الحكومة التونسية ترضخ للمركزي بسحب موازنة تكميلية باهظة التكلفة

مشروع الموازنة التكميلية عده خبراء على أنه مواصلة في نهج الحلول الترقيعية.
الثلاثاء 2020/11/03
انتظار مرور سحابة الأزمة

تونس - رضخت الحكومة التونسية للبنك المركزي بسحبها مشروع موازنة تكميلية باهظة التكلفة بعد رفض المركزي إصدار سندات لتمويل العجز القياسي في موازنة العام المقبل.

قالت الحكومة التونسية، الاثنين، إنها سحبت مشروع قانون الموازنة التكميلية لعام 2020، والتي تنطوي على أكبر عجز منذ عقود، وذلك بعد أن طلب البرلمان والبنك المركزي منها خفض خطط إنفاقها.

ورفضت لجنة المالية بالبرلمان الأسبوع الماضي، مشروع القانون الذي كان يضم خططا لزيادة العجز المالي إلى 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة النفقات بنحو أربعة مليارات دولار، وهو ما يعود لحد كبير إلى جهود تخفيف أثر جائحة فايروس كورونا.

وكانت الحكومة تعول على شراء البنك المركزي لسندات خزانة لتمويل هذا العجز. لكن البنك رفض الخطوة قائلا إنها سترفع التضخم وتخفض الاحتياطيات وتضغط على العملة المحلية ضمن مخاطر أخرى.

ويقوض الاقتصاد التونسي ارتفاع الديون وتدهور الخدمات العامة، وهو ما تفاقم بفعل الجائحة إلى جانب اضطراب سياسي استمر عاما.

ونقلت صحيفة ليدرز المحلية للخبيرة في الاقتصاد فاطمة مراكشي الشرفي قولها، إنه “في ظل هذه الأوضاع المالية ينبغي على البنك المركزي اتباع سياسة نقدية أكثر مرونة، كما هو مطلوب منه اليوم”، مشيرة إلى أن “شراء سندات من السوق المالية من شأنه أن يحسن السيولة، لكنه يزيد من معروض النقد ما يؤدي إلى انخفاض معدل الفائدة”.

فاطمة مراكشي الشرفي: إصدار سندات يؤدي إلى تكديس المعروض النقدي دون استثمارات
فاطمة مراكشي الشرفي: إصدار سندات يؤدي إلى تكديس المعروض النقدي دون استثمارات

وأوضحت أن “إصدار المركزي لسندات وإعادة شرائها سيؤدي إلى تكديس النقود دون استثمارات وخلق للثروة، ما سيتسبب بالضرورة في التضخم، حيث أن هذا التضخم سيؤدي إلى انخفاض قيمة الدينار، ويزيد تكلفة الواردات”.

وأشارت إلى أن “الخطوة ستزيد من جهة أخرى من تآكل القدرة الشرائية للتونسيين وخصوصا الطبقات الهشة، حيث أن ذلك سيفجر المطلبية النقابية، والمطالبة بزيادات في الأجورة التي سيتم منحها دون مصادر تمويل ما يعمق التضخم المالي”.

وأضافت أن “كل هذه الظروف سترمي بالمواطنين في دوامة ارتفاع الأسعار وارتفاع كلفة الأجور والاستهلاك”.

وانكمش اقتصاد تونس المعتمد على السياحة بـ21.6 في المئة في الربع الثاني من 2020 مقارنة مع مستواه قبل عام، إذ تضرر بشدة من حظر السفر المفروض لكبح انتشار فايروس كورونا.

وحدد مشروع القانون ميزانية الدولة بمبلغ 52.6 مليار دينار، أي بزيادة 4 في المئة، في حين لم يتضمن المشروع زيادة ضريبية ولا ضرائب جديدة.

واختارت الحكومة التونسية الجديدة، بقيادة رئيس الحكومة هشام المشيشي، الإنصاف في الحسابات وخفض الإنفاق، كما خصصت 7 مليارات دينار كنفقات للتنمية، منها 1.5 مليار دينار فقط مخصصة للمشاريع.

وتم إعداد هذا المشروع بتحديد سعر برميل النفط بقيمة 45 دولارا، مع توقع أن تكون جملة المداخيل الجبائية 30 مليار دينار، فيما تفوق نفقات التصرف 30 مليار دينار، أما خدمة الدين العمومي فإن نفقاتها ستناهز الـ15 مليار دينار، وبهذه المعطيات يكون عجز الميزانية في حدود 20 مليار دينار.

وتقول الحكومة إن المشروع الجديد يخفف الضغوط الجبائية على المؤسسات والمواطنين، إلا أن خبراء اقتصاد اعتبروه مواصلة في نهج الحلول الترقيعية.

ويستند الخبراء في مقاربتهم إلى أن غياب الموارد لتعبئة الموازنة في ظل الركود الاقتصادي يطرح أسئلة حول مصادر التمويل التي ستعتمد عليها الدولة لتغطية نفقاتها.

ويقول خبراء إن الدولة ما لم تفرض ضرائب فهي لا محالة ستضطر إلى الاقتراض مجددا لتغطية النفقات، ما يعني المزيد من ارتباك التوازنات المالية وتغذية العجز في الموازنة. وقدّر مشروع القانون موازنة الدولة بمبلغ 52.6 مليار دينار، أي بزيادة بنحو 4 في المئة، مسجلا بذلك عجزا بنسبة 14 في المئة، في حين لم يتضمن المشروع زيادة ضريبية ولا ضرائب جديدة.

11