الحكم بإعدام برويز مشرف يثير خلافا بين الجيش الباكستاني والسلطة القضائية

خلّف الحكم على الرئيس الباكستاني الأسبق برويز مشرف بالإعدام استياء وغضبا من جانب المؤسسة العسكرية التي وصل من خلالها مشرف للحكم، حيث تخشى قيادات الجيش الباكستاني من تكرار سيناريو تركيا حيث استغل الرئيس رجب طيب أردوغان في العام 2016 محاولة انقلاب فاشلة لصالحه من خلال تصفية قيادات الجيش لاسيما المعارضين منهم لسياساته، وهو ما أرغم الجيش الباكستاني على التحرك، الثلاثاء، للتنديد بالحكم الصادر بحق الرئيس الأسبق.
إسلام آباد – قضت محكمة باكستانية، الثلاثاء، غيابيا بإعدام الرئيس الأسبق برويز مشرّف بعد إدانته بـ”الخيانة العظمى” في خطوة غير مسبوقة في بلد يتمتع فيه العسكريون بحصانة من الملاحقة القضائية.
وجاء في تغريدة لإذاعة باكستان أن “المحكمة الخاصة في إسلام آباد حكمت على الرئيس الأسبق برويز مشرّف بالإعدام في قضية الخيانة العظمى”.
وخلّف هذا الحكم استياء كبيرا لدى الجيش الباكستاني الذي لديه نفوذ كبير هناك، لكنه فشل في إنقاذ مشرف في وقت سابق وإعادته للحكم أو على الأقل بعض رموز نظامه. وأصدر الجيش بيانا،، عبر فيه عن “الألم والحزن” بسبب حكم الإعدام الذي صدر بحق برويز مشرف.
وقال الجيش إنّ برويز “قائد الجيش السابق ورئيس لجنة الأركان المشتركة ورئيس باكستان الذي خدم البلاد أكثر من 40 عاما وخاض حروبا من أجل الدفاع عن البلاد، لا يمكن أن يكون خائنا”، مضيفا “يبدو أنه تم تجاهل” إجراءات قانونية.
وبدا الجيش الباكستاني من خلال هذا البيان متوجسا من أن توظف السلطات الباكستانية في هذه الفترة القضاء لتصفية قيادات معارضة لها كما فعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في صيف 2016، عندما استغل انقلابا مزعوما عليه ليصفي قيادات بارزة معارضة لسياساته.
الجيش الباكستاني يأمل بأن تتم إقامة العدالة بما يتماشى مع دستور جمهورية باكستان الإسلامية
وشنت السلطات التركية منذ ذلك الحين حملة اعتقالات على هؤلاء القادة وصدرت بحق بعضهم أحكام قضائية قاسية في نظر معارضي أردوغان.
وأعرب الجيش الباكستاني عن توقعه بأن تتم “إقامة العدالة بما يتماشى مع دستور جمهورية باكستان الإسلامية”.
وتتمحور قضية مشرف حول قراره تعليق العمل بالدستور وفرض حالة الطوارئ في 2007، بحسب محاميه أختر شاه. وأشعلت الخطوة المثيرة للجدل احتجاجات ضد مشرّف، ما دفعه للاستقالة في وجه إجراءات لعزله. ويقيم مشرّف في منفاه الاختياري منذ رفع حظر السفر الذي كان مفروضًا عليه في 2016 والذي سمح له بتلقي العلاج في الخارج.
ومنذ ذلك الحين، أصبح الرئيس الأسبق البالغ من العمر 76 عامًا، يقضي معظم وقته بين دبي ولندن.
وأصدر الرئيس الباكستاني الأسبق الشهر الماضي، تسجيلا مصورا من سريره بمستشفى في دبي قال فيه إنه لم يحصل على محاكمة عادلة في القضية التي أقامتها الحكومة ضده في 2013. وقال مشرف “خدمت الأمة واتخذت قرارات في صالح البلاد”.
وولد مشرّف في نيودلهي لكنه انتقل مع عائلته إلى باكستان وتولى السلطة عقب الإطاحة برئيس الوزراء نواز شريف في انقلاب سنة 1999. وأصبح الجنرال المعتدل حليفًا مهمًا للولايات المتحدة في إطار “حربها على الإرهاب” ونجا من ثلاث محاولات اغتيال دبّرها تنظيم القاعدة ضده خلال سنواته التسع في السلطة.
ولم يواجه تحديات جدية عندما كان في السلطة إلى أن حاول إقالة كبير القضاة في مارس 2007، في خطوة أشعلت تظاهرات واسعة وتسببت بشهور من الاضطرابات دفعته لإعلان حالة الطوارئ.
وتراجع المزاج العام في باكستان بشكل إضافي عقب عملية اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو في 2007، بينما زادت عزلة مشرف جرّاء الانتكاسات التي تعرّض لها حلفاؤه في انتخابات فبراير 2008. وبعد قرار المحكمة، قال نجل بوتو، بيلاوال بوتو زارداري، “الديمقراطية هي الانتقام الأمثل”.
واستقال مشرّف في 2008 في وجه إجراءات عزله التي أطلقها الائتلاف الجديد الحاكم آنذاك، وغادر البلاد.
وتصر السلطة القضائية بشكل متزايد في معركتها مع الجيش على إرساء سيادة القانون.