السياحة المصرية تبدأ رحلة الخروج من نفق الوباء

وضعت السياحة المصرية قدما على طريق الخروج من نفق الأزمة الصحية التي أثرت عليها منذ تفشي الوباء، وسط تزايد المؤشرات التي توحي بعودة الروح إلى هذا القطاع الحيوي وبداية رحلة تعزيز خارطة نشاطه باستقطاب الزوار في ذروة الموسم.
دبي - يؤكد المتابعون أن هناك دلائل ملموسة تشير إلى بداية نهاية أزمة السياحة المصرية التي ضربها الركود بسبب القيود الصحية العالمية، ولكن ذلك يبقى رهين نجاح حملة تطعيم العاملين في القطاع المتفائلين بعودة انتعاشة تجارتهم خلال الأشهر المقبلة.
وتضرر هذا النشاط الإستراتيجي الذي تعتمد عليه القاهرة لتعزيز مواردها من العملة الصعبة إلى جانب عوائد الصادرات ونشاط قناة السويس واستثمارات الطاقة، فقد سادت مظاهر اختفاء السياح عن المنتجعات والفنادق والمزارات السياحية طيلة عام تقريبا.
وذكر وزير السياحة والآثار المصري خالد العناني، على هامش فعالية في معرض سوق السفر العربي المقام بإمارة دبي، أنّ بلاده “ستمنح العاملين في القطاع أولوية في تلقي اللقاحات المضادة لفايروس كورونا”، دعما للانتعاش السياحي الحالي بعد الانهيار في العام الماضي.
وقال العناني في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية “سنعطي أولوية للعاملين في القطاع السياحي لأنها صناعة مهمة جدا ومهمة للاقتصاد المصري”.
وأضاف “خلال شهر مايو الحالي سأعلن مع زميلتي وزيرة الصحة عن الانتهاء من تطعيم العمالة المصرية في الفنادق ومنتجعات وشركات ومطاعم جنوب سيناء والبحر الأحمر بالكامل”، مشيرا إلى أن هذه الوجهات الزاخرة بالمنتجعات الساحلية تستقبل 65 في المئة من الزوار.
وأكّد الوزير أن الحكومة ستتبع نفس الإستراتيجية بالنسبة إلى المناطق السياحية الأخرى مثل الأقصر أو أسوان أو العاصمة القاهرة حيث توجد أهم المتاحف وكذلك أهرامات الجيزة.
وتم تقديم نحو مليون جرعة لقاح في البلد البالغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون نسمة وفقًا للسلطات. ويعمل حوالي مليوني شخص في قطاع السياحة في مصر أو يرتبط به.
وإلى جانب الأهرامات والمعابد الفرعونية الشهيرة تعد مصر وجهة سياحية معروفة بمنتجعاتها على البحر الأحمر والبحر المتوسط يقصدها أشخاص يفضلون تفادي زحمة المدن الكبرى في ظل تفشي الوباء.
وبعد “خسارة كبيرة ما زالت مستمرة” منذ بداية أزمة الوباء استعاد القطاع قوته في الأشهر الأخيرة حيث استقبل 500 ألف سائح في أبريل الماضي، مقارنة بأقل من النصف في يناير 2021 ومعدل 200 ألف سائح في أشهر الربع الثاني من العام الماضي.
واعتبر الوزير أنّ “الأرقام معقولة، والأمر المهم هو زيادة المنحنى”. وأعرب عن أمله في أن تزداد أعداد السياح “في القريب العاجل مع بداية تحرك بعض الأسواق المصدّرة إلى مصر والتخفيف من الإجراءات الاحترازية فيها، مثل (دول) الوطن العربي وأوروبا وروسيا”.
ومع ذلك لا يزال يتعين على الفنادق الالتزام بمجموعة من الإجراءات الصحية لتتمكن من استقبال الزوار، مثل توفير كمامات لهم وسوائل للتعقيم، وتعقيم الأجزاء التي تستخدم بشكل مشترك مرة كل ساعة واستخدام المصاعد بنحو 50 في المئة من طاقتها.
وتأثّرت السياحة المصرية بشدّة بسبب عدم الاستقرار السياسي بعد ثورة عام 2011 قبل أن تشهد انتعاشًا في السنوات الأخيرة.
وعاشت البلاد ازدهارا سياحيا في عام 2019 قبل أن تغرق في الأزمة مثل باقي دول العالم بسبب الوباء، فخسر القطاع نحو 60 في المئة من إيراداته في عام 2020، وفقا للعناني.
ولفت العناني إلى أن الدولة حققت عائدات سياحية قدرها 13 مليار دولار في عام 2019، غير أن هذا الرقم انخفض إلى 4 مليارات في العام الماضي بسبب الوباء بعدما كانت الحكومة تتوقع جني 16 مليار دولار.
وأغلقت مصر حدودها في مارس 2020 قبل إعادة فتحها في يوليو من العام ذاته للمسافرين إلى منتجعاتها الساحلية ذات معدلات الإصابة المنخفضة ثم مناطق أخرى مثل الأقصر وأسوان.
ويأمل الوزير أن يشهد التطعيم في بلاده بصورة عامة “وتيرة سريعة جدًا” لطمأنة المسافرين الدوليين، في وقت استؤنفت فيه الرحلات الجوية بين روسيا وشبه جزيرة سيناء.
وكانت موسكو أصدرت قرارا بحظر الرحلات الجوية المباشرة بعد هجوم استهدف في أكتوبر 2015 طائرة ركاب روسية بُعيد إقلاعها من منتجع شرم الشيخ، ما أدّى إلى مقتل 224 شخصاً كانوا على متنها، معظمهم سياح روس. وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية الهجوم.
وأكد العناني أنّ “قرار عودة السياحة إلى مصر ليس قرارا مصريا أصيلا ولكنّه مرتبط بالأسواق المصدّرة”.
ولدعم صناعة السياحة قرّر البنك المركزي المصري مع بداية أزمة كوفيد – 19 توفير 50 مليار جنيه (2.7 مليار دولار) لمنح قروض للمنشآت والشركات السياحية بأسعار فائدة مخفضة تصل إلى 5 في المئة تقريبا.