الدبيبة يهمز لحفتر وعقيلة صالح: متى تُخرجان المرتزقة

بعث رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا برسائل مبطنة إلى قائد الجيش المشير خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح الداعم للجيش تحمل تساؤلات بشأن إخراجهما للمرتزقة الذين يُتهم الجيش باستجلابهم خلال المعركة التي أطلقها من أجل السيطرة على العاصمة طرابلس، حيث أكد رئيس الحكومة أنه تم منعه من الهبوط في مطار مدينة سرت الخاضعة لسيطرة الجيش.
طرابلس - وجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبدالحميد الدبيبة مساء الخميس رسائل لقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب (البرلمان) عقيلة صالح بشأن مرتزقة فاغنر التي تتهم أطراف الجيش بالاستعانة بها سابقا.
وحذر الدبيبة في تصريحات نقلتها عنه قناة “فبراير” المحلية من “أطراف تسعى لإشعال فتيل الحرب مجددا في البلاد”، موضحا أنه تم منعه من الهبوط في مطار سرت بسبب المرتزقة.
وقال في كلمة خلال لقائه برفقة وزراء مع عدد من نواب وأعيان منطقة تاجوراء شرقي العاصمة طرابلس “نستطيع أن نقول إن الحرب انتهت ولكن هناك من يسعى لإشعال فتيلها مرة ثانية”، دون أن يذكر أي جهة.
ولم يتوان الدبيبة في القول “لم نستطع الدخول إلى مطار سرت وهو ليبي وعلى أرض ليبية بسبب وجود المرتزقة في المطار”، مشددا على أن “هناك أناسا ثرواتها من هذه الحرب اللعينة، أطلب منكم أن تقفوا مع أولادكم وعدم الدفع بهم في أي حرب مرة أخرى”.
وتخضع سرت لسيطرة الجيش بقيادة المشير حفتر، وتتهمه العديد من الأطراف والتقارير بأنه استنجد بمرتزقة مجموعة فاغنر الروسية الخاصة في المعركة التي أطلقها من أجل السيطرة على العاصمة طرابلس وهو ما تنفيه القيادة العامة للجيش وموسكو كذلك.
ويرى مراقبون أن حديث الدبيبة لا يمكن أن يكون بمعزل عن التطورات الأخيرة التي عرفتها ليبيا، لاسيما الغضب الذي فجرته تصريحاته بشأن مدينة بنغازي وما رافقها من مطالبة الجيش لرئيس حكومة الوحدة الوطنية بالاعتذار، علاوة على تصاعد المطالبات بضرورة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد لتهيئة كافة الظروف لإجراء الانتخابات العامة المُقرر تنظيمها في 24 ديسمبر المقبل.
25 ألف مرتزق في ليبيا حسب ما قدره دبلوماسيون على هامش جلسة لمجلس الأمن
ويضيف هؤلاء المراقبون أن الدبيبة بدا وكأنه يهمز لحفتر وعقيلة صالح رئيس البرلمان الداعم للجيش لدفعهما إلى إخراج مرتزقة فاغنر، مشيرين إلى أن ذلك قد يكون في مسعى منه إلى موازنة جهوده لإخراج المرتزقة الذين جلبتهم تركيا والمتمركزين غرب البلاد، لاسيما بعد التصريحات الأخيرة التي أطلقتها وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش في هذا الصدد.
وواجهت المنقوش بسبب تلك التصريحات التي قالت فيها إن “حكومة الوحدة مصممة على إخراج تركيا من ليبيا، ونحن فتحنا حوارا معها” انتقادات لاذعة من قبل جماعة الإخوان المسلمين والمقربين منها، وهو، وفقا لمراقبين، ما قد يكون السبب الذي جعل الدبيبة يتفادى ذكر مرتزقة فاغنر لتجنب إثارة حفيظة الشرق الليبي الداعم للجيش.
ولا تبدو لطرفي النزاع في ليبيا نية إخراج القوات التي استنجدا بها في وقت سابق.
وقال الدبيبة، الذي تحدث لأول مرة بهذا الحزم حيال المرتزقة منذ تسلمه الحكم في مارس الماضي، “نسعى لسيادة ليبيا ووحدتها وخروج المرتزقة من هذه الأرض التي عبثوا فيها”.
ويأتي هذا التصعيد ضد وجود المرتزقة في وقت تحظى فيه حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا بدعم دولي لافت من أجل إنجاز مهامها المتمثلة أولا في إيصال البلاد لانتخابات عامة نهاية هذا العام، وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، لكن المهمة تبقى صعبة في ظل تعنت طرفي الصراع.
ويتمسك إخوان ليبيا بالوجود التركي ما يثير حفيظة الجيش الذي ينفي نفيا قطعيا أن يكون قد استنجد بعناصر من فاغنر أو غيرها من القوات وهو ما يضع الدبيبة أمام معادلة صعبة وفقا لمراقبين.

وتأخرت عملية إخراج المرتزقة كثيرا، حيث ينص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف في أكتوبر الماضي بشأن المرتزقة وتوحيد المؤسسة العسكرية على ضرورة أن تغادر كافة القوات الأجنبية ليبيا بحلول 23 يناير.
وعقد مجلس الأمن الدولي الخميس جلسة أثار خلالها ملف انتشار المرتزقة في ليبيا حيث قدر دبلوماسيون أعدادهم بـ25 ألف مرتزق منتشرين في شرق البلاد وغربها وسط ضغوط تكرسها القوى العظمى لاسيما الولايات المتحدة من أجل التسريع بإخراج هؤلاء المرتزقة.
وبالرغم من ذلك الدعم إلا أن حكومة الوحدة والمعنيين بالملف الأمني لم ينجحا في تحقيق تقدم ملموس لا على مستوى توحيد المؤسسة العسكرية ولا في ترحيل المرتزقة أو فتح الطريق الساحلي الذي يربط شرق البلاد بغربها.
وهددت اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 بتسمية من يعرقل فتح طريق مصراتة – سرت الساحلي لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيالهم، حال تعذر فتحه، وذلك في البيان الختامي لاجتماعات اللجنة التي انطلقت الأحد بمشاركة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي والمبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيتش.
وقالت اللجنة “في حال تعذر فتح الطريق الساحلي، قريبا سنقوم بتسمية المعرقلين والأسباب المؤدية لذلك، لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيالهم”.
وأضافت أنها قامت بالبحث عن الأسباب المعرقلة لفتح الطريق الساحلي، وتواصلت مع السلطة التنفيذية (الحكومة والمجلس الرئاسي) لتذليل الصعوبات في سبيل تسريع الإجراءات لفتح الطريق.