الدبلوماسية المغربية تنشط في الساحة الآسيوية كسبا لحلفاء جدد

الأحد 2016/06/05
الملك محمد السادس يقود الدبلوماسية المغربية إلى البحث عن حلفاء جدد باقتدار

الرباط - ترتكز السياسة الخارجية المغربية أساسا على تنويع الشركاء الاستراتيجيين، ويتجلى ذلك في تعزيز المملكة في السنوات الأخيرة انفتاحها على الدول الآسيوية وعلى الهند بصفة خاصة.

ويعتبر هذا الانفتاح ترسيخا لنهج المغرب بقيادة الملك محمد السادس، الذي يهدف من ورائه إلى تحقيق المزيد من المكاسب السياسية والدبلوماسية ودعم الموقع الجيواستراتيجي للمملكة كدولة ذات سيادة ومتحررة من كل تبعية أيّا كان نوعها، ودعم وضعية المغرب كحليف فعال ومحترم على الساحة الدولية، في جميع المجالات السياسية والاستراتيجية والاقتصادية.

ويلعب المغرب دورا أساسيا في تحقيق التقارب الأفريقي الآسيوي ولوحظ ذلك خلال الزيارات المتتابعة للعاهل المغربي الملك محمد السادس إلى كل من روسيا والصين الشهر الماضي، ومن خلال حضوره المتميز في القمة الأفريقية الهندية التي عقدت في نيودلهي في أكتوبر سنة 2015. وهو الشيء الذي يعتبر مؤشرا قويا على اهتمام الدول الآسيوية المتنامي بالقارة السمراء، وعلى رأسها دول شمال أفريقيا، في سياق سعيها الدؤوب إلى تعزيز موقعها على الساحة الدولية.

وجاءت الزيارة الرسمية التي قام بها نائب رئيس جمهورية الهند محمد حامد الأنصاري، إلى المغرب خلال الأيام الماضية لتكرّس التطور التي تشهده العلاقات بين البلدين.

وشهدت الزيارة توقيع برنامج للتبادل الثقافي بين المغرب والهند لسنوات 2016-2019 ومذكرة للتفاهم بين المعهد الهندي للخدمات الخارجية والأكاديمية المغربية للدراسات الدبلوماسية، لبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات الاستراتيجية والدبلوماسية.

وخلال اللقاء، الذي جمع بين رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران ونائب الرئيس الهندي محمد حامد الأنصاري بالرباط، سجل الجانبان، الدفعة القوية التي عرفتها العلاقات الثنائية على إثر الزيارة التاريخية التي قام بها الملك محمد السادس إلى الهند للمشاركة في أعمال القمة الثالثة لمنتدى الهند-أفريقيا، والذي توج بقرارات وتوصيات هامة من شأنها الدفع قدما بالعلاقات الثنائية المغربية-الهندية وبالشراكة الهندية-الأفريقية على حد سواء.

يذكر أن العاهل المغربي الملك محمد السادس، كان قد أعلن عن زيارة لم يتم تحديد تاريخها بعد إلى الهند خلال خطابه في القمة الخليجية المغربية الشهر الماضي، لعقد قمة مغربية هندية بنيودلهي.

ويرى مراقبون أن الزيارة المرتقبة تندرج في إطار نهج الملك محمد السادس، الذي يهدف من خلاله إلى الانفتاح على آسيا في سياق الحفاظ على توازن العلاقات، وفي سياق الديناميكية التي تقوم بها الدبلوماسية الملكية من أجل فتح آفاق جديدة مع هذه الدول.

وأكد إدريس لكريني أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش في تصريح لـ”العرب” على أن انفتاح المغرب على الهند يكتسي أهميــة كبيرة على اعتبار أن المغرب خلال السنوات الأخيــرة أثبت نجاعة توجهه صوب عمقه الأفريقــي من أجل تحقيق التنمية من خلال منطــق “رابح رابح” ومن خلال تعاون “جنوب - جنوب”، ما جعل من بعض الدول الآسيوية مثــل روسيا والصين والهند تريــد الانفتاح بدورها على المملكة المغربية باعتبارها تمثل همزة وصل استراتيجيــة بين القارتين الأوروبيــة والأفريقية، وباعتباره بوابة لاكتشــاف الأسواق الأفريقية الواعدة.

وقال لكريني إن “المغرب يزخر بإمكانيات كبيرة تؤهله لعقد علاقات استراتيجية واعدة مع الهند، أولا لأنه في موقع جغرافي مثالي. وثانيا، لأن المملكة تتوفر على مناخ سياسي مستقر وبيئة اقتصادية ملائمة، ما قد يعطي الثقة للفاعل الهندي في جعل المملكة المغربية قاعدة رئيسية لتقارب أفضل مع بلدان القارة السمراء”.

من جانبه قال حفيظ الزهري الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية إن “المغرب يعتمد استراتيجية جديدة لمواجهة كل التحديات المحدقة بمصالحه سواء السياسية أو الدبلوماسية، وهي خطوات يرجى منها كسب حلفاء جدد قادرين على الدفاع عن المصالح المغربية من جهة والمصالح المشتركة بينهما وبين هذه البلدان خصوصا الكبرى كروسيا والصين ودول الخليج”.

وبالنسبة إلى الهند، يضيف الزهري، فهي تعتبر “من أقوى الدول النامية والتي لها تأثيرها في العلاقات الدولية، والتوجه المغربي لهذه الدولة يمكن اعتباره ذكاء وحنكة سياسية هدفهما خلق حلفاء جدد لتحقيق التوازن في العلاقات مع حلفائه التقليديين”.

أما فيما يتعلق بتأثير العلاقات المغربية الهندية على قضية الصحراء المركزية بالنسبة إلى الرباط، أكد الزهري، على أن كل الظروف مواتية لتحقيق المزيد من الدعم للقضية.

وكانت الهند قد سحبت اعترافها بالجمهورية الصحراوية قبل 16 عاما، كما أنها رفضت طلب الاتحاد الأفريقي بدعوة البوليساريو إلى القمة الهندية الأفريقية.

من جانبه دعم المغرب الهند من أجل الحصول على مقعد دائم بمجلس الأمن.

إلى جانب كل هذه المعطيات نجد أن للدور الذي يلعبه الهند في دهاليز الأمم المتحدة تأثيرا كبيرا على العلاقات بين الرباط ونيودلهي خصوصا في كسب المزيد من الدعم للوحدة الترابية للمغرب أمام تنامي التهديدات الإرهابية لمنطقة الساحل والصحراء والتي تشكل خطرا على المصالح الهندية بأفريقيا.

2