الرياض تستكمل خطط استقطاب الشركات الناشئة للبورصة الموازية

عززت السعودية جهودها في سبيل زيادة زخم الشركات الناشئة كونها أحد مفاتيح النمو الاقتصادي للبلاد مستقبلا من خلال استكمال خطة تقوم على استقطاب هذه الكيانات لطرح حصص لها في البورصة الموازية التي تتمتع بقيود تنظيمية مرنة وبتكاليف أقل، الأمر الذي يكرس سياسة الانفتاح ويكشف تجاوز الحكومة لحذرها التقليدي.
الرياض- انتقلت الحكومة السعودية إلى مرحلة جديدة في مساعيها لاجتذاب طروحات الشركات الناشئة في سوقها المالية الأصغر، والتي تشكل نواة في طريق ترسيخ مكانة قطاع التكنولوجيا في البلاد وزيادة الاستثمارات فيه.
وكشفت مصادر مطلعة أن البورصة المحلية (تداول) تجري محادثات متقدمة مع أصحاب رؤوس الأموال وشركات التكنولوجيا لإعادة صياغة سوق رأس المال الصغير عبر تقديم حوافز لطرح أسهمها في مركز صناعة الشركات الناشئة المزدهرة في الشرق الأوسط.
ويرى خبراء أنه بهذه الخطوة الجديدة تكون الحكومة قد وضعت قدما أخرى في سياسة الإصلاح الاقتصادي ومواصلة تجسيد “رؤية 2030” واقعيا من خلال التركيز على جذب أكبر الشركات العالمية للاستثمار في البلاد، استعدادا لتحويل العاصمة الرياض إلى مركز إقليمي للأعمال.
ويؤكد تسارع خطوات الحكومة في المراهنة على الاستثمار في تكنولوجيا المستقبل لتحقيق عوائد تموّل عملية التحول الاقتصادي غير المسبوقة التي تخوضها، حقيقة الرغبة لدى المسؤولين في تجاوز جيرانهم عبر فورة استثمارية لم تشهدها من قبل في هذا المجال.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن المصادر، التي لم تكشف عن هويتها، قولها إن “المملكة تسعى لتشجيع شركات التكنولوجيا على جمع الأموال عبر السوق الموازية ‘نمو’ الأصغر في البورصة بدلا من القيام بجولات تمويل خاصة”.

شركة جاهز ستكون أول كيان يعتمد الحلول التكنولوجية، يمر بهذه العملية
وأشارت المصادر إلى أن البورصة المحلية لا تقدم حاليا حوافز للإدراج في “نمو”، لكنها تبلغ بعض الشركات الناشئة أنها قد تحصل على إعفاءات تنظيمية لتسهيل عملية الإدراج. ومن المتوقع أن تستمر البورصة في تشجيع الشركات في صناعات أخرى على الإدراج في سوق “نمو”.
وعندما تم إطلاق سوق “نمو” رسميا في فبراير 2017 كان القصد منه تزويد الشركات الصغيرة بطريقة أسهل للاكتتاب العام، مع قواعد إدراج أقل تقييدًا ومتطلبات إفصاح أكثر مرونة من المعتاد.
وتهدف “نمو” بالأساس إلى إتاحة الفرصة أمام الشركات المؤهلة الصغيرة والمتوسطة لتنويع مصادر التمويل من أجل توسيع وتطوير أعمالها ونشاطاتها مما يسمح لها بالانتقال إلى السوق الرئيسية بعد تحقيق جميع شروط الإدراج في “تداول”.
ومن المتوقع أن تكون شركة جاهز الدولية لتكنولوجيا المعلومات، وهي شركة توصيل الطعام، أول شركة تعتمد الحلول التكنولوجية تمر بهذه العملية.
ومنذ إطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي في أبريل 2016 حرصت الرياض على جذب المزيد من الاستثمارات في التكنولوجيا، وتشجيع رواد الأعمال الشباب على إنشاء أعمالهم الخاصة من أجل المساعدة في خلق فرص العمل وتنويع الاقتصاد.
وتزايدت المؤشرات منذ ذلك الحين على حدوث تحول كبير في درجة الإقبال على المخاطرة في استثمارات صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة السيادية)، الذي بات يبحث عن فرص في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والتجارة الإلكترونية، بعد أن كان يركز لعقود طويلة على الاستثمارات التقليدية المحافظة.
وحتى تنجح الخطة، خففت الحكومة القيود التنظيمية بما في ذلك القيود على الملكية الأجنبية، التي كانت سببا في عزوف المستثمرين لفترة طويلة منذ انهيار أسعار الخام في منتصف 2014 الذي سلط الضوء على الحاجة إلى تنويع الاقتصاد السعودي القائم على النفط.
وفي حين تدعو خطط الإصلاح لجذب استثمارات أجنبية على نطاق واسع في مختلف القطاعات، سعى المسؤولون لاستمالة أقطاب وادي السيليكون لاسيما في العامين الماضيين لدعم طموحاتهم في مجال التكنولوجيا الفائقة.
ويقول محللون إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان معروف بحماسه الشديد للتكنولوجيا، فأثناء زيارة رسمية للولايات المتحدة في 2016 التقى مع الرؤساء التنفيذيين لشركات فيسبوك ومايكروسوفت.
كما التقى بالرئيس التنفيذي لشركة أوبر تكنولوجيز، التي اشترى فيها صندوق الثروة السيادية، الذي يرأسه الأمير محمد حصة قيمتها 3.5 مليار دولار.
كما تم تأسيس صندوق لاستثمارات التكنولوجيا بقيمة 45 مليار دولار مع سوفت بنك الياباني وأعلن عن خطط لإنشاء مدينة مستقبلية للتكنولوجيا الفائقة بقيمة نصف تريليون دولار.
وفي دليل على قدرة بيئة الأعمال السعودية على جذب شركات التكنولوجيا لسوقها الواعد، أبرمت مجموعة سوفت بنك اليابانية الشهر الماضي أول صفقة استثمارية لها في البلاد، وذلك بالشراكة مع الصندوق السيادي ضمن خطط للتوسع تشمل الشرق الأوسط وقارة أفريقيا.
منذ إطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي في أبريل 2016 حرصت الرياض على جذب المزيد من الاستثمارات في التكنولوجيا، وتشجيع رواد الأعمال الشباب على إنشاء أعمالهم الخاصة
وأعلنت المجموعة الشهر الماضي عن تقديم تمويل بقيمة 125 مليون دولار من خلال صندوق رؤية 2 للاستثمار في منصة اتصالات العملاء يونيفونيك، وهي شركة تتخذ من الرياض مقرا لها.
وفي وقت سابق هذا العام، تم الإعلان عن شراكات مع شركات أميركية، في مقدمتها عملاق الإلكترونيات أبل، وكذلك ألفابايت الشركة الأم لشركة غوغل، لفتح أكاديميات تطوير البرمجيات والتدريب على الترميز.
ويعطي اختيار هاتين الشركتين للسعودية كمركز لهما لريادة الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمحة عن الجهود التي بذلها المسؤولون طيلة السنوات الأخيرة من أجل جذب عمالقة وادي السيليكون للاستثمار في البلد الخليجي.