الحكومة الكويتية في جولة صدام مصيرية مع مجلس الأمة

مجلس الأمة الكويتي يرفض المصادقة على عدة قوانين من بينها مشروع يتعلق بالدين العام.
الخميس 2020/04/16
صراع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في عز أزمة الوباء

دخلت الحكومة الكويتية في جولة صدام مصيرية مع مجلس الأمة حول مقترحات عاجلة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، والتي زادت من حدتها المخاوف من أن يطول أمد وباء فايروس كورونا لأجل غير مسمى، وهو ما يشي، وفق مراقبين، بدخول البلاد في أزمة سياسية في الأفق غير في غنى عنها، ما يجعل من حل المشاكل العالقة أمرا شبه مستحيل.

الكويت- أكدت مصادر سياسية كويتية أن الحكومة تواجه معارضة شديدة من نواب في مجلس الأمة (البرلمان) لتمرير عدة مشاريع قوانين لمواجهة جبهات مختلفة استعصت عليها دون الحصول على حزام قوي، في الوقت الذي يتعرض فيه وزراء إلى التهديد بالاستجواب.

وبينما تجد الحكومة نفسها عاجزة عن مواصلة تطبيق إصلاحاتها بسبب الظروف الطارئة بسبب وباء كورونا، أشار رئيس لجنة الميزانيات والحساب الختامي في البرلمان النائب عدنان عبدالصمد إلى أن معظم أعضاء المجلس يرفضون المصادقة على عدة قوانين من بينها مشروع يتعلق بالدين العام.

وقال في تصريحات لوسائل إعلام محلية إن “هناك قلق بشأن الطريقة التي أرسل بها مشروع القانون إلى المجلس”، وألمح إلى وجود تخوف من تجاهل الإصلاحات إذا سمح للحكومة بالاقتراض ثم استخدام الأموال بشكل غير سليم.

وناقشت اللجنة الثلاثاء الماضي قائمة طويلة بمصادر بديلة للتمويل بعد وقت قصير من إعلان رئيس المجلس مرزوق الغانم أن فرص الموافقة على قانون مقترح بشأن الدين العام “تكاد تكون معدومة”.

عدنان عبدالصمد: معظم أعضاء المجلس يرفضون تمرير مشاريع قوانين حكومية
عدنان عبدالصمد: معظم أعضاء المجلس يرفضون تمرير مشاريع قوانين حكومية

وأبدى رئيس لجنة الميزانية بمجلس الأمة بدوره تحفظا على القانون المقترح الذي من شأنه أن يجعل الحد الأقصى للدين العام عند نحو 20 مليار دينار (64.82 مليار دولار).

وتعاني الدولة الخليجية جراء هبوط حاد في سعر النفط مع انهيار الطلب العالمي بسبب تفشي فايروس كورونا المستجد، وهو ما جعل من إيجاد سبل للسماح بزيادة الاقتراض أكثر إلحاحا.

ويرى مراقبون أنه في حال لم يتم التوصل إلى توافق لحل بعض الملفات العالقة قد يجعل الحكومة الحالية في طريق مسدود ويزيد من تعقيد الأوضاع.

ووضع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الأزمة الناجمة عن استقالة حكومة الشيخ جابر المبارك في نوفمبر الماضي على طريق الحلّ والخروج من تلك المشكلة التي أثارت جدلا واسعا.

وتم إسناد مهمّة تشكيل الحكومة الجديدة للشيخ صباح الخالد المؤهّل، بحسب متابعين للشأن الكويتي، لأداء دور “الإطفائي” الذي يجيده نظرا إلى خلفيته الدبلوماسية وخصائص شخصيته الميالة للهدوء والتروي والبعد عن الصراعات.

ولكن يبدو أن حكومة الشيخ صباح الخالد تواجه صدا من قبل أعضاء في مجلس الأمة بسبب طريق معالجة الأزمة وهو ما قد يضفي نوعا من الضبابية مستقبلا إذا استمر السجال هو المسيطر على المشهد السياسي.

ورغم وجود بدائل عن مقترح قانون الدين العام، لكن مراقبين يشككون في جدوى نجاحها خاصة وأن الطبقة السياسية تبدو منقسمة على نفسها.
ويقول عبدالصمد إن من بين الخيارات البديلة التي ناقشها البرلمان تعليق تحويل قرابة عشرة في المئة من إيرادات الدولة إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة.

وكشف أنه جرى تحويل 12 مليار دينار على مدار الأعوام الخمسة الماضية إلى هذا الصندوق. والمرة الوحيدة التي سحبت فيها الكويت أموالا من صندوق الأجيال القادمة كانت أثناء حرب الخليج الأولى.

الجائحة تعطل إصلاحات الحكومة
الجائحة تعطل إصلاحات الحكومة

وقال إن مصادر أخرى للتمويل قد تأتي من البنك المركزي الذي يمكنه أن يقرض بشكل قانوني الحكومة ما يصل إلى قرابة 1.5 مليار دينار وأن صندوق التنمية يمكنه إقراض الحكومة ما يصل إلى 25 في المئة من رأسماله للمشاريع الإسكانية.

وأعلنت الكويت إجراءات لتعزيز اقتصادها في مواجهة جائحة فيروس كورونا، بما في ذلك قروض ميسرة طويلة الأجل من بنوك محلية وطلب البنك المركزي من البنوك تسهيل سداد القروض للشركات المتضررة.

ويحذّر قادة رأي كويتويون من أنّ هامش الوقت والظروف المحلية والإقليمية الضاغطة لا يسمحان ببقاء البلد في دائرة الصراعات الهامشية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على خلفية قضايا بينها ما يعود إلى صراعات شخصية، مطالبين بسرعة تجاوز تلك الصراعات والتفرّغ لحلّ قضايا مصيرية.

وكانت النائب صفاء الهاشم، المعروفة بمواقفها الاستفزازية، قد شنت هجوما على وزير المالية براك الشيتان بشأن تحويل بعض مخصصات مؤسسة التأمينات الاجتماعية إلى هيئة مكافحة الفساد (نزاهة)، واعتبرت تصرفه غير مدروس ولا ينم عن “حصافة سياسية”.
ورد عليها النائب سعد الخنفور عبر وسائل الإعلام بأن دعا أعضاء مجلس إلى التعاون مع الشيتان وإعطائه الفرصة لتقديم خطته المالية وإصلاحاته للجهات التي يتولى الإشراف عليها.

واعتبر الخنفور أن تهديد الشيتان بالاستجواب وهو مازال جديدا في منصبه، ليس له مبرر، وهو يدخل ضمن التأجيج السياسي الذي لا ينفع خصوصا في ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها الكويت لمواجهة الوباء.

3