الشتات العربي

الاثنين 2013/11/04

مع تصاعد الأحداث الأمنية بشكل دراماتيكي في أكثر من بلد عربي، لم يعد الحديث عن الشتات يقتصر على الشتات الفلسطيني المستمر منذ منتصف القرن الماضي. فنتيجة لهذه الأحداث الأمنية وجد مئات الآلاف من المواطنين العرب طريقهم للفرار من ويلات الحرب، متخذين طرقا غير شرعية ووسائل لا تتوفر فيها السلامة ليهلك منهم من يهلك قبل الوصول إلى المنافي.

الأرقام التي تصدرها منظمات حقوق الإنسان مذهلة ومخيفة عن حجم الشتات العربي الذي باتت تغص به العواصم والمدن الأوروبية وصولا إلى أميركا اللاتينية دون أن يحدّه أي مكان من هذا العالم.

وقد شهدت وقائع عديدة من أحداث سابقة إن غالبية هؤلاء المواطنين لا يعودون إلى ديارهم بعد أن تزول الأسباب التي دفعتهم إلى الهروب من أوطانهم، كما يؤكد الواقعان العراقي واللبناني. أما الشتات المغاربي هو بالأصل خرج من أوطانه كي لا يعود.

النازحون السوريون اليوم تخطوا بنزوحهم دول الجوار العربية وهم يبحثون عن ملاذ آمن وسماء لا تهطل منها الصواريخ والقذائف. ولعلهم يجدون كرامة لم يوفرها لهم بشكل لائق المكان العربي حسب ما تشير إليه مؤخرا بعض التقارير الصحفية حول إساءة معاملتهم في أكثر من مكان.

بات الشتات العربي يشكل جرحا مفتوحا في جسد الأمة العربية، دون أي معالجة حقيقية من قبل الحكومات العربية التي تقف مشلولة تجاه هذا الموضوع. والنتيجة ستكون على مقدار من الخزي لو قارنا سلبية هذه الحكومات مع ما تقوم به حكومات الاتحاد الأوروبي من وضع برامج وخطط تكفل للمواطن الأوروبي شعورا لأن ينغرس في وطنه أكثر.

إن حكومات الاتحاد الأوروبي باتت أكثر دراية ووعيا في استيعاب الوافدين إليها من كل جنسيات العالم ومنهم العرب والمسلمين. لذلك تجدها تنسق جهودها وتتبادل الخبرات فيما يتعلق بعمليات ادماج هؤلاء المهاجرين في المجتمع الأوروبي وجعلهم يتكيفون بشكل أيسر مع ثقافته وقيمه.

ونتيجة لسياسات الاندماج الأوروبية هذه بات ملايين العرب اليوم يعانون من أزمة فكرية، باتت تشكل خطورة داهمة على الهوية العربية. فهل من مسعف متفان لديه القدرة على أن يغلق هذا الجرح ليتوقف النزيف؟


شاعر وكاتب فلسطيني

9