الخلايا الجذعية تفتح الآفاق لإيجاد علاج للإيدز

تسجيل ثاني حالة شفاء من الإيدز في العالم بعد زرع خلايا جذعية.
الخميس 2020/03/12
آمال جديدة

يعتمد المختصون في الصحة توليفة من الأدوية المضادة للفايروسات القهقرية، لمعالجة العوز المناعي المكتسب في غياب عقار فعّال يشفي منه، لكن يصبح ‏جهاز المناعة عاجزا عن محاربة العدوى والمرض.‏ ويسعى العلماء لإيجاد علاج يقضي على الإيدز، ووجّه شفاء ثاني حالة لمصاب بالمرض مؤخرا أنظارهم إلى إمكانية الاستفادة من زرع الخلايا الجذعية.

باريس - أعلنت مجموعة من الأطباء مؤخرا شفاء مريض مصاب بفايروس الإيدز بعد خضوعه لعملية زرع خلايا جذعية، ما يجعله ثاني حالة في العالم تشفى من هذا المرض، بعد مرور حوالي عشر سنوات على الحالة الأولى.

لم يظهر لدى المريض الحالي الذي سمي “مريض لندن”، أي مؤشر إلى وجود الفايروس منذ 30 شهراً على الرغم من وقف العلاج، وذلك وفقاً للنتائج التي نشرت في مجلة “ذي لانسيت.إيتش.آي.في”.

وأعلن الأستاذ في جامعة كامبريدج رافيندرا غوبتا في مارس 2019، أن “مريض لندن” الذي أصيب بفايروس الإيدز في العام 2003 في طور الشفاء منه، وأنه لم يظهر أي علامة عن إصابته بالفايروس منذ 18 شهراً.

إلّا أنه دعا يومها إلى الحذر، وأصرّ على مصطلح طور الشفاء من الفايروس وليس الشفاء منه بالكامل، طالباً المزيد من الوقت قبل الإعلان عن ذلك.

وبعد مرور عام، اتخذ فريقه هذه الخطوة، وأشار إلى أن “النتائج بيّنت شفاء المريض من الإيدز”، وذلك بعد اختيار عيّنات من دمه وأنسجته والحيوانات المنوية.

وقال البروفسور غوبتا “لقد اختبرنا عددا كبيرا من الأماكن التي يختبئ فيها الفايروس، وتبيّن أن كلّها سلبية”، ما يعني أن الفايروس لم يعد نشطاً.

وتابع “من الصعب تخيّل أنه تمّ القضاء على الفايروس الذي يصيب مليارات الخلايا، بالكامل”.

وخضع “مريض لندن” لعملية زرع نخاع العظام لمعالجة إصابته بسرطان الدم، وحصل على الخلايا الجذعية من متبرّعين يحملون تحوّلا جينيا نادرا يمنع فايروس الإيدز من النمو، تماما كما حصل مع “مريض برلين” الأميركي تيموثي راي براون الذي أعلن عن شفائه في العام 2011.

وكان بقاء حالة شفاء “مريض برلين” يتيمة لأكثر من 10 سنوات دفع البعض إلى الاعتقاد بأنها كانت محض صدفة. ويقول الباحثون “تظهر نتائجنا بأن نجاح زرع الخلايا الجذعية كعلاج لفايروس الإيدز أمر يمكن تكراره”.

وعلّق البروفسور غوبتا “لقد تلقى مرضى آخرون علاجا مشابها، لكن أحداً لم يدخل في طور الشفاء بعد (…) الأمر يتطلّب بعض الوقت”.

فحص الإيدز
فحص الإيدز

وقرّر “مريض لندن” الكشف عن هويته هذا الأسبوع في مقابلة مع نيويورك تايمز. وقال آدم كاستييخو (40 عاماً) الذي نشأ في كراكاس في فنزويلا “أود أن أكون سفيراً للأمل”.

ويدرك الباحثون أن طريقتهم ليست راهنا الحلّ للملايين من الأشخاص المصابين بالفايروس حول العالم، والذي يتحكّمون به من خلال مضادات للفايروسات العكوسة.

وأكد البروفسور غوبتا أن الإجراء المستخدم مع المريضين اللذين شفيا ثقيل ومحفوف بالمخاطر، فضلاً عن أنه يطرح “مسائل أخلاقية”.

وأضاف “يجب أن نوازن بين معدّل الوفيات الذي يصل إلى 10 في المئة في عملية زرع الخلايا الجذعية وخطر الموت في حال لم نقم بأي شيء”، إلى ذلك، علّق الأستاذ في جامعة كارديف أندرو فريدمان بأن “هذه النتيجة مهمّة لتطوير استراتيجيات للعلاج يمكن تطبيقها على نطاق واسع”.

وفي المقابل، يبدو بعض العلماء الآخرين أكثر حذراً. وقالت شارون لوين من جامعة ملبورن “هل مريض لندن شفي فعلاً؟ لا شكّ أن البيانات مثيرة ومشجّعة، لكن في النهاية الوقت وحده كفيل بتأكيد النتيجة”.

وتابعت بأن الأمر يتطلّب “شفاء عدد أكبر من المرضى المصابين بفايروس الإيدز لتقييم مدى احتمال معاودة الفايروس لاحقاً”.

وفي هذا السياق، سيخضع “مريض لندن” لاختبارات بشكل منتظم لمراقبة احتمال ظهور الفايروس مجددا.

وثمة 38 مليون شخص مصاب بفايروس الإيدز في العالم حاليا، نحو 62 في المئة منهم يخضعون للعلاج الثلاثي. وتوفي 800 ألف شخص في العام 2018 بسبب الأمراض المرتبطة بالفايروس. ويمثل ظهور أشكال من الإيدز المقاومة للأدوية، مصدر قلق متزايد.

Thumbnail
17