الدبيبة يتحدى جهود البرلمان لاختيار رئيس حكومة بالدعوة إلى الانتخابات

تعمّد رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في غرب ليبيا عبدالحميد الدبيبة قطع الطريق أمام جهود مجلس النواب المنعقد في بنغازي لاختيار الشخصية الوطنية التي سيتم تكليفها بتشكيل الحكومة الموحدة لإدارة المرحلة القادمة.
ودعا الدبيبة إلى التوجه الفوري نحو الانتخابات العامة، ورفض ما وصفه بـ”خلق مراحل انتقالية جديدة” تهدف إلى التمديد للمؤسسات الحالية، مشددا على أن حكومة الوحدة لن تسلّم السلطة إلا لجهة منتخبة من الشعب الليبي.
وأكد خلال اجتماع عقده في العاصمة طرابلس مع عدد من أعضاء مجلس الدولة الاستشاري الموالين لسياساته أن “رؤية حكومة الوحدة الوطنية تقوم على إنهاء المراحل الانتقالية من خلال الذهاب المباشر إلى الانتخابات،” معتبرا أن “استفتاء الشعب الليبي على المسار السياسي المطلوب هو أداة مهمة لتجاوز حالة التقاعس من قبل رئاسة مجلس النواب، وما ترتب عليها من تعطيل متعمد لعملية الانتخابات.”
وشدد الدبيبة على استمرار جهود حكومته في إنهاء كافة مظاهر التسلح خارج مؤسسات الدولة، وتعزيز دور الجيش والشرطة الرسميين، قائلا إن “ترسيخ سلطة الدولة لا يمكن أن يتم إلا من خلال تعاون مختلف المؤسسات السياسية والأمنية لحفظ الأمن وتحقيق تطلعات المواطنين في الاستقرار والعدالة، لتشكيل حكومة جديدة، وندعو لدعم محلي ودولي لتنفيذ الانتخابات.”
في المقابل أكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أن حل الأزمة الليبية يكمن في الذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، مشددًا على أن هذا المسار يتطلب وجود حكومة موحدة تعمل على تنظيم الاستحقاقات وتنفيذ مخرجات الاتفاق السياسي.
وأكد أن مجلس الأمن الدولي يدعو أيضًا إلى تكوين سلطة واحدة في ليبيا، مردفا أن مجلس النواب يدعم هذا التوجه من خلال إصداره قوانين انتخاب الرئيس ومجلس الأمة والتعديل الدستوري رقم 13، مشيرًا إلى أن اللجنة الاستشارية للبعثة الأممية أوصت بتشكيل حكومة واحدة تُعنى بإنجاز الانتخابات وتنفيذ مخرجات لجنة 6+6.
وأضاف “أعلنا عن قبول ملفات المترشحين لرئاسة مجلس الوزراء حسب الآلية المتفق عليها مع مجلس الدولة، وقد تقدم عدد من الشخصيات بطلبات الترشح، وحصلوا على تزكية 100 عضو من مجلس الدولة و100 عضو من مجلس النواب، ما يعني أن المجلسين يرغبان في تشكيل حكومة جديدة تعمل على إجراء الانتخابات، لاسيما أن حكومة السيد عبدالحميد الدبيبة سُحبت منها الثقة منذ فترة، ويطالب الشعب الآن بإسقاطها.”
وأكد صالح أن “مجلس النواب قام بما هو مطلوب منه للذهاب إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وأول خطوة لذلك هي تشكيل حكومة جديدة وتحقيق مطالب الشعب. ونتمنى أن نجد الدعم المحلي والدولي، ودعم بعثة الأمم المتحدة، لأن التأخير في توحيد السلطة يؤدي إلى الفوضى ويضر بوحدة البلاد.” وأشار إلى أن المجلس سيحدد جلسة لاختيار رئيس الحكومة، و”سندعو لحضورها سفراء الدول المهتمة بالشأن الليبي، وبعثة الأمم المتحدة، وشخصيات من الأحزاب والمجتمع المدني.”
وخاطب صالح الشارع الليبي والمجتمع الدولي بوضوح تام قائلا “نحن في مجلس النواب جاهزون لتشكيل الحكومة، ونتمنى الدعم المحلي والدولي تنفيذًا للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، وتجسيدًا لرغبة الشعب الليبي في تشكيل حكومة واحدة تُنجز الاستحقاق الانتخابي.”
ويرى المراقبون أن هناك تصادما بين خياري مجلس النواب في بنغازي وحكومة الوحدة في طرابلس، وأن المجتمع الدولي لم يحسم أمره بعد في المسألة، كما أن قيادة الجيش لا تبدو متحمسة لإيجاد حكومة جديدة والتفريط في حكومة أسامة حماد التي تحظى برضى تام من المشير خليفة حفتر.
وفي سياق متصل واصل مجلس النواب الأربعاء جلساته حيث استكمل الاستماع إلى برامج المترشحين لتولي رئاسة الحكومة، وذلك في إطار الجهود المبذولة لتشكيل سلطة تنفيذية موحدة تقود البلاد نحو الانتخابات.
وأكد المترشح لرئاسة الحكومة الجديدة عثمان عبدالجليل أنه سيعمل على تشكيل حكومة كفاءات وطنية تراعي التمثيل الجغرافي تحت اسم “حكومة الاستقرار والانتخابات”. وأضاف أن هناك عدة قضايا تهم ليبيا حاليا على رأسها “عدم ثقة المواطن في الأجسام السياسية والتنفيذية، والرغبة الجامحة في التجديد عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية شفافة ونزيهة، ووجود تشكيلات مسلحة غير نظامية تعمل على زعزعة الأمن، وتدهور الخدمات وأزمة اقتصادية تتفاقم، وفساد إداري ومالي مستشرٍ في جل مفاصل الدولة.”
وتعهد عبدالجليل بـإنهاء المراحل الانتقالية بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في وقتها واستتباب الأمن ومعالجة الأزمات المعيشية والخدمية للمواطن، وبـ”إصلاح قطاعي التعليم والصحة وإنعاش الاقتصاد الوطني ومحاربة الفساد وإرجاع ثقة المواطن في مؤسسات الدولة وتطبيق العدالة الاجتماعية وسياسة خارجية وفعالة،” إضافة إلى حل المجموعات المسلحة والميليشيات وإطلاق برامج لدمج مقاتليها في مؤسسات الدولة وفقا لمعايير مهنية.
وقال المترشح عبدالباسط القماطي إنه سيعمل على تهيئة الأوضاع لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كونها الحل الوحيد للخروج من المختنق السياسي الحالي، وأوضح أن حكومته ستركز على تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وتوحيد المؤسسات المدنية والعسكرية وتطوير العلاقات الخارجية بما يخدم الدولة الليبية، مردفا “إستراتيجيتنا تعتمد على التواصل مع الأطراف كافة، ومنح صلاحيات واسعة للبلديات لتقليص المركزية، وتوزيع المهام عبر الكفاءات بما يراعي التمثيل السياسي والمناطقي.”
◙ المترشح لمنصب رئيس الحكومة سلامة الغويل يرى أن ليبيا في حاجة إلى رجل ينقذها بعيدًا عن منطق حكم العائلة
من جانبه اعتبر المترشح لمنصب رئيس الحكومة سلامة الغويل أن ليبيا في حاجة إلى رجل ينقذها بعيدًا عن منطق حكم العائلة. وقال “نحن أمام مشروع إدارة بلد، فلدينا مشروع له مسارات: اقتصادية، سياسية، أمنية، اجتماعية، على الرغم من التحديات والظلم الذي عاناه الشعب،” متابعا “كنت وزير دولة في حكومة الوحدة الوطنية وتركتها بسبب عدم تلبيتها التطلعات الوطنية، وأنا الآن في مقام هو الأقرب لي وطنيا وأخلاقيا.”
ودعا الغويل إلى ضرورة توجيه الإنفاق لدعم المواطنين، بمنحهم قروضا من دون فوائد مرهقة، موضحا “صندوق دعم المشروعات المتوسطة والصغرى يجب أن يدعم الشباب التائه حتى لا يتحول إلى فئات مجرمة أو خارجة عن القانون،” ومشددًا على ضرورة إشراك الشباب في الحكومة الجديدة.
في الأثناء ناقشت المبعوثة الأممية لدى ليبيا حنّا تيتيه مع مساعد وزير شؤون الأمن والعلاقات العسكرية بدولة الإمارات العربية المتحدة سالم الجابري التطورات السياسية والأمنية الأخيرة في ليبيا، مؤكدين أهمية الحفاظ على الاستقرار والمضي قدما في العملية السياسية.
وأوضحت البعثة الأممية في بيان لها الأربعاء أن تيتيه اجتمعت مع الجابري، حيث تناولا نتائج عمل اللجنة الاستشارية وأكدا على ضرورة توحيد صوت المجتمع الدولي لدعم نجاح العملية السياسية في البلاد، وشدد الطرفان على أهمية استمرار الحوار وتقوية الدعم الدولي للخطوات السياسية، في ظل التطورات الأمنية المتسارعة.
وكانت الإمارات قد أعربت في منتصف مايو الجاري عن قلقها الشديد إزاء الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس، داعية جميع الأطراف إلى خفض التصعيد ووقف الاقتتال، واللجوء إلى الحوار والطرق السلمية لحل الخلافات، كما طالبت بالحفاظ على سلامة المدنيين والمقرات الحكومية والممتلكات، مع الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس للخروج من الأزمة الحالية.