السودان يتطلع إلى تطوير شبكة سكك الحديد للنهوض باقتصاده المشلول

تقود السلطات السودانية جهودا باتجاه تحديث شبكة السكة الحديدية المتآكلة من خلال السعي لجذب رؤوس أموال عربية ودولية لمشروعها الطموح لدعم البنية التحتية للنقل وتأهيل الخدمات المرتبطة بها في محاولة لإنعاش الاقتصاد من بوابة إنعاش المبادلات التجارية بما يدعم خزينة الدولة مستقبلا.
الخرطوم - كشفت الخرطوم عن خطة طموحة لإنشاء مشاريع للربط عبر السكك الحديدية بدول الجوار بهدف إيجاد منافذ اقتصادية جديدة في إطار جهود لإحياء اقتصاد قوّضته عقود من الدكتاتورية والعزلة العالمية.
وتعتزم هيئة سكك حديد السودان المملوكة للدولة تطوير الشبكة المهترئة في البلد من خلال خطة بقيمة تقدر بحوالي 643 مليون دولار، ثم ربط الشبكة بالدول المجاورة.
وليس لدى الهيئة سوى 60 قطارا ما زالت تعمل ولا يمكنها السير بسرعة تزيد على 40 كيلومترا في الساعة بسبب ضعف العوارض الخشبية والقضبان التي وضعت ما بين 1896 و1930.
وتتسابق شركات خليجية وصينية ومصارف أفريقية على الحصول على حصة من المشروع الضخم الذي من المتوقع أن يعزز المبادلات التجارية للسودان مستقبلا بعد الانتهاء من عمليات إعادة تأهيل الشبكة.

سكك حديد السودان: عدة شركات ومصارف مهتمة بتطوير 2400 كلم من الشبكة
وقالت الهيئة في بيان إن “بنك التنمية الأفريقي وشركة تشاينا ستيت كونستركشن إنجنيرينغ كورب ليمتد وشركات خليجية أبدت اهتماما بتقديم المساعدة في إعادة تشغيل حوالي 2400 كيلومتر من خطوط السكك الحديدية المعطلة حاليا”.
وسوف تنفق الحكومة في البداية 17 مليون دولار لإجراء إصلاحات عاجلة لأجزاء من النصف الآخر من الشبكة المحلية المستخدم بالفعل.
وذكرت مصادر سودانية في القطاع لوكالة بلومبرغ، لم تذكر هويتها، أن هذا المشروع ضروري للتنمية الاقتصادية للبلاد الذي يسعى للخروج من أزماته المالية.
ويسابق السودان الزمن بعد أكثر من عامين من الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير من أجل إنقاذ اقتصاد مثقل بمليارات من الدولارات من الديون الخارجية وقطاع النقل الذي يعاني من آثار عقود من العقوبات والاضطرابات وسوء الإدارة.
وأصيبت خطوط الشبكة والقطارات بأعطال في السنوات الماضية وكسرت العديد من نوافذ العربات في حين ظلت القضبان التي تقف عليها مهجورة في معظم الأحيان.
وكان السودان ذات يوم يضم أكبر شبكة سكك حديدية في أفريقيا إذ كانت قضبانها تمتد لأكثر من خمسة آلاف كيلومتر من الحدود المصرية إلى دارفور في الغرب وبورتسودان على ساحل البحر الأحمر ثم إلى مدينة واو التي تقع الآن في دولة جنوب السودان.
واليوم بعد عقود من سوء الإدارة والإهمال خرجت أغلب خطوط السكك الحديدية في البلاد من الخدمة، لكن الحكومة تريد إعادة بنائها وإعادتها إلى مجدها السابق بمساعدة الأموال والخبرة الصينية.
وتأمل الخرطوم أن يؤدي تحديث السكك الحديدية إلى زيادة صادرات الماشية ومنتجات مثل القطن والصمغ العربي الذي يستخدم في صناعة المشروبات والأدوية. ومن شأن ذلك مساعدة الاقتصاد السوداني الذي انزلق إلى أزمة بفقده أغلب إنتاجه النفطي منذ انقسام السودان.
وسهل رفع الولايات المتحدة تصنيف السودان منذ فترة طويلة كراع للإرهاب في ديسمبر الماضي استيراد المكونات الرئيسية، في حين أن تسوية متأخرات صندوق النقد الدولي تتيح تمويلًا جديدًا.
وفي إطار المرحلة الثانية من مشروع السكك الحديدية التي من المتوقع أن يتم استكمالها بحلول عام 2024، يخطط السودان لإعادة تأهيل الخطوط المهجورة بشكل رئيسي في جنوب البلاد.
وسيؤدي ذلك إلى إعادة الروابط إلى مدن ود مدني وكوستي وسنار، وكذلك نيالا في منطقة دارفور الغربية التي مزقتها الحرب مع إقامة اتصال عبر الحدود مع واو في جنوب السودان.
ويساعد البنك الدولي الذي يعمل على المساعدة في دفع عجلة التنمية بالسودان، في تمويل جزء من المشروع حيث تعهد بتقديم منحة تقدر قيمتها حوالي 75 مليون دولار.
وستكون المرحلة الثالثة من تطوير شبكة سكة الحديد أكثر طموحًا، حيث سيتم ربط السودان مع دول الجوار، إثيوبيا وتشاد وإريتريا وجمهورية أفريقيا الوسطى مما يفسح المجال لتعزيز التبادل التجاري مع تلك الدول.
وبينما ستبني شركة تشاينا إنجنيرينغ خطا سيمتد من بورتسودان على البحر الأحمر عبر دارفور إلى تشاد، سيربط الخط الآخر الذي سيموله بنك التنمية الأفريقي المدينة السودانية الساحلية بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وما يدعم هذا المنحى أن هناك دراسة جدوى بشأنه جارية حاليا.
643
مليون دولار قيمة الاستثمارات التقديرية لتأهيل الشبكة على أن تكون جاهزة بحلول 2024
وتتزايد مشاركة الشركات الأجنبية في قطاعي البنية التحتية والنقل في السودان بعد أن بدأت البلاد تعود إلى التواصل مع الأسواق العالمية.
وقال وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم لوكالة بلومبرغ في وقت سابق هذا الشهر، إن “الإمارات كانت لديها خطة في السابق للاستثمار في مشاريع سودانية، بما في ذلك خط سكة حديد من بورتسودان إلى العاصمة الإثيوبية، لكنه تعثر بسبب نزاع إقليمي بين البلدين الأفريقيين حول منطقة حدودية”.
ووقعت شركة الطيران الألمانية لوفتهانزا في يونيو الماضي اتفاقية مبدئية للمساعدة في إعادة هيكلة شركة الخطوط الجوية السودانية، وهي واحدة من أقدم شركات الطيران في أفريقيا والتي قطعت خلال السنوات الأخيرة معظم خطوطها وواجهت صعوبة في الحفاظ على أسطولها.
وتعتبر الموانئ المطلة على ساحل البحر الأحمر السوداني أيضا موضوع عطاءات تطوير متنافسة من شركات عالمية من بينها موانئ دبي العالمية وشركة تشاينا هاربور الهندسية.