الدبيبة يحذر مسؤولي حكومته من التصريحات غير المدروسة بسبب تفسير وزير التعليم العالي لأسباب الحرائق الغامضة

رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها يؤكد أن أي تجاوز للاختصاصات أو خرق للوائح المنظمة سيواجه بالمساءلة القانونية.
الأحد 2025/03/02
محاولات لفرض الانضباط داخل الفريق الحكومي

حذر رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا عبدالحميد الدبيبة في بيان رسمي المسؤولين من الإدلاء بتصريحات غير مدروسة، مؤكدًا أن أي تجاوز للاختصاصات أو خرق للوائح المنظمة سيواجه بالمساءلة القانونية، مع اتخاذ إجراءات صارمة لضمان الانضباط واحترام المسؤوليات.

وانتقد الدبيبة تصريحات وزير التعليم العالي، عمران القيب، بخصوص حرائق مدينة الأصابعة، ووصفها بـالمتسرعة وغير المستندة إلى تحقيقات نهائية، محذرا من نشر معلومات غير دقيقة قد تؤدي إلى إثارة البلبلة.

وأكد الدبيبة أن الوزير كان عليه التواصل مع الجهات المختصة قبل الإدلاء بتصريحاته، مشيرا إلى أنه على تواصل مستمر مع الفريق المكلف بالأزمة، والذي يضم وزير الحكم المحلي، ورئيس جهاز المباحث الجنائية، ورئيس هيئة السلامة الوطنية، ورئيس جهاز الأمن الداخلي، لضمان استكمال التحقيقات وفق الأطر القانونية والفنية.

وشدد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، على أن السلطات تتريث في إصدار البيانات الرسمية لضمان الدقة والموضوعية وسلامة الإجراءات، مع التزامها التام بتحمل المسؤوليات تجاه المتضررين، بالتنسيق مع المجلس البلدي الأصابعة لتعويضهم وفق آليات عادلة وشفافة.

جاء ذلك بعدما صرّح وزير التعليم العالي عمران القيب في وقت سابق بأن الهزات الأرضية الأخيرة في منطقة الرحيبات قد تكون سببا محتملاً للحرائق في الأصابعة، وقال “رصدنا خلال الأيام الماضية زلزالًا بقوة 3.5 درجة على مقياس ريختر وعلى عمق 5 كيلومترات تحت الأرض، وهذه الهزات تؤدي إلى تشققات في الأرض تنبعث منها غازات قابلة للاشتعال.”

وأوضح القيب أن أجهزة الرصد سجلت انتشارًا كبيرًا لغاز الميثان في مدينة الأصابعة، وهو غاز عديم اللون والرائحة وقابل للاشتعال، لكنه أوضح أن فرق البحث لم تعثر على الغاز في المنازل المحترقة، مما يرجح أنه اختفى بعد الاشتعال، مشيرًا إلى أن الأبحاث لا تزال جارية لتحليل التربة.

وكان القيب، زار الجمعة مدينة الأصابعة، برفقة فريق بحثي متخصص، لمتابعة تطورات الأحداث ميدانيًا، والوقوف على أسباب الحرائق التي اندلعت في عدد من المنازل.

وقالت وزارة التعليم العالي إن من  أهداف الزيارة، تعزيز التعاون بين الباحثين العلميين والجهات الرسمية للوصول إلى نتائج دقيقة، والاطلاع المباشر على مستجدات الوضع ودعم جهود الجهات المختصة.

وتابعت “تأتي هذه الزيارة ضمن الجهود العلمية الرامية إلى فهم الظاهرة، في ظل استمرار التحقيقات من قبل الجهات المعنية.”

وندد عميد بلدية الأصابعة وأهالي المنطقة في بيان رسمي بتصريحات عمران القيب المتعلقة بالحرائق التي تعاني منها البلدية، وقال في بيان “نعبر عن استيائنا الشديد من التصريحات العشوائية لبعض المسؤولين، بما في ذلك وزير التعليم العالي، والجهات الأخرى التي تسعى لحل أزمة الحرائق في البلدية.” وأضاف “تسببت تصريحات الوزير في إرباك كبير للأهالي واستياء واسع بين سكان البلدية، حيث نعبّر عن قلقنا من الوضع المتأزم ونقص التنسيق بين الجهات المعنية والأجهزة الأمنية والعسكرية، مما أدى إلى تفاقم الأزمة.”

مؤكدا على ضرورة أن تتعاون الجهات المعنية بشكل كامل مع لجنة الأزمة في البلدية وعميد البلدية من أجل مواجهة هذه المشكلة وحلها.

ويرى مراقبون أن التفسير العلمي الذي جاء على لسان وزير التعليم العالي أزعج بعض الجهات التي تحاول استغلال الظاهرة في خدمة بعد الأجندات الدينية، وذلك من خلال رد الظاهرة إلى أسباب غيبية، وربطها بالجن والسحرة والشعوذة.

وبحسب المراقبين، فإن أغلب السكان المحليين مقتنع بأن الظاهرة يقف وراءها الجن، وهو ما يحاول بعض الإسلاميين الاستفادة منه في الترويج لأفكار سلفية عفا عليها الزمن بهدف السيطرة على الرأي العام.

مراقبون يرون أن التفسير العلمي لوزير التعليم العالي أزعج جهات تحاول استغلال الظاهرة في خدمة أجندات دينية

ووصف عضو مجلس الدولة الاستشاري والقيادي الإخواني منصور الحصادي، أزمة حرائق مدينة الأصابعة بأنها “بين العجز والخرافة،” مشيرًا إلى أن المؤسسات المتخصصة تعجز عن تحديد الأسباب الحقيقية لهذه الحرائق، مما يعكس قصورًا مؤسسياً واضحًا.

ورأى الحصاري أن إرجاع الأزمة إلى عوامل غيبية لا يعفي مؤسسات الدولة من مسؤولياتها، مطالبًا الحكومات بالتدخل العاجل والاستعانة بخبراء محليين ودوليين لإجراء تحقيق علمي دقيق يكشف ملابسات الحوادث بعيدًا عن التفسيرات الوهمية التي تزيد الموقف تعقيدًا، كما أكد على أهمية الشفافية وتضافر الجهود بين الجهات المعنية لاستعادة الثقة في آليات المتابعة الحكومية.

وكان مجلس النواب الليبي، أقر في يناير 2024 قانون حدّ السحر والشعوذة، الذي تقدمت بمشروعه هيئتا الأوقاف والشؤون الإسلامية في طرابلس وبنغازي، وقيل آنذاك إن قانون تجريم السحر والشعوذة والكهانة وما في حكمها كان مقترحا من هيئتي الأوقاف بالمنطقتين الغربية والشرقية اللتين تقدمتا به بعد ورود عدد كبير من الشكاوى بالخصوص.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية انتقال فرق من جهاز البحث الجنائي إلى مدينة الأصابعة للتحقيق في أسباب الحرائق الغامضة، وقالت إن فرقا متخصصة توجهت إلى المدينة للتعامل مع الأحداث التي تشهدها المدينة، وذلك إثر اندلاع حرائق بعدد من منازل المواطنين، مشيرة إلى تشكيل فرق من خبراء إدارة المختبرات والأدلة الجنائية برفقة أعضاء فرع جهاز المباحث الجنائية الجبل الغربي للانتقال إلى المدينة، حيث باشر الفريق الفني والأمني عمليات التحقيق لتحديد أسباب الحرائق في المنازل المتضررة ببلدية الأصابعة.

بدوره، أصدر النائب العام قراراً بتكليف أمانة استشارية من اختصاصي الهيئة الليبية للبحث العلمي، لمساعدة هيئة التحقيق في البحث عن أسباب الحرائق التي اندلعت في بلدية الأصابعة ومنطقة الهيرة، وتابع أن نائب النيابة العامة، انتقل رفقة الاستشاريين، إلى الأماكن التي شهدت الحرائق لفهم طبيعة الحرائق وتعيين عناصر التفاعل التي أدت إلى حدوثها، وذلك في إطار التحقيق الابتدائي.

وشهدت مدينة الأصابعة الواقعة بمنطقة الجبل الغربي وتبعد 120 كلم إلى الجنوب من العاصمة طرابلس موجة حرائق غامضة أصابت أكثر من 100 مسكن وتسببت في إصابة 17 من السكان المحليين وفي تسجيل أضرار فادحة بالمساكن، بينما لا يزال السبب وراء اندلاع الحرائق مجهولا.

2