السوريون ينشدون الخلاص والنظام: لا تغادروا

دمشق – تحولت مناطق سيطرة النظام السوري إلى أشبه بسجن كبير لا تتوفر فيه أدنى مقومات الحياة، وبات هاجس الآلاف من السوريين كيفية الخلاص حتى بالنسبة لأولئك الذين اصطفوا إلى جانبه منذ بداية الأزمة.
ويشكل وقوف الناس في طوابير على الوقود أو الخبز مشهدا مألوفا في العاصمة دمشق، في ظل شح كبير في المادتين وغيرها من المواد الأساسية، نتيجة عدم قدرة النظام على سد العجز جراء العقوبات الغربية المفروضة عليه، وما خلفته الأزمة الاقتصادية في لبنان من آثار واضحة بعد الحجز على ودائع الآلاف من السوريين في المصارف اللبنانية، وهو ما شكّل ضربة قاصمة بحسب ما صرح به الرئيس السوري بشار الأسد.
وتشهد أسعار عدد كبير من المواد الغذائية ارتفاعا جنونيا في أسواق العاصمة دمشق، بالتوازي مع تراجع دراماتيكي لسعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي.
ويسعى النظام إلى التسويق لصورة الحياة الطبيعية في مناطقه عبر آلته الإعلامية، محاولا في كل مرة بث رسائل تطمينية علّها تخفف الشعور بوطأة الأزمة المعيشية، من قبيل قرب وصول الإمدادات ونهاية أزمة شح المواد، مستحضرا من خلال مسؤوليه ووسائل الإعلام الموالية له، تبعات لجوء الكثيرين إلى الهجرة واللجوء للجوار أو لدول أوروبية، من خلال تقديم نماذج مشوهة.
90 في المئة من السوريين في مناطق سيطرة النظام يعيشون تحت خط الفقر
هذه الصورة التي يسعى النظام إلى تمريرها علها تزيح فكرة المغادرة والرحيل التي تسكن الغالبية العظمى من السوريين الموجودين في مناطقه، نقلها إلى اجتماعات اللجنة الدستورية الجارية في جنيف، فقد حرص وفد النظام على إثارة ملف اللاجئين وما يتعرضون له من استغلال في الخارج.
وتحدث الوفد وفق ما نشرته وسائل إعلام سورية عن استغلال اللاجئين سياسيا واستخدامهم من قبل الدول، عبر عدم تسهيل عودتهم إلى سوريا، ونشر معلومات “غير صحيحة” بأن سوريا بلد غير آمن.
واتهم أعضاء الوفد اللاجئين بـ”الدعارة وتزويج القاصرات للخلاص من تكاليف العيش”، إضافة إلى “استغلال اللاجئين ببيع أعضائهم”.
وكان النظام قد احتضن الشهر الماضي بدعم روسي مؤتمرا لتشجيع اللاجئين السوريين على العودة الأمر الذي قابله السوريون في الداخل بتهكم وتندر، متسائلين كيف باستطاعته دعوة الملايين للعودة فيما هو لا يستطيع توفير أبسط الضروريات لمن هم في الداخل، مطالبا البعض منهم بعقد مؤتمر لرحيل من تبقى من سوريا.

يقول نشطاء إنّ السوريين في الداخل فقدوا أي ولاء أو ثقة في النظام، هاجسهم الوحيد هو الفرار من الجحيم الذي يحاوطهم، بغض النظر عما ينتظرهم في الخارج.
ويرى هؤلاء أن تصريحات النظام فقدت مصداقيتها ولم تعد تشكل أي تأثير حتى بالنسبة لقواعده الشعبية.
وحذرت الأمم المتحدة من أزمة جوع قادمة بحلول عام 2021، وركزت في تقريرها على سوريا حيث ذكرت أنها من بين أكثر البلدان في حاجة إلى المساعدة، مطلقة نداء لجمع حوالي 35 مليار دولار لتغطية الأزمة، التي من المتوقع أن ترتفع بنسبة 40 في المئة مقارنة بالعام الماضي تأثراً بانتشار جائحة كورونا.
وبحسب ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال ماجتيموفا، يعيش 90 في المئة من السوريين، تحت خط الفقر في سوريا. ووفق بيانات موقع ”وورلد باي ماب” العالمي تتصدر سوريا أيضًا قائمة الدول الأكثر فقرًا بالعالم، بنسبة بلغت 82.5 في المئة.
وكان المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، ديفيد بيسلي، حذر في وقت سابق من أن سوريا تواجه خطر المجاعة الجماعية أو الهجرة الجماعية مجددًا، ما لم يتوفر المزيد من أموال المساعدات.