الرواج السياحي ينعش الصناعة التقليدية في المغرب

كثفت الحكومة المغربية من تركيزها على وضع محفزات تحرك نمو نشاط الصناعات التقليدية بشكل أكبر خلال السنوات المقبلة أملا في إنعاشه وزيادة الصادرات، وسط حالة تفاؤل بين أوساط القطاع التي تترقب تحسن أعمالها وتحقيق المزيد من المكاسب.
الرباط - لمس المهنيون في قطاع الصناعة التقليدية المغربية تحسنا ملموسا في رقم معاملاتهم نتيجة إقبال السياح الأجانب على شراء منتجات أعمالهم، وزيادة الطلب على المنتجات المصنعة محليا في الخارج.
ويتماهى هذا الشعور مع تأكيدات وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور بأن القطاع يعرف انتعاشا بسبب الرواج الذي تشهده السياحة.
وقالت أثناء مشاركتها في جلسة بمجلس المستشارين الثلاثاء الماضي، إنه “لأول مرة تجاوزت صادرات الصناعة التقليدية مليار درهم (100 مليون دولار) العام الماضي”، وهو ما يعد إنجازا غير مسبوق.
واستمر الانتعاش خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام بارتفاع نسبته 8 في المئة بمقارنة سنوية، وفق عمور، وذلك دون احتساب المنتجات التي يقتنيها السياح والتي ستصل بنهاية العام إلى 10 مليارات درهم (980 مليون دولار).
وشددت الوزيرة على أن الهدف من تنمية هذه الصناعة هو الرقي بها لتصبح قطاعا حديثا وتنافسيا، كون الإستراتيجية المتبعة تعتمد على هيكلة وتنظيم من جهة، وتطوير العرض والتسويق من جهة ثانية.
واكدت على جاذبية قطاعي السياحة والصناعة التقليدية بعد المجهود، الذي تم القيام به لإبرام اتفاقات تخص النقل الجوي، وكذلك ما تم القيام به في مجال الترويج للمنتوج المتنوع.
وكانت الوزارة قد وقّعت مع مؤسسة دار الصانع الأربعاء الماضي بالرباط على اتفاقيتي شراكة مع الخطوط الملكية المغربية وشركة خدمات الشحن واللوجستيات العالمية (يو.بي.أس) لشحن منتجات الصناعة التقليدية.
وتهدف الاتفاقية إلى اعتماد أسعار تفضيلية لنقل منتجات إلى الخارج، ودعم جهود الوزارة لزيادة حجم الصادرات.
وأكد المدير العام لدار الصانع طارق الصادق على الدور المهم، الذي ستلعبه الاتفاقية للنهوض بالقطاع عبر مختلف الوسائل، ومن الاستفادة من أسعار تفضيلية على أنشطتهم للنقل الدولي لإيصال تلك المنتجات إلى الخارج.
ودار الصانع، التي حلت محل مكتب الصناعة التقليدية في 1999، تركز على إنعاش تسويق منتوجات وخدمات القطاع في السوقين المحلية والدولية، وتنفيذ السياسة الحكومية في هذا المجال.
وأشار بونوا بيار، المدير العام لشمال أفريقيا لدى يو.بي.أس، إلى أن الاتفاقية ستدعم تصدير الصناعة التقليدية إلى الأسواق الدولية، مع المساهمة في الاعتراف بالمهارات الاستثنائية للصناع التقليديين.
وتلعب الصناعة التقليدية المغربية بمكونيها الإنتاجي والخدماتي دورا هاما داخل المشهد السوسيو – اقتصادي والثقافي بالمغرب عبر توفير الآلاف من فرص العمل.
ويساهم قطاع الصناعة التقليدية بنسبة 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ويوظف 2.4 مليون شخص، أي حوالي 22 في المئة من القوة العاملة النشيطة بالبلاد.
وارتباطا بالانتعاش في الصناعة التقليدية بالمغرب سجلت عمور، وجود رواج قوي في السياحة مع بلوغ 12 مليون وافد على البلاد في الفترة بين يناير وأكتوبر الماضيين.
وأوضحت أن هذا العدد يمثل زيادة قدرها 39 في المئة على أساس سنوي، فيما بلغ عدد ليالي المبيت 22 مليون ليلة، أي بزيادة قدرها 41 في المئة مقارنة مع العام الماضي.
وتعمل وزارة السياحة على تسريع المشاريع المرتبطة بالتراث الطبيعي والثقافي والشاطئي لخلق منظومة سياحية مندمجة وربطها بمنتجات الصناعة التقليدية.
ويطالب برلمانيون بضرورة مراعاة العدالة أثناء تفعيل إستراتيجيات تطوير القطاع، وكذلك التخفيض من الأعباء الضريبية على المواد الأولية المستوردة المستخدمة في الصناعة التقليدية، ودعم مختلف المهنيين في هذا القطاع.
وتتمتع العلامة “المغرب صنع يدوي” بسمعة إيجابية بعد تحسين المعرفة بالطلب والأسواق، والتي تم تأكيدها بغالبية الأسواق الواعدة عبر المجهودات الترويجية المبذولة.
وتقول عمور إن إصدار قانون خاص بتنظيم أنشطة الصناعة التقليدية، وينظم 172 مهنة، يشكل دفعة لتنمية القطاع مستقبلا، كما تم وضع السجل الوطني للصناعة التقليدية والذي عرف تسجيل 377 ألف شخص ينشط في المجال.
ويعتبر السجل مهما للاستفادة من التغطية الصحية، حيث تم اليوم بلوغ 620 ألف مسجل في صندوق الضمان الاجتماعي، سيستفيدون من برامج الدعم والتمويل والتكوين.
وكنتيجة لذلك شهدت صادرات الصناعة التقليدية نموا استثنائيا خلال العام الحالي، حيث سجلت قيمة إجمالية بلغت 95 مليون درهم (9.3 مليون دولار)، بنسبة ارتفاع تبلغ 39 في المئة على أساس سنوي.
ويتوقع المهنيون تطور الطلب على منتجات القطاع، في ظل المؤشرات الإيجابية التي برزت من خلال إحصائيات عدد السياح، الذين يتوافدون على الوجهة المغربية، وربطهم بالمنتوج المحلي والترويج له خارج البلد.
وبرزت أربع مجموعات من المنتجات التي يكثر الطلب عليها، الفخار والزرابي وصناعة السلال والملابس التقليدية، حيث استحوذت على 82 في المئة من الصادرات الإجمالية، وذلك عبر حصص بلغت على التوالي 39 و23 و11 و9 في المئة.
كما حققت مجموعتان من المنتجات نجاحا هاما، ويتعلق الأمر بصناعة النحاسيات، التي فاق أداؤها أربع مرات النتيجة المحصلة خلال العام الماضي، وكذلك الخشب الذي بلغ معدل تطوره 140 في المئة.
أما في ما يخص أسواق الطلب، فقد أحرزت الولايات المتحدة تقدما بتسع نقط، محققة بذلك حصة قدرها 44 في المئة، لتحافظ من خلال هذا الأداء على مركزها الأول على رأس الدول المستوردة للصناعة التقليدية المغربية.
واعتمدت الحكومة في مارس الماضي خطة للفترة الممتدة بداية من هذا العام وإلى غاية العام 2026 بميزانية تناهز 6.1 مليار درهم (580 مليون دولار) بهدف استقطاب 17.5 مليون سائح خلال السنوات الأربع المقبلة.
ويهدف المغرب من خلال هذه الخطة إلى توفير 200 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وتحقيق 120 مليار درهم (11.5 مليار دولار) كعائدات سنوية من القطاع المدر للعملة الصعبة.
وكشفت عمور نهاية يناير الماضي أن بلادها تترقب جذب نحو 2.7 مليار دولار خلال هذا العام وحتى حلول 2026 مع توجيه حصة من رؤوس الأموال نحو المشاريع الترفيهية.