الحكومة الكويتية تكسب جولة إنقاذ وزير الداخلية في معركة الاستجوابات الأطول

الحكومة الكويتية في موقف ضعيف بسبب كثرة قضايا الفساد التي استشرت في البلد وأنهكته ماليا.
الخميس 2020/08/27
أفلت من كمين المويزري فهل ينجو من شباك هايف

الكويت – جدّد مجلس الأمّة (البرلمان) الكويتي، الأربعاء، الثّقة في وزير الداخلية أنس الصالح، بعد طلب تقدم به نائب في المجلس لسحبها منه إثر استجواب قدّمه إليه وتضمّن اتهاما له بـ”التربح من منصبه وإساءة استغلال السلطة”.

وبذلك تكون الحكومة الكويتية قد كسبت جولة واحدة فقط من معركة الاستجوابات النيابية التي ستتواصل باستجواب للوزير نفسه أعلن أحد النواب عن نيته تقديمه إليه، فضلا عن استجوابين آخرين أعلن نائبان تقديمهما لرئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد وثالث لوزير التربية سعود الحربي.

وتمثّل الاستجوابات النيابية التي يُقبل النواب الكويتيون على تقديمها للوزراء بشكل مكثّف، مدار صراع دائم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهي مرتبطة عادة بفترات اشتداد الصراعات السياسية وتصفية الحسابات خصوصا مع اقتراب المناسبات الهامة مثل الانتخابات التشريعية، وكثيرا ما كانت تلك الاستجوابات نفسها مصدر عدم استقرار سياسي عندما يتم بسببها اللجوء إلى إقالة الحكومات وحلّ البرلمانات لفك الاشتباكات بينهما.

وتشهد الكويت آخر نوفمبر القادم انتخابات لإعادة تشكيل البرلمان، بينما يمرّ البلد حاليا بمرحلة أزمة مالية حادّة جرّاء جائحة كورونا ترافقها حالة من الترقب وعدم اليقين بفعل مرض الأمير الشيخ صباح الأحمد واشتداد الصراعات داخل أسرة آل الصباح الحاكمة والتي لا يُستبعد أن تكون الاستجوابات النيابية ذات صلة بها.

وعقد مجلس الأمّة الكويتي، الأربعاء، جلسة خاصة للنظر في طلب سحب الثقة من وزير الداخلية الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس مجلس الوزراء.

استجواب جديد لوزير الداخلية أنس الصالح وآخران لرئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد وثالث لوزير التربية سعود الحربي

ووفق ما نقلته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية “كونا”، فقد أظهرت نتيجة التصويت بالمجلس على طلب طرح الثقة رفض 35 نائبا للطلب وموافقة 13 نائبا عليه من إجمالي 48 نائبا شاركوا بالجلسة.

والإثنين الماضي، وجه رئيس مجلس الأمّة مرزوق الغانم الدعوة إلى عقد جلسة خاصة للتصويت على طلب النائب شعيب المويزري، لطرح الثقة من الوزير الصالح.

وكان الوزير نفسه قد قدم في يوليو الماضي بلاغا ضد نفسه للنائب العام، عقب يومين من تقديم استجواب له من النائب المويزري.

وتضمن الاستجواب ثلاثة محاور هي: التربح من المنصب الوزاري، وانتهاك ومخالفة وزير الداخلية للقانون وإساءة استعمال السلطة، وتزوير إرادة الأمّة والعبث بسجلاّت الناخبين.

والأحد، دعا نائب الأمير ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح إلى التهدئة، قائلا في خطاب إنّه “لا حماية لفاسد أيا كان اسمه أو صفته أو مكانته”.

وأضاف “أدعو الإخوة في الحكومة ومجلس الأمّة إلى اعتماد التدابير الفاعلة والتشريعات الكفيلة بردع الفاسدين والقضاء على مظاهر الفساد وأسبابه”.

قضايا متنامية
قضايا متنامية

وهنّأ نائب الأمير، الصالح، عقب نيله ثقة البرلمان الأربعاء. لكنّ النائب محمد هايف أعلن أنه سيتقدم، الخميس، باستجواب إلى وزير الداخلية نفسه، مبيّنا في تصريح أدلى به من مقر مجلس الأمّة أن الاستجواب المزمع تقديمه للوزير يتضمن محاور جديدة لم تكن ضمن محاور الاستجواب الذي قدمه النائب شعيب المويزري.

كما أعلن رئيس البرلمان عن تسلّمه استجوابا من النائب عبدالكريم الكندري إلى رئيس الحكومة من ثلاثة محاور وآخر للرئيس نفسه من النائب الحميدي السبيعي من محورين، معلنا إدراج الاستجوابين في أول جلسة تعقد بعد جلسة الأول من سبتمبر القادم المدرج عليها استجواب لوزير التربية.

وما يضعف موقف الحكومة الكويتية في معركتها مع البرلمان كثرة القضايا التي تفجّرت تباعا وتقع في نطاق مسؤوليتها وتتعلّق بظاهرة الفساد التي استشرت في البلد وأنهكته ماليا رغم ثرائه.

وقرر النائب العام الكويتي ضرار العسعوسي، الأربعاء، أن يكون التحقيق سريا في قضية الإيراني المتهم بالرشوة وغسل الأموال. وقالت النيابة العامة، في بيان صحافي، إن القرار جاء بمناسبة التحقيقات التي تباشرها النيابة في القضية بشأن تعاون المتهم الإيراني وفقا لما جاء بإقراره وبمحضر الجهة الأمنية، مع بعض المستشارين والقضاة في ما يتعلق بوظيفتهم القضائية.

وأشار البيان إلى أن القرار يأتي لما يمثله تداول هذه القضية بوسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة وشبكة الإنترنت من إساءة بالغة للمصلحة العامة والوطنية وما يلحقه من ضرر بالمصالح القومية للبلاد، ويمس بسمعة القضاء الكويتي الذي يشهد الجميع بنزاهته.

وشدد البيان على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بعد محاكمة عادلة تكفل له ضمانات الدفاع عن نفسه، مؤكدا أن منع النشر يأتي حرصا على عدم الزج بأسماء بعض القضاة والمستشارين قبل ثبوت إدانتهم.

وأشار البيان إلى أنه سوف تتخذ الإجراءات القانونية ضد كل من تسول له نفسه مخالفة حظر النشر في هذه القضية، لافتا إلى أن النيابة العامة سوف تقوم بإحاطة وسائل الإعلام بما تنتهي إليه التحقيقات فور الانتهاء منها.

وكانت السلطات الكويتية ألقت القبض منتصف يوليو الماضي على الإيراني فؤاد صالحي وأربعة أشخاص هم مصري وعراقي يملك جنسية أوروبية، وكويتيين اثنين وذلك عقب مداهمة موقع رئيس الشبكة صالحي بأحد الشاليهات في منطقة بنيدر جنوب العاصمة الكويت ومواقع أخرى، بتهمة غسل الأموال.

واحتجزت السلطات سيارات فارهة وكلاسيكية ودراجات رباعية الدفع، وساعات ومجوهرات ثمينة، ومبالغ مالية بالعملة المحلية وعملات مختلفة.

وتصدرت مسألة مكافحة الفساد وغسيل الأموال في الآونة الأخيرة أحاديث الكويتيين رسميا وشعبيا بالتزامن مع الكشف عن قضيتين بارزتين وهما قضية “الصندوق السيادي الماليزي” وقضية “النائب البنغالي” المتهم فيهما شخصيات رفيعة وبارزة.

3