الرئيس الجزائري يغيب عن مؤتمر باريس حول ليبيا ردا على التصريحات الفرنسية

حضور هاريس إشارة دعم أميركية لمسار الانتخابات في ليبيا.
الجمعة 2021/11/12
سجالات سياسية متصاعدة بين الجزائر وفرنسا

دخلت العلاقات الفرنسية - الجزائرية مرحلة جديدة من التوتر والخلافات، حيث أكد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون عدم حضوره مؤتمر باريس الدولي من أجل ليبيا، ردّا على تصريحات نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون التي شكك من خلالها في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي.

باريس - صعّدت الجزائر في وتيرة خلافاتها مع باريس التي ستحتضن مؤتمرا دوليا حول ليبيا اليوم الجمعة، بعدما أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية أن الرئيس عبدالمجيد تبون لن يحضر المؤتمر الذي سيشهد مشاركة ثلاثين رئيس دولة وحكومة، بينهم نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن، في خطوة للردّ على تصريحات إيمانيول ماكرون بشأن الجزائر.

وأعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الأربعاء أن الرئيس عبدالمجيد تبون لن يسافر إلى العاصمة الفرنسية باريس، رغم تلقيه دعوة من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن المشاركة في المؤتمر الدولي حول ليبيا.

وجاء ذلك خلال ندوة صحافية عقدها لعمامرة في ختام مؤتمر رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية بنادي الصنوبر في العاصمة.

وحول الدعوة التي وجّهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشكل رسمي إلى نظيره الجزائري للمشاركة في الاجتماع، قال لعمامرة إن “الجزائر ستكون حاضرة للمساهمة في الجهود الدولية لحلّ الأزمة في ليبيا، لكنّها لن تبادر بأي خطوة للتخفيف من حدّة التوتّر الذي تمرّ به علاقاتها الثنائية مع فرنسا”، مؤكدا “عدم مشاركة الرئيس تبون”.

رمطان لعمامرة: لم يتم استيفاء الشروط لمشاركة الرئيس تبون شخصيا

وأضاف لعمامرة “لم يتم استيفاء الشروط لمشاركة الرئيس شخصيا، ومع ذلك ستكون الجزائر ممثلة في الاجتماع، بسبب إصرار أشقائنا الليبيين على ذلك”.

وتشهد العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر وباريس توترا على خلفية تصريحات للرئيس الفرنسي شكك فيها في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي (1830).

وكان الرئيس الفرنسي قد تمنى مشاركة نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون في مؤتمر باريس حول ليبيا، وفق ما جاء في بيان لـ”الإليزيه” الثلاثاء، معبّرا عن أسفه لـ”الجدل وسوء التفاهم الذي ساد مع الجزائر في الفترة الأخيرة”، مضيفا أنه “يحترم كثيرا الأمة الجزائرية وتاريخها وسيادة الجزائر”.

واعتبر لعمامرة أن “التصريح الذي أطلق من الإليزيه الثلاثاء هو خلاف لما تسبب في الأزمة، ويحمل أفكارا معقولة تحترم الجزائر تاريخا ماضيا وحاضرا، ووصف دورها بأنه أساسي في المنطقة”.

وأضاف لعمامرة أن “العلاقات مع فرنسا معقدة بحكم التاريخ والجغرافيا وتواجد جالية كبيرة هناك”، مشددا على أن “الجزائر دولة مستقلة استقلالا كاملا ولا تتأثر لدول أجنبية مهما كان وزنها”.

وتوترت العلاقات بين الطرفين في الفترة الأخيرة، على خلفية تصريحات ماكرون، ما دفع الجزائر إلى إغلاق مجالها الجوي أمام الجيش الفرنسي، الذي يقاتل في مالي المجاورة، وإلى استدعاء سفيرها.

وقال مسؤول رئاسي فرنسي “إن الجزائر طرف رئيسي في المنطقة، وإن ماكرون يريد أن يحضر الرئيس الجزائري”. وسعى للتعبير عن أسف ماكرون بعد التعليقات التي أدلى بها لمجموعة من الشبان، الذين كانوا يبحثون الخلافات التاريخية بين البلدين.

الجزائر أبرز الغائبين عن مؤتمر ليبيا في باريس
الجزائر أبرز الغائبين عن مؤتمر ليبيا في باريس

وقال “الرئيس يأسف للخلافات وسوء الفهم الذي نجم عن التصريحات المذكورة، والرئيس ماكرون يحترم كثيرا الأمة الجزائرية وتاريخها وسيادة الجزائر”، مضيفا أن ماكرون “مهتم بشدة بتنمية بلدينا ثنائيا لصالح الشعبين الجزائري والفرنسي، وأيضا لمواجهة التحدي الكبير في المنطقة بدءا من ليبيا”.

وقال الرئيس الجزائري السبت إنه لن يتخذ “الخطوة الأولى لتخفيف التوتر”، وأضاف لمجلة “دير شبيغل” الألمانية أن ماكرون “فتح صراعا قديما بطريقة سخيفة تماما”.

ويضغط ماكرون من أجل المزيد من الشفافية في ما يتعلق بماضي فرنسا مع الجزائر، حيث كلف المؤرخ بنيامين ستورا بإصدار تقرير عن ذلك.

ودعا التقرير إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الحرب، لكن الرئيس الفرنسي استبعد إصدار أي اعتذار رسمي.

وتحتضن باريس اليوم الجمعة المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي يرعاه الرئيس إيمانويل ماكرون، وتشارك في إدارته كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا والأمم المتحدة، فضلا عن مشاركة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونائبة الرئيس الأميركي كاميلا هاريس.

وزير الخارجية الجزائري يعلن أن الرئيس عبدالمجيد تبون لن يسافر إلى العاصمة الفرنسية باريس، رغم تلقيه دعوة من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن المشاركة في المؤتمر الدولي حول ليبيا

وصرّح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بأن “مشاركة الرئيس في هذا المؤتمر الهام تأتي تلبية لدعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفي ضوء العلاقات الوثيقة التي تربط مصر وفرنسا، فضلا عن دور مصر المحوري في دعم المسار السياسي في ليبيا الشقيقة على الصعيد الثنائي والإقليمي والدولي”.

وبينت السفارة الأميركية لدى ليبيا في تغريدة لها أن السفير الأميركي وصل إلى باريس الثلاثاء، ضمن وفد نائبة الرئيس كاميلا هاريس، قائلا “نحن ندعم الغالبية العظمى من الليبيين الذين يريدون المشاركة في انتخابات سلمية في الرابع والعشرين من ديسمبر، ولهم رأي في مستقبل ليبيا موحدة ومستقرة من دون تدخل أجنبي”.

ويرى مراقبون أن حضور هاريس سيكون مهما باعتبارها تمثل أعلى مستويات الحضور الأميركي في الاجتماعات المتصلة بالأزمة الليبية خلال السنوات الماضية، وهو ما يشير إلى رغبة في حسم الملفات المهمة، وخاصة ملفي الانتخابات والمقاتلين الأجانب. 

وسبق أن قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن “تنظيم الانتخابات المقرر إجراؤها في ليبيا شهر ديسمبر المقبل، ضروري لإخراج البلاد من الأزمة السياسية والأمنية التي تمر بها منذ سنوات”.

وأكدت الوزارة في بيان لها أن “إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية أمر ضروري للاستقرار والمصالحة السياسية في ليبيا، وهو ما يتوافق مع إرادة الشعب الليبي التي عبّر عنها ملتقى الحوار السياسي وأيّدها مجلس الأمن الدولي”.

4