الدراما السعودية تقتحم عالمي الأكشن والجريمة عبر مسلسل "دون"

المسلسل يجمع بين الأكشن والجريمة ويسلط الضوء على المشاكل الحقيقية للشباب السعودي من خلال قصة شاب فقير يلجأ إلى الجريمة لإنقاذ أخيه الذي يواجه عقوبة الإعدام.
الخميس 2019/04/11
مسلسل لا تمكن مشاهدته إلا من خلال الانترنت

يحكي مسلسل “دون” الذي يعد الأول من نوعه في السعودية، وهو الذي يجمع بين الأكشن والجريمة، قصة حياة حافلة بالتشويق يعيشها شاب فقير يلجأ إلى الجريمة بهدف إنقاذ أخيه غير الشقيق الذي يواجه عقوبة الإعدام بعد أن لفقت له جريمة قتل، ويعمل الشاب مع فريق من الموهوبين لإثبات براءة أخيه وإظهار الحقيقة.

استقبل الوسط الفني الخليجي أخيرا انطلاق عرض مسلسل “دون”، وهو أول مسلسل سعودي من نوعية الحركة والغموض، والمسلسل من إنتاج شركة “فيو” لخدمة الفيديو المتميز، وتتاح فرصة مشاهدته فقط من خلال التطبيق الخاص بالشركة على شبكة الإنترنت.

ويعد العمل ثاني مسلسل سعودي تنتجه شركة “فيو” بعد المسلسل الكوميدي “حب الطيبين” الذي أنتج في العام 2018 وتم الاعتماد فيه على مجموعة من نجوم وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي مسلسل “دون” تم الاعتماد أيضا على العديد من المواهب الشابة والجديدة، بينها أسماء لمعت على وسائل التواصل الاجتماعي وحققت انتشارا جماهيريا ملحوظا، كنجم الراب السعودي المعروف أحمد صدام، ونجم تلفزيون الواقع بدر صالح، اللذين يخوضان هنا أولى تجاربهما الدرامية.

وأسندت بطولة المسلسل إلى الفنان عزام النمري كأول بطولة درامية له، يؤدي النمري في هذا المسلسل دور الشخصية المحورية في العمل، الذي يشارك فيه أيضا عدد من الفنانين الشباب المتميزين، بينهم عبدالرحمن يماني ومؤيد الثقفي ونايف الظفيري وسارة اليافعي وفيصل الدوفي وداليا حجار.

والمسلسل من إخراج الأردني محمد حشكي عن قصة لياسر السعدي، وقد وُضع له سيناريو عن طريق ورشة عمل ضمت سارة العليان ورولان حسن وأدهم عصام. 

مواجهات لا تنتهي

مشاركة متميزة لفنانين شباب
مشاركة متميزة لفنانين شباب

يدور المسلسل حول الشاب أحمد الذي يقوم بدوره عزام النمري، وهو شاب سعودي في مقتبل حياته الدراسية، لكنه متمرد ودائم الشكوى من تحكم أخيه الأكبر غير الشقيق في أموره الشخصية.

ويبدو أحمد شابا مهملا وغير قادر على تحمل المسؤولية إلى أن تطرأ بعض الحوادث التي تغير طريقته في التعامل مع الأمور، فيتحوّل من شاب مستهتر إلى شخص قادر على تحمل المسؤوليات الكبيرة التي ألقيت على كاهله فجأة.

يجد بطل العمل نفسه مسؤولا بمفرده عن أسرته في مواجهة العديد من التهديدات، إذ يقع أخوه الأكبر حازم (نايف الظفيري) الذي يعمل في أحد البنوك ضحية لمؤامرة تهدد حياته حين يكتشف عملية لغسيل الأموال تقودها إحدى العصابات التي تعمل في تجارة المخدرات.

ويلعب الفنان فيصل الدوفي هنا دور ياسر، وهي شخصية تتسم بالحقد والشر، يتعامل ياسر مع الآخرين باستعلاء، ويلجأ للقتل بكل سهولة لتأديب المارقين من معاونيه أو منافسيه في تجارة المخدرات.

وعند اكتشاف أمره يدبر ياسر مؤامرة للتخلص من موظف البنك الذي اكتشف بالصدفة إدارته لعمليات غسيل الأموال، فيورطه في جريمة قتل يذهب ضحيتها ابن عم ياسر.

يطمئن ياسر بأنه قد تخلص من التهديد الذي يمثله موظف البنك، في نفس الوقت الذي يخلو له الأمر للسيطرة على أعمال عمه وتولّي مهمة شيخ القبيلة.

وفي الأثناء، يسعى أحمد لإنقاذ أخيه بشتى السبل، ولا يجد أمامه سوى الجريمة كوسيلة لإنقاذه من عقوبة الإعدام، تعاونه في ذلك مجموعة من الأصدقاء المقربين، إذ يسعى أفراد الفريق لجمع أموال الديّة عن طريق السطو على إحدى ماكينات الصرافة، كما ينجحون أيضا في خداع ياسر والاستيلاء منه على مبلغ كبير.

ومع تصاعد الأحداث تتعقد الأمور أكثر وتحتدم المواجهات بين ياسر وخصومه، وهي مواجهات تحمل الكثير من المفاجآت لكلا الطرفين. 

عمل مختلف

نحن أمام عمل سعودي مختلف عما يتم تقديمه عادة من أعمال درامية خليجية، فالعمل تسيطر عليه الحركة والمفاجأة، كما يتضمن مساحة من العنف والجرأة من النادر أن تجدها في عمل خليجي.

ونجح المسلسل أيضا في تمثيل العديد من نماذج الشخصيات في المجتمع السعودي، وهي نماذج غالبا ما تكون مهمشة في الأعمال الأخرى كابن الحارة الفقير وخفيف الظل الذي يلجأ إلى السرقة لسد احتياجاته الشخصية، أو موظف البنك المرتشي والشرطي الفاسد الذي يتعاون مع العصابة. إضافة إلى ذلك بدت واضحة الإمكانيات الكبيرة التي توفرت لصناع المسلسل في ما يخص تجهيزات التصوير واختيار الأماكن، إذ بدا لافتا الاعتماد على الأماكن المفتوحة وغير المعتادة، ثمة تفاصيل أخرى في القصة نفسها نادرا ما تجدها في عمل سعودي تقليدي يتسم عادة بالمحافظة والبعد عن الخوض في بعض القضايا.

ويسلط المسلسل الضوء على المشاكل الحقيقية للشباب السعودي بعيدا عن الكليشيهات المعتادة والأنماط المكررة والسياق الوعظي أو التوعوي المباشر.

ويبشر المسلسل بجيل جديد من الأعمال الدرامية السعودية تتجه إلى تلمس أفاق جديدة في التناول الدرامي على مستوى الشكل والمضمون، وهو ما يثبت أن المجال الفني في السعودية لا تنقصه الخبرة أو الموهبة بقدر ما يفتقر إلى الرعاية الحقيقية والرؤية الصادقة والإمكانيات.

أول بطولة درامية للفنان عزام النمري
أول بطولة درامية للفنان عزام النمري

المسلسل مكون من عشر حلقات ما ساهم في تجنب التطويل والرتابة التي تتسم بها الأعمال المطوّلة، كما أن مشاهد الحركة والصراع في العمل عولجت بشكل جيد وطبيعي إلى حد كبير، إذ أن العناصر الضعيفة والقليلة في سياق العمل، بدا من الممكن التغاضي عنها في مقابل المعالجة الكلية له.

وهنا بدت حبكة المسلسل جيدة، إلّا من بعض الحلول التي كانت في حاجة إلى التأني في معالجتها، ومثالنا على ذلك المشهد الذي ظهر فيه ياسر في الحلقة التاسعة وقد انتابته نوبة صراحة مفاجئة وغريبة عن إنسان يتسم بالصرامة والحدة في تعاملاته مع الآخرين.

كما يجمع المشهد المشار إليه بين فيصل الدوفي والفنانة سارة اليافعي وهي تؤدي دور سمر زوجة حازم، والتي تم اختطافها للضغط على أخي زوجها أحمد، وفي هذا المشهد يعترف لها حازم بأنه هو القاتل الحقيقي، كما يخبرها أيضا بدوافعه الإجرامية وأسباب انحرافه وحقده على عمه، فتستغل سمر بالطبع نوبة الصراحة تلك فتقوم بتسجيلها على الهاتف، لتقدم هذه لتسجيلات في ما بعد إلى السلطات كدليل دامغ على براءة زوجها.

أمر آخر متعلق بدور لمى الذي تؤديه الفنانة داليا حجار وهي الطبيبة المعالجة لوالدة أحمد، فقد اتسم هذا التناغم بين أحمد والطبيبة منذ اللقاء الأول بشيء من المبالغة، وهي مبالغة وصلت مداها إلى حد أن تتعاون معهم الطبيبة في المؤامرة التي يدبرها أحمد وأصدقاؤه للإيقاع بأحد الأشخاص المتعاونين مع ياسر.

في المقابل أعاد مسلسل “دون” اكتشاف القدرات الدفينة لبعض الفنانين كالفنانة سارة اليافعي والفنان عزام النمري على سبيل المثال، كما سلط الضوء على بعض المواهب الشابة كالفنان أحمد صدام، الذي من المنتظر رؤيته في أعمال أخرى قادمة، نتيجة تألقه في بطولته الأولى.

16