الدعوة إلى عودة البرلمان تكشف عزلة الغنوشي

تونس – وضع راشد الغنوشي رئيس مجلس النواب المجمد نفسه في وضع صعب بعد دعوته لعودة نشاط البرلمان، وقوبلت هذه الدعوة بردة فعل قوية من نواب وسياسيين ونشطاء على مواقع التواصل، وهو ما يكشف عن عزلة رئيس حركة النهضة في الشارع التونسي.
وقال الغنوشي الجمعة إن البرلمان في حالة انعقاد دائم، ودعا النواب إلى استئناف العمل متحديا قرار الرئيس قيس سعيد بتعليق عمل المجلس.
واعتبرت أوساط تونسية متابعة أن الغنوشي أراد أن يختبر ردة فعل الشارع التونسي على مواقفه وتحركات ما بعد الخامس والعشرين من يوليو، معتقدا أن انتقاداته لقيس سعيد يمكن أن تغير من صورته، لكنه وجد أن لا شيء قد تغير، وعلى العكس فقد زادت من عزلته وسط دعوات لاستقالته من البرلمان ومن المشهد السياسي، مثلما عبّر عن ذلك فاضل عبدالكافي الأمين العام لحزب آفاق.
وقال عبدالكافي في حوار مع قناة التاسعة المحلية إن بيان الغنوشي خطير ويدعو إلى الصدام بين التونسيين.

فاضل عبدالكافي: بيان الغنوشي خطير ويدعو إلى الصدام بين التونسيين
ويسود اعتقاد لدى جزء واسع من الطبقة السياسية أن الغنوشي هو سبب الأزمة التي وصلت إليها البلاد من خلال فترة ترؤسه للبرلمان، وأظهرت عجزه عن إدارة الحوار، فضلا عن اتهامه بالانحياز لكتلة على حساب أخرى، وهو ما وتّر الأجواء في البرلمان وحوله إلى حلبة للصراع بدلا من مكان لتشريع القوانين ومساعدة الحكومة ورئيس الجمهورية على تقديم حلول لإنقاذ البلاد.
وقال النائب عن التيار الديمقراطي بالبرلمان المجمد هشام العجبوني إنّ راشد الغنوشي آخر من يمكنه الحديث عن احترام الدستور وعلى الحفاظ على مسار الانتقال الديمقراطي.
وأضاف في تدوينة نشرها على حسابه بفيسبوك، الجمعة، "راشد الغنوشي لم يفهم ولن يفهم أن وجوده في المشهد السياسي وتصريحاته وبياناته تدعّم كلّ ما يقوم به قيس سعيد وتبرّره وتزيد في شعبيته".
وأوضح العجبوني أن راشد الغنوشي هو الذي تسبّب في ما حدث في الخامس والعشرين من يوليو بتعسّفه على الدستور والنظام الداخلي وباعتماد منطق المغالبة والمرور بقوة وبتهاونه إزاء العنف اللفظي والمادي داخل البرلمان، وباستفزازه لقيس سعيد في العديد من المحطات.
وتسعى حركة النهضة لدفع نوابها إلى القيام بتحركات للإيحاء بالقدرة على إعادة البرلمان إلى نشاطه بالرغم من قرارات قيس سعيد، في محاولة لجلب الأضواء، وخاصة اهتمام الإعلام الخارجي. لكن المحاولة باءت بالفشل بسبب تجمع أعداد من المتظاهرين المعارضين لعودة البرلمان.
لكن أغلب النواب ومن مختلف الكتل نأوا بأنفسهم عن دعوة الغنوشي ومحاولات حركته دفعهم إلى التوجه للبرلمان ووضع أنفسهم في مواجهة مع قيس سعيد أو مع المؤسستين الأمنية والعسكرية.
ويعتقد النواب أن البرلمان قد انتهى سياسيا وشعبيا ولا فائدة من محاولة تحريك موضوعه إلا إذا كان ذلك بهدف التصعيد مع قيس سعيد، وهذه أجندة لا تتبناها سوى النهضة فيما أغلب الكتل والأحزاب تعتقد أن مرحلة ما قبل الخامس والعشرين من يوليو قد انتهت، وأن أيّ حوار مع الرئيس قيس سعيد يجب أن يتركز على المرحلة الجديدة وكيفية إجراء الإصلاحات التي تمكن من انتخابات جديدة.

هشام العجبوني: الغنوشي لم يفهم أن تحركه يزيد من شعبية قيس سعيد
وكان قيس سعيد قد أكد في أكثر من مناسبة القطيعة مع الماضي بشكل نهائي، وهو ما يجعل العودة إلى ما قبل الخامس والعشرين من يوليو أمرا غير ممكن، وهذا ما فهمه أغلب السياسيين، وبدأوا يصرّحون وفقه بالبحث عن أرضية تفضي إلى تحقيق ما يطالب به الرئيس قيس سعيد عبر آلية للحوار تجمع أكثر ما يمكن من داعمي المسار الجديد.
وأظهرت ردود الفعل المختلفة أن الغنوشي معزول سياسيا، وأن آخر من يفكر النواب والسياسيون بالاستماع إلى رأيه هو رئيس البرلمان نفسه، وهي قناعة لدى الغالبية من قبل قرارات الرئيس سعيد يوم الخامس والعشرين من يوليو وبينها تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب.
وقالت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي إن كتلة حزبها غير معنية بدعوة الغنوشي لاستئناف نشط البرلمان، مضيفة “نحن لم نعمل مع الغنوشي حين كان المجلس قائم الذات، ولن نتعامل معه الآن".
وإلى الآن، يتفق أغلب الفاعلين على أن الأزمة سببها حركة النهضة ورئيسها، ولذلك لا أحد يتفاوض معها، أو يقترح أيّ نوع من التحالف تكون هي ضمنه، فما بالك بتحدي قيس سعيد من خلال دعم خطة النهضة لإعادة عمل البرلمان.
وعزّزت قوات الأمن التونسي الجمعة من تواجدها في محيط البرلمان المجمّد منذ أكثر من شهرين لمنع نواب من الدخول إلى مقرّ مجلس نوّاب الشعب المغلقة أبوابه.
جاء ذلك بعد أن دعا أكثر من ثمانين نائبا من حزب النهضة ذي المرجعية الإسلامية ومن حليفه السياسي حزب "قلب تونس" النواب للتجمّع أمام مقرّ البرلمان الذي يضم 217 مقعدًا.
ولم يلب سوى نائب واحد الدعوة هو محمد القوماني من حزب حركة النهضة، وقال القوماني للصحافيين "جئت اليوم كنائب لاستئناف العمل في البرلمان ولكن وجدت الأبواب موصدة".
وغادر القوماني المراقب من قبل الشرطة بعد أن طلب المتظاهرون المساندون للرئيس سعيد المتجمعون أمام المجلس منه ذلك.
وصرخ أحدهم "ارحل. لماذا جئت للبرلمان وقد بقيتم 10 سنوات؟