الذكاء العاطفي يقود الحياة الزوجية إلى النجاح

عمان - يؤكد استشاريو العلاقات الأسرية أن الذكاء العاطفي يتعرض لأهم اختباراته داخل الحياة الزوجية، لأنها مبنية بقوة على العاطفة بين الزوجين.
ويشيرون إلى أن الفرد المتمتع بالذكاء العاطفي، يكون أقدر على فهم مشاعره ومشاعر شريك حياته، وأبرع في التعامل مع المشكلات والانتقادات والهفوات الصادرة من الطرفين بهدوء وروية، كما أنه سيكون أكثر عطاءا من ناحية الحنان والعطف والرعاية، ما يقود الحياة الزوجية إلى النجاح.
وتقول ناثيا فاخوري خبيرة الذكاء العاطفي “إن الذكاء العاطفي أو ما يطلق عليه الحاصل العاطفي هو مقدرة الفرد على فهم العواطف بفاعلية والتحكم بها وهو المسؤول عن تحديد ملامح علاقة الشخص مع ذاته ومع الآخرين”.
وتضيف، أنه على عكس الذكاء المتعارف عليه فإن الذكاء العاطفي يتميز بالمرونة ومن الممكن تحسين هذه المهارة من خلال الإدراك المتزايد والالتزام بالتغيير.
وتؤكد فاخوري أن الدراسات العلمية أثبتت أن الأزواج السعداء يتميزون بامتلاكهم لذكاء عاطفي يميزهم عن أقرانهم ما يجعلهم قادرين على بلورة علاقاتهم وتفادي مشاعرهم السلبية. وترى أنه من الضروري أن يكون كل من الزوجين على وعي ودراية بأهمية تفهم مشاعر الآخر.
في دراسة علمية دقيقة، تم النظر إلى مستوى الذكاء العاطفي عند 1119 زوج وزوجة وعلاقته برضاهم عن حياتهم الزوجية، وُجد أنهم الأذكى عاطفيًا.
ويعرف عبدالعزيز الخضراء الكاتب والباحث التربوي الأردني الذكاء العاطفي بأنه قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع نفسه والآخرين بما يحقق أكبر قدر من السعادة له وللآخرين الذين يعايشهم.
وإذا كانت مكونات الذكاء العقلي هي قدرة على الاستقراء والتحليل والتركيب. والقدرة على استخدام اللغة والرياضيات والتعامل مع الأشكال الفراغية، فإن مكونات الذكاء العاطفي هي القدرة على قراءة مشاعر الذات والتعامل الإيجابي معها، والقدرة على قراءة مشاعر الآخرين والتعامل الإيجابي معها.
ويخلق غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين نوعًا من التبلّد في المشاعر والأحاسيس، والذي يتطور ليصل إلى البُعد الجسدي والعاطفي، وفي النهاية يكون الانفصال الصامت أو النهائي.
وأوضحت المستشارة الأسرية الأردنية أحلام النجار، أن 50 في المائة من حالات الطلاق سببها غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين، الأمر الذي يخلق نوعًا من الخلافات الأسرية التي غالبًا ما تنتهي بالطلاق.
وأفادت النجار أن الدراسات الحديثة أثبتت أن الأزواج السعداء ليسوا أذكى أو أغنى أو أكثر ثقافة من الأزواج التعساء، وليسوا بالطبع متخصصين في علم النفس أو فن التواصل، بل هم يتجادلون ويختلفون مثل الباقين، مبيّنة أن ما يميز هؤلاء الشركاء هو امتلاكهم لذكاء عاطفي متقدم عن الآخرين يجعلهم قادرين على بلورة علاقتهم وعدم السماح للمشاعر السلبية بأن تطغى أو تسيطر على علاقتهم، ما يمنحهم اللذة والحافز للبقاء معًا.
ويحتاج نجاح الزواج، وفق خبراء علم الاجتماع، إلى توافق في طريقة التفكير حيث إن أغلب الناس لديهم فروقات في النظر إلى موضوعات مختلفة ولكن لا يسمحون لها بالتأثير على علاقاتهم، وهذه الفوارق بديهية نظرًا للأسباب الوراثية والنفسية والتربوية.
ويؤكد الخبراء أنه عندما يدرك الزوجان هذه الفوارق سينظران إلى الاختلاف على أساس أنه أمر طبيعي، بل مصدر لإغناء الشخصية، وليس مصدرًا للصراع، وأن الشخص المختلف يُغني تجربتنا في الحياة ويُرينا الأمور من زاوية تختلف عن زاوية رؤيتنا لها.
ويشير الخبراء إلى أن الاختلاف لا يمكن تجاوزه دائما حيث توجد مبادئ أساسية يجب الاتفاق عليها منذ البداية. ومن ليس لديه ذكاء عاطفي قد يصل بالخلاف إلى الصراع، ومن عنده ذكاء عاطفي سيجعل من هذا الاختلاف فرصة ليظهر حبه واحترامه للطرف الآخر ويؤكد له أن الحب أرفع من أن يمسه الخلاف.