الرفاق الخياليون يعزّزون التطور الاجتماعي لدى الطفل

لندن – تشير الدراسات العلمية إلى أن 65 في المئة من الأطفال يلعبون مع أصدقاء غير مرئيين، وهو ما يفنّد الاعتقادات السائدة بأن ذلك يعكس اضطرابا نفسيا أو عاطفيا لديهم.
ويذهب علماء النفس إلى اعتبار الأصدقاء الخياليين علامة على تقدم نمو الأطفال بطريقة إيجابية، ويشيرون إلى أنهم يبدأون عادة في اختلاق الأصدقاء الخياليين في السن الثالثة إلى الخامسة من أعمارهم.
ويشير خبراء التربية إلى أن الأطفال العاديين ليسوا فقط من يستمتعون باللعب مع أصدقاء خياليين، بل أيضا الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون والمصابون بمرض التوحد.
ويؤكدون أن ظاهرة الأصدقاء الخياليين غالبا ما تحدث في سن الطفولة، وأحيانا في مرحلة المراهقة، ونادرا في مرحلة البلوغ. وتعتبر هذه الشخصيات بمثابة حراس للطفل يلعبون معه، ويكشفون قلقه ومخاوفه وأهدافه وقدرته على فهم العالم من خلال تلك المحادثات التي يقوم بها.
وفي حين يرى البعض أنه لا يمكن لبعض الأطفال تمييز أولئك الأصدقاء الخياليين عن الأشخاص الحقيقيين، يرى البعض الآخر أنهم يرون هذه الشخصيات فقط في خيالهم، وهناك نوع ثالث من إدراك الطفل للصديق الخيالي وهو عندما لا يراه مطلقا ولكن يشعر بوجوده، وغالبا ما تعتبر ظاهرة الأصدقاء الخياليين شيئا غير طبيعي عندما تحدث للكبار، في حين تكون شيئا عاديا إلى حدٍ ما بالنسبة إلى الأطفال.
ويختلق الأطفال الأصدقاء الخياليين لأسباب عديدة أبرزها التخفيف من الشعور بالوحدة، حيث يتميز كل صديق وهمي بكونه فريدا وخالصا لصاحبه ويمكنه اللعب معه في كل حين.
خبراء علم النفس يؤكدون أن الأطفال الذين يملكون أصدقاء خياليين يستطيعون تفهّم الآخرين بشكل أفضل من أقرانهم الآخرين
ويكون الأطفال الوحيدين الذين ليس لديهم إخوة وكذلك أول المولودين الأكثر عرضة لاختلاق أصدقاء خياليين يلعبون معهم. كما يعمد بعض الأطفال إلى اختلاق أصدقاء خياليين، لإلقاء اللوم عليهم عند إساءة السلوك أو عند إتيان فعل يستحق العقاب. ووفقا للأطفال الذين يختلقون أصدقاء خياليين، فإنهم في الكثير من الأحيان هم السبب في النوافذ المكسورة أو الغرف غير المرتبة.
ويؤكد خبراء علم النفس أن الأطفال الذين يملكون أصدقاء خياليين يستطيعون تفهّم الآخرين بشكل أفضل من أقرانهم الآخرين. ما يعني أن بإمكانهم أن يفكروا كيف أن الآخرين يرون الأمور بشكل مختلف عنهم، وهو أمر يمكن بدوره أن يساعدهم في المواقف الاجتماعية.
وهو ما بيّنته العديد من الدراسات التي أشارت إلى أن الصغار الذين يختلقون أصدقاء خياليين يتسمون بكونهم أكثر وعيا اجتماعيا مقارنة بالأطفال الآخرين الذين لا يملكون أصدقاء خياليين.
كما بيّنت الدراسات أن الأطفال الذين يملكون أصدقاء خياليين يكونون أكثر إبداعا من نظرائهم. وأنهم يركزون على عقول الآخرين أكثر مما يركزون على هيئاتهم أو مظاهرهم. فقد أظهرت الأبحاث أن هؤلاء الأطفال يميلون عند وصف أصدقائهم الحقيقيين إلى الحديث أكثر عن شخصياتهم أكثر من وصف هيئاتهم أو ملامحهم. كما تبيّن أيضا أنهم يملكون فهما أفضل لأنفسهم، ولحقيقة أنه لا يمكن البوح بأفكارهم، وهو أمر يجد الأطفال عادة صعوبة في فهمه.
ويصعب حاليا على الخبراء ومع كل هذه الفوائد معرفة ما إذا كان الأصدقاء الخياليون هم من يُكسِبون الأطفال تلك القدرة على الإبداع، أم أن الأطفال الذين يتميزون بكونهم أكثر إبداعا ووعيا اجتماعيا يكونون أكثر ميلا لاختلاق مثل هؤلاء الأصدقاء. إلا أنهم يرجّحون أن اللعب مع الأصدقاء الخياليين يعزز مع الوقت قدرات الأطفال الاجتماعية، حتى لو كان أساس تلك القدرات جيدا منذ البداية.