الحكومة المغربية تطرح برنامجا لإصلاح أنظمة التقاعد

الحكومة تواجه صعوبة في إقناع الشركاء الاجتماعيين بالزيادة في سن التقاعد.
الجمعة 2024/06/21
مساع لتعميم الحماية الاجتماعية

الرباط - دشنت الحكومة المغربية برنامج إصلاح أنظمة التقاعد بتقديم عرض مفصل حول الوضعية الحالية لصناديق التقاعد وسيناريوهات الإصلاح الممكنة، كضرورة حتمية لحماية المتقاعدين من الفقر وتأمين مستقبلهم المالي بعد انتهاء حياتهم المهنية.

وانطلقت جلسات العمل المخصصة لهذا الغرض بمشاركة وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، ورئيس هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي عبدالرحيم الشافعي.

ويتضمن العرض الذي قدمته الحكومة للنقابات الأكثر تمثيلية ضمن أول اجتماع للجنة بإصلاح أنظمة التقاعد، زيادة سن التقاعد إلى 65 سنة بشكل تدريجي بمعدل 6 أشهر سنويا، بما في ذلك القطاع الخاص، مع زيادة نسبة الاشتراكات بما في ذلك القطاع الخاص بنسبة 4 نقاط، وهو العرض الذي ترفضه المركزيات النقابية بشدة.

تنسيق نقابي جديد يطالب بالعمل على استرجاع الأموال المنهوبة من الصناديق وتفعيل قاعدة عدم الإفلات من العقاب

وتواجه الحكومة صعوبة إقناع الشركاء الاجتماعيين بالزيادة في سن التقاعد إلى 65 سنة بدلا من 63 المعمول بها حاليا، وستكون هناك إمكانية التشاور بشأن اعتماد الاختياريّة أمام العمال في مواصلة نشاطهم إلى غاية الـ65 سنة.

وترفض نقابة الاتحاد المغربي للشغل الزيادة في سن التقاعد إلى 65 سنة، ورفض الزيادة  في المساهمات، ورفض التخفيض من المعاشات، التي يطلق عليها “الثالوث الملعون”، مقابل تحمل الدولة مسؤوليتها في ضمان معالجة أنظمة التقاعد، والحفاظ على مكتسبات الموظفين والموظفات وكافة الأجراء.

ولتخفيف العبء عن الدولة من خلال تحسين مستوى معيشة المتقاعدين، ستتم مواصلة دراسة تفاصيل إصلاح التقاعد وطرق تنزيله، باعتماد منهجية الحوار مع السعي إلى التوافق مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، وذلك في أفق وضع تصور موحد لهذا الإصلاح وعرضه خلال الجولة المقبلة للحوار الاجتماعي في سبتمبر القادم، على أن يتم عرضه على المصادقة خلال الدورة التشريعية في أكتوبر المقبل.

وتعترض النقابات على أي إصلاح يكون على حساب مستقبل وحقوق العمال، إذ أعلنت مركزيات نقابية عن تأسيس “الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد”، الأسبوع الماضي.

وأكد الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب النعم ميارة أنه “سيتم بدأ النقاشات بشكل مرن وبالكثير من التنازلات”، مشددا على أن “التنازلات لا يمكن أن تكون فقط من قبل الأجراء، بل من قبل الحكومة أيضا، حتى يتسنى إصلاح حقيقي لهذه الأنظمة، التي لسنا نحن ولا الحكومة الحالية المسؤولين عن إفلاسها”.

وشككت الجبهة في شعارات الحكومة حول “حماية صناديق التقاعد من الإفلاس وتعميم الحماية الاجتماعية”، معتبرة أنها “في الحقيقة تخفي تملص الدولة وتهرّبها من مسؤولياتها في ما يتعلق بالإخلالات البنيوية التي تسببت فيها طيلة عقود من تدبيرها لهذه الصناديق، وتهربها من تسديد أقساطها من 1959 إلى 1997، وتسترها على الهدر والتبذير المالي الذي عرفته الصناديق”.

وطالب التنسيق النقابي الجديد بـ”العمل على استرجاع الأموال المنهوبة من هذه الصناديق وتفعيل قاعدة عدم الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والاجتماعية”، واصفا هذه الإجراءات المرتقبة بأنها “تخفي التوجه الرسمي لرسملة أنظمة التقاعد في اتجاه استخدام أموال الأجراء والعمال لتغذية صناديق التقاعد الخاصة انصياعا لإملاءات المؤسسات المالية الدولية”.

لتخفيف العبء عن الدولة من خلال تحسين مستوى معيشة المتقاعدين، ستتم مواصلة دراسة تفاصيل إصلاح التقاعد وطرق تنزيله

وأضاف البيان أن “الحوار الاجتماعي المركزي الأخير بين الحكومة والمركزيات النقابية أفضى إلى توقيع اتفاق 29 أبريل 2024، الذي قد يؤدي إلى تجريد الطبقة العاملة وعموم المأجورين من مكتسباتهم التاريخية التي تحققت بالنضالات والتضحيات الجسيمة، وأهمها أنظمة التقاعد”.

وقال النقابي كبير قاشا إن “هذه أول مبادرة لمواجهة تخريب التقاعد واتخذت قرارات نضالية مهمة وعلى رأسها توسيع الاستشارات وإعادة مراسلة كل التنظيمات النقابية التي تعذر حضورها للقاء التأسيسي والانفتاح على الجبهة الاجتماعية المغربية”.

من جهتها، أكدت البرلمانية نادية بزندفة أن “هذه الفئة من العمال والموظفين، لم تستفد من الزيادة التي تم إقرارها في حوار الحكومة مع النقابات الأكثر تمثيلية”، وساءلت البرلمانية رئيس الحكومة عن الإجراءات التي ستتخذها حكومته من أجل إقرار زيادة في معاشات متقاعدي القطاعين العام والخاص.

لكن الحكومة عازمة على المضي قدما في خطتها، حيث أكد فوزي لقجع، الوزير المكلف بالميزانية، أن إصلاح نظام التقاعد الذي تباشره الحكومة يقتضي مقاربة تشاركية، من أجل الوصول إلى إصلاح جذري.

وفي الوقت الذي أكد فيه رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض إدريس لشكر أن الحكومة تخلط بين الحوار والمقايضة، معتبرا أنها “تقايض الزيادة في الأجور بإصلاح أنظمة التقاعد”، نوه حزب الأصالة والمعاصرة بفتح الحكومة لملف “إصلاح أنظمة التقاعد”، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة الانخراط الإيجابي في تجاوز “سنوات من المماطلة في الإصلاح الجوهري”، داعيا إلى “إنصاف منخرطي صناديق التقاعد”.

4