السيطرة على ناشطي مواقع التواصل لا تقل أهمية عن احتواء الحرائق في تركيا

يلاحق الادعاء التركي الناشطين الذين ينشرون تعليقات منتقدة لأداء الحكومة في التعامل مع الحرائق المنتشرة في البلاد، بتهمة إثارة الخوف والذعر بين الناس، والتحقير من مسؤولي الحكومة وإهانة الرئيس، فيما هدد المجلس الأعلى التركي للمرئي والمسموع محطات التلفزيون من بث معلومات حول الحرائق.
أنقرة - فتح المدعي العام في أنقرة تحقيقا في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تم وصفها بأنها ذات طبيعة “إجرامية”، على خلفية انتشار هاشتاغات تحمّل الحكومة التركية مسؤولية تمدد الحرائق وتطالب الرئيس رجب طيب أردوغان بالاستقالة لسوء إدارة الأزمة.
ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن الادعاء التركي القول في بيان إن بعض الأفراد والجماعات يعملون على إثارة الخوف والذعر بين الناس وتحقير الحكومة التركية. وتشمل الجرائم المرتكبة، وفقا للادعاء، التحقير من مسؤولي الحكومة وإهانة الرئيس.
وجرى تداول هاشتاغ #helpturkey (أنقذوا تركيا)، على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وسط تعليقات تطالب باستقالة أردوغان، منذ أيام مع زيادة انتشار الحرائق، حيث انتقد مغردون أداء حكومة الرئيس التركي تجاه الحرائق، وتأخرها في طلب الدعم الأجنبي من الدول بحجة أن تركيا قوية. وكتبت ناشطة:
وجاء في تغريدة موجهة للرئيس التركي تشير إلى المطالبة باستقالته:
وسارع مدير الاتصالات في الرئاسة التركية، فخرالدين ألتون، للتعليق على الحملة قائلا إن “‘ما يسمى أنقذوا تركيا’ انطلقت من الخارج، لأغراض أيديولوجية لإضعاف دولتنا وإضعاف وحدة دولتنا وأمتنا”، مضيفًا أن “تركيا قوية”.
والاثنين رد وزير الداخلية سليمان صويلو على الانتقادات الموجهة إلى الحكومة قائلاً “لا يمكنني إطفاء النيران بيدي، واجبنا هو تقديم الدعم اللوجستي”.
ويجتاح أكثر من مئة وثمانين حريقا لغابات وأراض زراعية منذ الثامن والعشرين من شهر يوليو الماضي، إضافة إلى مناطق مأهولة على السواحل التركية على المتوسط وبحر إيجه، أوقعت ثمانية قتلى.
وبدأت فرق الإغاثة التركية الخميس بإجلاء المئات من السكان بحراً، فيما اقترب حريق من محطة للطاقة الحرارية تخزن آلاف الأطنان من الفحم. وعلى وقع إنذارات الإخلاء، كان السكان يكدسون المقتنيات القليلة التي تمكنوا من أخذها من منازلهم على متن زوارق سريعة لحرس السواحل الذين جندوا في مرفأ أورين قرب مدينة ميلاس التي تقع بجوارها محطة الطاقة، كما أفاد صحافيو وكالة فرانس برس على الأرض.
وبحسب البعض من المتابعين فإنه يبدو أن الحكومة منشغلة بتعليقات الناشطين والمغردين أكثر من الحرائق نفسها، وقد شدد أردوغان الخميس على وجوب عدم استغلال حرائق الغابات المندلعة في عدد من ولايات البلاد لتحقيق غايات سياسية، وفق ما نقلت وكالة “الأناضول” التركية.
وأضاف الرئيس التركي في مقابلة مع قنوات تركية خاصة، “كما هو الحال في أجزاء كثيرة من العالم، حدثت زيادة كبيرة في حرائق الغابات في بلدنا، ولا ينبغي استغلال الوضع لتحقيق غايات سياسية”.
وانتقد أردوغان حملة “أنقذوا تركيا”، مشيرا إلى أن الهدف الأساسي من وراء إطلاقها هو إظهار تركيا على أنها دولة ضعيفة.
وقال إن هناك حملات إعلامية مضللة على مواقع التواصل الاجتماعي تسعى لتقوض ثقة تركيا المتزايدة بالنفس، وشدد على أنّ مسؤولي حكومته لا يلتفتون إلى مثل هذه المحاولات، وأن من يقفون وراءها منزعجون من قوة تركيا.
وعلق حساب شؤون تركية على تصريحات أردوغان في تغريدة على تويتر قائلا:
وقال يوسف الشريف الصحافي المتخصص في الشؤون التركية في تغريدة على حسابه في تويتر:
وأكدت السلطات المحلية أن مخازن الهيدروحين المستخدمة لتبريد المحطة التي تعمل بالفيول والفحم، أفرغت وملئت بالمياه احترازاً. وقال المسؤول المحلي عثمان غورون للصحافيين: “ثمة احتمال في انتشار الحريق ليطال الآلاف من الأطنان من الفحم الموجودة” داخل المحطة.
وأظهرت مشاهد بثها رئيس بلدية ميلاس محمّد توكات حريقاً مستعراً عند مدخل المحطة وكتب في تغريدة “يجري الآن إخلاء المحطة بالكامل”.
ونجحت فرق الإطفاء بداية في السيطرة على الحريق بفضل طائرتين قاذفتين للماء أرسلتهما إسبانيا ومروحيات أفرغت مياها من البحر على قمم الجبال والمناطق السكنية القريبة. إلا أن ألسنة النار اندلعت مجدداً. وغرّد رئيس البلدية “نرجوكم ونحذركم منذ أيام. الحريق طوق المحطة”، طالباً “إرسال طائرة قاذفة للمياه فوراً”.
لكن فخرالدين ألطون، أكد فيما بعد أنه “لم يتم تسجيل” أي أضرار جسيمة بمحطة الطاقة الحرارية التي وصلت إليها الحرائق. وشدد ألطون على أنه جرى وقف تشغيل المحطة بسبب وصول نيران حرائق الغابات إلى موقعها، وإجلاء كافة العاملين بها.
وتأخذ المعارضة التركية على أردوغان فشله في المحافظة على قاذفات المياه التي تملكها تركيا والتأخر في قبول المساعدة الدولية. وجاء في تغريدة:
SedefKaba@
عندما يتم حرق الغابات، فإن البلديات التابعة لحزب الشعب الجمهوري مسؤولة! إذا تم فتح الغابات للبناء، فإن صانع القرار هو رئيس حزب العدالة والتنمية!
وسبق أن حذر المجلس الأعلى التركي للمرئي والمسموع محطات التلفزيون من بث معلومات حول الحرائق “قد تثير الخوف والقلق” في نفوس السكان.
وهدد المجلس في بيان له الثلاثاء، مراسلي القنوات المحلية الذين ينقلون أخبار الحرائق، قائلاً إن “بعض القنوات تحاول خلق الفوضى”.

وقال إن حرائق الغابات يتم إخمادها بنجاح من قبل فرق مكافحة الحرائق، وأن لقطات بث المناطق المحترقة “ستخدم أولئك الذين يبحثون عن الفوضى”.
وأضاف البيان أن العديد من المذيعين والمراسلين يبثون تقارير من شأنها أن تثير الفوضى والقلق بين الناس، مضيفاً أن التقارير الواردة من الأرض تحبط معنويات الناس وفرق الإطفاء، وأشار في نهاية البيان إلى فرض عقوبات شديدة على المراسلين الذين لا يلتزمون بقواعد المجلس.
وطالت النيران مواقع سياحية استعادت نشاطها في الفترة الأخيرة بعد أشهر من القيود المفروضة لاحتواء تفشي وباء كوفيد – 19.
ومازال رجال الإطفاء والمتطوعون يكافحون لإطفاء الحرائق في عدة مناطق.
وقال مصطفى أوزكايا مساعد المديرية العامة للغابات الثلاثاء “تركيا تحارب بطائراتها المروحية البالغ عددها 45 وطائراتها الثلاث ولدينا دعم جوي من ست دول”.
وأفاد مركز المراقبة عبر الأقمار الاصطناعية التابع للاتحاد الأوروبي أن قوة الحرائق في تركيا بلغت كثافة “غير مسبوقة” منذ 2003. ويفيد خبراء أن التغير المناخي في دول مثل تركيا يزيد من خطورة هذه الحرائق.
وقال وزير الزراعة التركي بكر باكديميرلي إن الحرارة في مدينة مارمريس الواقعة على بحر إيجه بلغت مستوى قياسياً مع تسجيلها 45.5 درجة خلال الأسبوع الحالي. وقال الوزير للصحافيين “نحن نشن حرباً. يجب أن تبقى معنوياتنا عالية. أحث الجميع على التحلي بالصبر”.