السودان يغامر بفتح ملف رفع الدعم عن السلع الأساسية

سعت الحكومة السودانية لنزع فتيل غضب المواطنين حول مسألة دعم السلع الأساسية، الذي يشكل أحد أبرز الهواجس في إعداد موازنة 2020، بالإعلان أنها ستدخل في حوارات شعبية ليفصل الناس في كيفية اعتماده رغم الظروف المالية الصعبة التي تعاني منها البلاد.
الخرطوم - أعلنت الحكومة الانتقالية السودانية الأحد أنها تعتزم إجراء حوارات موسعة بما فيها المجتمع المحلي لبحث قضية دعم السلع الاستهلاكية المبيعة في الأسواق.
ونسبت وكالة الأنباء الرسمية لرئيس الوزراء عبدالله حمدوك، لدى مخاطبته ورشة عمل بشأن أولويات الفترة الانتقالية قوله إن “النقاش سيكون مع كل قطاعات شعبنا، وسيكون الخيار لشعبنا برفضه أو قبوله”.
واعتبر حمدوك أن قضية غلاء المعيشة والتضخم ودعم السلع الاستهلاكية، من أهم تحديات المرحلة الحالية، في الوقت الذي اعتبر فيه خبراء الخطوة مجازفة لا تخلو من مخاطر.
وكانت الحكومة قد كشفت بعد توليها السلطة في أغسطس الماضي أنها تدرس تقديم دعم نقدي مباشر للمواطنين وخاصة الطبقة الفقيرة في موازنة العام المقبل.
وارتفع معدل التضخم السنوي بالسودان إلى 57.7 بالمئة في أكتوبر الماضي، مقابل 40.3 بالمئة في الشهر السابق عليه.
وتشمل السلع المدعومة في السوق السودانية، المحروقات وتضم البنزين والغازولين وغاز الطبخ، إضافة إلى القمح والأدوية.
وبحسب إحصائيات حكومية سابقة، فإن قيمة الدعم على المحروقات بجميع مشتاقتها، تصل إلى 2.25 مليار دولار سنويا، فيما يصل الدعم للقمح إلى 365 مليون دولار سنويا.
وقال حمدوك إن “إحدى أولويات حكومته في الفترة الانتقالية تتمثل في مكافحة الفساد، والالتزام بمبدأ الشفافية والمحاسبة، واسترداد الأموال المنهوبة”.
وأشار إلى أن ملف الاقتصاد يعتبر قضية محورية وسياسية بالدرجة الأولى.
وقال “نعمل على إعادة هيكلة إصلاح الدولة ووضع سياسة خارجية متوازنة تخدم مصالح السودان وترقية وتعزيز الرعاية والتنمية الاجتماعية، والصحة والتعليم والبنى التحتية”.
ويأمل السودانيون أن تعمل الحكومة على إنهاء اضطرابات متواصلة منذ أن عزل الجيش في أبريل الماضي، عمر البشير من الرئاسة تحت وطأة احتجاجات منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.
ويؤكد محللون أن الملامح الأولية لموازنة العام المقبل تكشف بوضوح عن جحم التحديات، التي تواجه الحكومة في طريق تحقيق مطالب الأوساط الشعبية المتعلقة أساسا بتحسين ظروفهم المعيشية.
وكان وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، مدني عباس مدني، قد قال في تصريحات صحافية مؤخرا، إن “مشروع موازنة 2020 يعتمد على موارد حقيقية وليس توقعات”.
وأوضح أن مشروع الموازنة، يعتمد على تقليل الإنفاق وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وزيادة الصرف على التنمية والتعليم والصحة، بجانب إيجاد حلول لتعظيم الإيرادات وتعزيز الولاية الكاملة لوزارة المالية على المال العام.
وعقدت اللجنة العليا لإعداد مشروع الموازنة، اجتماعها الأول قبل فترة وناقشت خلاله مسودة موجهات الموازنة والبرنامج الزمني المقترح لإعدادها.
ولم تكشف اللجنة عن أي تفاصيل حول حجم الموازنة وبنودها الأساسية أو مقدار العجز المتوقع فيها.
وقال الخبير محمد الناير في وقت سابق إن “استمرار وجود التحديات الاقتصادية المتوارثة منذ النظام السابق وانتقالها كتركة ثقيلة إلى الحكومة الجديدة يعتبر من أهم المشاكل المزمنة”.
ورأى أن الظروف الاقتصادية السيئة، التي يعاني منها السودان ما زالت قائمة، مع استمرار وجوده في قائمة الدول الراعية للإرهاب بما يمنعه من الحصول على القروض والمنح الدولية.
وفقد السودان 80 بالمئة من إيرادات النقد الأجنبي بعد انفصال الجنوب في 2011، آخذا معه ثلاثة أرباع آباره النفطية، بما يقدر بنحو 50 بالمئة من إيراداته.
ويعاني الجنيه من هبوط حاد إذ وصل شراء الدولار 76 جنيها والبيع 74 جنيها، مقارنة بنحو 65 جنيها قبل شهر.