السورية رولا سليمان: نخطط لحملة تضامن أكبر مع ضحايا الزلزال تجمع فنانين تشكيليين

الفنانون التشكيليون في سوريا والدول العربية يرفعون شعار "الفن من أجل سوريا".
الخميس 2023/02/16
أعمال للبيع من أجل دعم متضرري الزلزال

الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا حدث كبير، فالخسائر البشرية والمالية هائلة، والآلام التي خلفها عميقة جدا. هب الناس في المنطقة والعالم للمساعدة كل حسب مقدرته. في سوريا لبى فنانون تشكيليون نداء صالة زوايا الفنية، لتنظيم معرض إلكتروني جمعوا من خلاله مبالغ مالية لدعم متضرري الكارثة، كان شعاره “الفن من أجل سوريا”.

بمشاركة ثمانية وخمسين فنانا سوريا من خلال أربعة وسبعين عملا، أقامت صالة زوايا، تحت رعاية وزارة الثقافة السورية، حملة فنية حملت اسم “الفن من أجل سوريا” تضامنا مع المتضررين من الزلزال العنيف الذي ضرب المنطقة. شارك في الحملة فنانون كبار منهم غازي عانا ومصطفى علي وموفق مخول وإدوارد شهدا ومحمد غنوم وعصام المأمون وآخرون. كما شاركت من لبنان الفنانة سارة الدرة، وخصصت الحملة مساحة لهواة الفن التشكيلي، على أن يكون ريع هذه الحملة كله مخصصا لصالح دعم المتضررين من الزلزال، وقد جمع خلال أيام ما يزيد عن الستة وثلاثين مليون ليرة سورية، وهو رقم مرشح للارتفاع حيث تستمر الحملة حتى السادس عشر من فبراير الجاري.

◙ لوحات المعرض تتماهى مع هدفه
لوحات المعرض تتماهى مع هدفه

وكانت البداية من خلال بوست على موقع الصالة الإلكتروني، فبعد تكشف أهوال ما جرى، وتزايد الحملات المنادية بضرورة التحرك والمساعدة، رغبت صاحبة صالة زوايا في المساهمة حسب تخصصها، فأعلنت رغبتها في تنظيم حملة تجمع الفنانين التشكيليين وتذهب عائداتها لفائدة المنكوبين.

 وتقول رولا سليمان لصحيفة “العرب” “في ليلة الزلزال عشنا لحظات الرعب الكبيرة والهلع، لاحظنا منذ البداية الاختلاف الكبير بينه وبين أي وقت سابق كنا فيه تحت رحمة القذائف أثناء الحرب. في الصباح وبعد متابعة الأخبار عرفنا حجم الكارثة التي أصابتنا. فطلبت المساعدة من بعض الأصدقاء، وأدركت أنه يجب أن نصنع شيئا ما ولو بسيطا للتخفيف من هول الكارثة. وبسرعة فكرت في هذه الحملة الإلكترونية، أخبرت الموظف في القسم التقني أنه يجب علينا إيجاد منصة إلكترونية نستطيع من خلالها تنفيذ الحملة، توجهنا نحو منظمه الهلال الأحمر السوري والأمانة السورية للتنمية، واعتمدنا الحسابين الماليين لهما، لكي نربح الوقت ونوفر للمشاركين الشفافية وإمكانية مراقبة تبرعاتهم، بحيث أن من يريد شراء لوحه محددة، ما عليه سوى تحديد رقمها المرفق بها ونحن نقوم بتأمينها له”.

بوكس

وعن كيفية العمل والآلية المتبعة لتمييز اللوحات وتوفيرها ثم بيعها توضح مديرة الصالة “رقمنا اللوحات، والشخص الراغب باقتناء لوحة ما، ما عليه إلا أن يحدد لنا الرقم الخاص بها، ثم نطالبه بصورة الإيصال المالي الذي يثبت أنه سدد ثمنها لصالح الأمانة السورية للتنمية أو منظمة الهلال الحمر السوري، وبمجرد وصول الإيصال نثبت البيع له”.

وعن التفاعل الذي أحدثته الحملة في الوسط الفني السوري تبيّن رولا “كان التفاعل مع الحملة كبيرا وهاما حيث تفاعل معنا الناس من الداخل السوري، سوريين وأجانب، كما تعاون معنا سوريون من الولايات المتحدة وأستراليا وفرنسا ولبنان وأعداد المتفاعلين معنا تكبر كل لحظة”.

وتتابع “بعد أن أنهينا العمل وصرنا جاهزين لإطلاق المنصة كان لدينا خمسة وعشرون فنانا يريدون المشاركة فاعتذرنا منهم خشية أن نخسر الوقت، التفاعل كان كبيرا وشاركت أسماء فنية كبيرة، كما كانت هنالك بعض المواهب غير المحترفة، التي رغبت في أن تساهم في مساعدة أبناء وطنها. تخيرنا منها بعض الأعمال التي تحمل مستوى فنيا مناسبا ويمكن أن نجد لها مقتنيين. كان يجب أن تتاح للهواة هذه المساحة لتعزيز مفهوم الوطن والمبادرة في سبيل دعمهم ومساعدة الآخر عند الأزمات”.

◙ المعرض مساحة لتعزيز مفهوم الوطن
المعرض مساحة لتعزيز مفهوم الوطن 

ولم تجذب الحملة أهل الفن فحسب، بل تفاعل معها أشخاص من المجتمع المدني حيث لم يبخل بعض الفنيين وعمال الشحن بتوفير جهودهم التطوعية والمشاركة في الحملة.

وتقول رولا “من الأمور الهامة التي يجب ذكرها أن تفاعل الناس مع هذا الحدث لم يقتصر على الفنانين، فشركة الشحن ‘كمباس فراي أند لوجيستيك’ وفرت لنا كل خدماتها تطوعيا، وطلبت فقط بعض التسهيلات الإدارية والجمركية من الجهات المختصة، وعندما علم عمال الشحن في مطار بيروت أن هذه اللوحات لمعرض في دمشق لصالح متضرري الحرب عملوا معنا بشكل تطوعي”.

وتضيف “المواطنون البسطاء أيضا قدموا مساعداتهم، كل حسب مقدرته، جارة لنا في البناء مثلا ساعدتنا بتحضير الطعام لنا كونها لا تجيد العمل على الكمبيوتر، وهناك صبية جاءت وطلبت مساعدتنا لعدة ساعات في اليوم وصورت كل اللوحات المشاركة. أناس عاديون اطلعوا على الحملة فقاموا مشكورين بمشاركة منشوراتنا على صفحاتهم، العمل كان طوعيا ودون مقابل، هذا الأمر كان مطلبا لفريق العمل منذ البداية، فنحن نقدم هذا الجهد لمنكوبي الزلزال والمتضررين منه. الشاب الذي صمم لنا المنصة الإلكترونية أنجز عمله خلال يومين، لكنه كان يساهم أيضا برفع الأنقاض عن الضحايا في حلب نهارا ويعمل على إنجاز المنصة ليلا، وكل هذا الجهد تطوعا، خلال يومين أنجزت المنصة وحملنا البيانات وانطلقت الحملة في الوقت المحدد”.

58 فنانا شاركوا بأربعة وسبعين عملا في حملة فنية حملت اسم "الفن من أجل سوريا"

وعن إمكانية تنفيذ حملة ثانية تقول مديرة صالة زوايا “نحن مستعدون لذلك فحجم التفاعل الكبير من الفنانين التشكيليين وسائر المواطنين داخل سوريا وخارجها والفائدة التي تحققت بهذه الحملة السريعة تجعلنا جديين في مواصلة الحملة. بعض الفنانين الذين اعتذرنا عن استقبال أعمالهم في الحملة الحالية ينتظرون منا تجديدها، إضافة إلى بعض الفنانين الآخرين من سوريا وحتى المحيط العربي، فهنالك تواصل مبدئي مع العديد من الفنانين العرب للمشاركة معنا في هذه الحملة ونأمل أن نحقق ذلك لما يخدم الفكرة، كما تفاعل فنانون وإعلاميون من خارج الوسط التشكيلي وقدموا جهدهم وأكدوا أنهم جاهزون لتقديم المزيد من الجهد فيما لو تم متابعة الحملة”.

14