الصناعي في قطاع التكنولوجيا الحربية والأمنية، كما أن هذا التعاون العسكري سيمكن المؤسسات الساهرة على شبكة الدفاع المغربية من تدعيم قدرتها بالإضافة إلى تحيين معداتها اللوجستية على مستوى التدبير والحماية الوطنية.

وتقدم المغرب بطلب لاقتناء 36 مروحية أباتشي سنة 2019 وهي حاليا قيد التصنيع وسيتم تسليمها ابتداء من سنة 2024، وسيتم تزويدها بتحسينات قوية في ما يخص أنظمة التسليح وأنظمة الحماية والتشويش على الصواريخ المعادية.

وفي حفل توقيع اتفاق التعويض الصناعي المبرم مع شركة بوينغ الذي ترأسه عبداللطيف لوديي الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني تنفيذا لتعليمات العاهل المغربي الملك محمد السادس تم تسليم تصميم مصغر لمروحية أباتشي بألوان المغرب للجنرال دوكور دارمي الفاروق بلخير المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية.

هشام معتضد: الاتفاق يعكس ثقة الشركات الأميركية في المغرب
هشام معتضد: الاتفاق يعكس ثقة الشركات الأميركية في المغرب

وشدد بلاغ إدارة الدفاع الوطني على أن هذا الاتفاق يعكس أيضا رغبة الطرفين في توطيد الشراكة القائمة بين المغرب وشركة بوينغ من خلال تنفيذ مشاريع إستراتيجية مشتركة مع تشجيع بروز قاعدة صناعية وتكنولوجية للدفاع بالمملكة.

ويعزز الاتفاق أيضا التعاون في مجال البحث والتطوير ونقل التكنولوجيات من خلال تأهيل مكاتب الهندسة المغربية وفق المعايير الدولية في قطاع الطيران، وكذلك إقامة مركز بحث للتصنيع الإضافي المتقدم (4.0) بالشراكة مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في بن جرير.

واعتبر بودن أن تطوير منصات صناعية في مجال الدفاع بالمغرب يكرس الثقة الدولية التي تتمتع بها القوات المسلحة الملكية بمختلف تشكيلاتها، حيث أن المغرب يتجه نحو مشاركة مستقلة وكاملة في أهم سلاسل صناعة الأسلحة المتطورة والتعاون الصناعي في مجال الدفاع ستمكنه من بناء قاعدة دفاعية مغربية تكنولوجية وصناعية قوية وفقا للمعايير الأكثر تقدما في هذا المجال.

وأكد بلاغ إدارة الدفاع الوطني أنه امتدادا لبروتوكول الاتفاق الصناعي الموقع أمام أنظار الملك محمد السادس في السابع والعشرين سبتمبر 2016 بهدف إقامة منظومة لمعدات الطيران بالمملكة المغربية، فإن اتفاق التعويض المبرم ينص على إنجاز شركة بوينغ لدى المصنعين المحليين المؤهلين لحجم من مصادر قطع الغيار بقيمة 150 مليون دولار، لتساهم بذلك في خلق فرص الشغل في المغرب والانتعاش الاقتصادي لقطاع الطيران الوطني.

ويأتي هذا الاتفاق في سياق جملة من الخطوات التي تم القيام بها ومن بينها التوقيع على خارطة طريق لاتفاق التعاون العسكري في مجال الدفاع 2020 – 2030 بين المغرب والولايات المتحدة وإقرار الكونغرس الأميركي في تصويته على قانون التخصيص للسنة المالية 2023 بندا متعلقا بدعم القدرات الدفاعية الجوية للمغرب، فضلا عن أرضية قانونية تم إرساؤها في المغرب لتطوير الصناعات العسكرية.

وأوضح معتضد في تصريحاته لـ”العرب” أن هذا الاختيار الإستراتيجي في تصنيع أحدث التكنولوجيات العسكرية في المملكة سيعزز من موقع المغرب الإستراتيجي في المنطقة، خاصة وأن دوره التقليدي المرتبط بضبط التوازنات الأمنية والمرتبطة بالاستقرار السياسي يواجه العديد من التحديات في إطار التطورات الجديدة التي تعرفها منطقة شمال أفريقيا والساحل والصحراء، مما يدفعه إلى حضور أكثر يقظة حفاظًا على مكتسباته الحيوية ودفاعا عن دوره الريادي في استقرار وأمن المنطقة.

4