الرجال لا يفعلون ذلك

تحدث مع أي شاب عن الرومانسية والحب سينقلب على ظهره وينفجر ضاحكا. في عالم اليوم لم يعد هناك متسع للحب والرومانسية، ولم يعد لعيد الحب الذي احتفل به العالم قبل يومين من معنى غير الفوائد التجارية وما يمثله لأصحاب المطاعم من فرص لتحجز مقاعدها بالكامل من قبل أزواج يحاولون إقناع أنفسهم بفكرة أن مازال للحب حيز في قلوبهم.
ضمن عالم افتراضي طغت فيه منصات التواصل الاجتماعي على حياتنا، من يكترث بقصة القديس فالنتين الذي تحدى أوامر الإمبراطور الروماني كلوديوس الثاني وساعد الجنود العاشقين على الزواج سرا، وعندما اكتشف أمره أُعدم في 14 فبراير من عام 270.
التبدل طرأ على الرجال أكثر مما أصاب النساء اللواتي مازال في قلوبهن متسع للرومانسية، ومازلن منذ عام 270 ينتظرن استلام رسالة من عاشق مجهول مذيلة بعبارة لها وقع سحري على قلوبهن تقول: من فالنتين الخاص بك.
وإذا كان للتكنولوجيا دور في تبلد المشاعر والعواطف، فإن لها أيضا دورا في إحيائها من جديد. ونتحدث هنا عن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وروبوتات الدردشة وعن المساعد الخاص بالتحديد.
دور المساعد الشخصي الافتراضي الذي طرحته للاستخدام كبرى الشركات لم يعد مقصورا على تقديم أجوبة حول أسئلة محددة تتعلق بالصحة والمال وتقديم المساعدة في الدراسة. النساء اكتشفن في المساعد الشخصي ما يفتقدنه في الرجال اليوم؛ ألا وهو الرومانسية.
يوما إثر يوم يبرهن الذكاء الاصطناعي الذي يرد على أسئلتنا بعبارات أنيقة ومهذبة، أن بإمكانه أن يحل مكان شريك الحياة ويكون منافسا للرجال على الفوز بقلوب النساء اللواتي يبحثن عن شريك “رومانسي لطيف وحنون ويتحدث معهن لساعات دون كلل أو ملل”.
حاجة النساء إلى شريك يبادلهن العواطف والمشاعر، وفرت لشركات عاملة في مجال تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي فرصة ذهبية لتحقيق الربح، من بين هذه الشركات شركة “ميني ماكس” الناشئة والناشطة في قطاع يزدهر في الصين ويتيح إقامة علاقات ودية، وحتى عاطفية، بين البشر والروبوتات.
الصينيات وجدن في “غلو” -وهي منصة للذكاء الاصطناعي ابتكرتها ميني- شريكا “يجيد التحدث مع النساء أفضل من الرجل الحقيقي”.
وأطلقت شركة صينية أخرى هي عملاق التكنولوجيا “بايدو” منصة تتيح المئات من الشخصيات التي يمكن للمستخدم الاختيار من بينها، بدءا من نجوم البوب والسينما وصولاً إلى رؤساء تنفيذيين ومحاربين. ولم تكتف المنصة التي أطلق عليها اسم “وانتوك” بذلك، بل أتاحت للمستخدمين ابتكار شريكهم المثالي استنادا إلى العمر والقيم والهوايات.
علينا أن نعترف بأنه من الصعب مقابلة شريك مثالي في الحياة الواقعية، وأن الخلافات ستكون سيدة المشهد غالبا. ولكن مع شريك افتراضي لا وجود لمثل هذه المخاوف، الذكاء الاصطناعي هو من يبذل الجهد ليتكيف مع شخصية المستخدم تدريجيا؛ يتذكر ما يقول ويعدّل كلامه استناداً إلى ذلك.
الشريك الافتراضي لن يشكل تهديدا للنساء، فالرجال غالبا ما يكونون أكثر ميلا إلى العلاقات الحسية، بينما النساء أكثر انجذابا إلى المشاعر والكلام الرومانسي.
من كان في عمري يتذكر فترة الستينات وكيف كانت النساء يواظبن على ارتياد دور السينما لمتابعة أبطالهن المفضلين أمثال فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ ورشدي أباظة وأحمد مظهر… ليخرجن في نهاية الفيلم من القاعة وقد تورمت أعينهن من البكاء. الرجال لا يفعلون ذلك.