السودان يرضخ لضرورة إصلاح نظام الدعم

الأربعاء 2020/02/12
السلطات غير قادرة على توفير حاجيات المواطنين من الخبز

أجبرت الأوضاع الاقتصادية الهشة الحكومة السودانية على ضرورة الإسراع في إصلاح نظام الدعم من خلال الاستنجاد بالولايات المتحدة لاحتواء الأزمة الاجتماعية المتفاقمة بهدف كبح استنزاف أموال الخزينة العامة، في وقت تعاني فيه البلاد من شح السيولة وغياب محركات النمو والإنتاج.

الخرطوم – اضطر السودان إلى طلب مساعدات أميركية عاجلة لترتيب العديد من الملفات الاقتصادية الحارقة وخاصة تلك المتعلقة بنظام الدعم.

ويأتي هذا التحرك في إطار إعادة هيكلة منظومة البطاقات الذكية، فيما تستعد الحكومة للإعلان عن إصلاحات لنظام الدعم الذي ستطبقه الشهر القادم، تمهيدا لتحرك محتمل في اتجاه التحويلات النقدية.

وقال وزير المالية إبراهيم البدوي إن “العقوبات أعاقت جهود إعداد البطاقات الذكية لإصلاح منظومة الدعم، وإن البنوك الدولية تحجم عن استئناف التحويلات للسودان بسبب إدراج اسمه في قائمة الدول الراعية للإرهاب”.

ولكن البدوي أشار إلى أن الخرطوم تتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن دخول سيتي بنك الأميركي البلاد وحول التمكين من استخدام البطاقات الذكية وبطاقات تحقيق الشخصية لإدارة التحويلات النقدية.

ويهدف السودان لاتخاذ قرار بشأن إصلاحات الدعم بعد اجتماع اقتصادي الشهر القادم بين الحكومة وتحالف مدني ظهر بعد الانتفاضة الشعبية العام الماضي.

ويمثل الدعم السخي للوقود والخبز ضغطا كبيرا على الخزانة العامة ويتسبب في مشكلات في العرض والتوزيع ويشجع السوق السوداء ويذكي الأزمة الاقتصادية.

وتحاول الحكومة الانتقالية التي تشكلت بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير إنقاذ الاقتصاد وإصلاحه لكنها تواجه ضغطا من المواطنين الذين يتعجلون رؤية تحسن في مستويات المعيشة.

ويعاني السودانيون من وقع الأزمة الاقتصادية التي انعكست على حياتهم نظرا لتردي أوضاعهم المعيشية ووقوع الآلاف منهم تحت خط الفقر في ظل انعدام الرؤية وضبابية الإصلاحات.

إبراهيم البدوي: نريد مساعدة أميركية لإصلاح نظام الدعم وتحويلات الدولار
إبراهيم البدوي: نريد مساعدة أميركية لإصلاح نظام الدعم وتحويلات الدولار

وتحاول الحكومة التغلب على القيود التجارية المرتبطة بإدراج السودان على قائمة أميركية للبلدان الراعية للإرهاب حيث لوّح مسؤولون أميركيون بأن السودان سيرفع من القائمة، لكن من غير الواضح متى سيتم ذلك.

وخلال الأيام القليلة الماضية، زاد نقص الخبر والوقود من حدة الأزمة وهو ما دفع القيادات العسكرية الكبيرة الى الاجتماع لتباحث المسألة ومحاولة إيجاد حلول تخرج البلد من دوامة العجز المزمن.

ومن المنتظر أن تشمل المناقشات في مارس المقبل مع ائتلاف قوى الحرية والتغيير تحرير سعر صرف العملة المحلية وتراجع سعر صرف الجنيه إلى ما يقرب من 100 جنيه للدولار في السوق الموازية في الأسابيع القليلة الماضية بينما يبلغ سعره الرسمي نحو 50.4 جنيه للدولار.

وتشكل السوق السوداء، التي تجد فيها التجارة والعملة انتعاشة، عائقا إضافيا من ضمن مجمل الملفات الحارقة أمام الحكومة حيث ينهك اقتصاد الظل كاهل الدولة ويضعف السوق الرسمية.

وأكد البدوي أن السودان سيقدم تقريرا في أبريل القادم لـ”نادي باريس”، الذي يضم الدول الثرية الدائنة للسودان، يتضمن الآليات الممكنة للسماح في دين أجنبي يصل إلى نحو 60 مليار دولار.

ومن التحديات الأخرى التي تواجهها الحكومة الانتقالية المصالح والامتيازات الاقتصادية الواسعة التي يتمتع بها الجيش في السودان. وتبحث الحكومة عن وسيلة لفرض رقابة وزارة المالية على الشركات التي يديرها الجيش.

ويعاني السودان من أزمة حادة في تأمين الوقود وخاصة البنزين، ما أدى إلى تكدس السيارات أمام محطات الوقود، وتغذي هذه الأزمة أيضا نشاطات الاحتكار والتجارة الموازية.

وشهدت العاصمة خلال الأسابيع الماضية، ازديادا في طوابير الخبز والوقود في ظل انعدام قدرة السلطات على توفير الحاجيات اللازمة للمواطنين.

كما عاشت محافظات أخرى مثل عطبرة شمال البلد وكوستي في الجنوب مظاهرات لأربعة أيام على التوالي، احتجاجا على انعدام الخبز والوقود، وللمطالبة بتعيين الولاة المدنيين.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن الاستهلاك المحلي يبلغ مليوني طن من القمح سنويا بقيمة نحو ملياري دولار، ويغطي الإنتاج المحلي بين 12 و17 في المئة فقط من هذه الكمية.

وتسبب مسألة شح السيولة النقدية في السوق ضغوطا على السلطات التي تواجه معاناة كبيرة لتوفير اعتمادات النقد الأجنبي المطلوبة لاستيراد القمح، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.

وأبقت الحكومة على الدعم الموجه للقمح والوقود في موازنة 2020، حتى مارس المقبل، لتتخذ حينها قرارا بشأن استمراره أو إلغائه بعد عقد المؤتمر الاقتصادي.

وتحسين أداء الاقتصادي هو أحد أهداف حكومة عبدالله حمدوك، خلال فترة انتقالية بدأت في الـ21 من أغسطس الماضي، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى التغيير، وتستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات.

10