الحج على حساب الدولة يفتح باب الجدل حول استغلال المال العام في ليبيا

فتح رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبدالحميد الدبيبة باب السجال على مصراعيه بإعلانه للعام الثاني على التوالي أن الدولة ستتكفل بكامل تكاليف الحج لمواطنيها في الموسم المقبل، مشيرا إلى أن هذا القرار يأتي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الكثير من الليبيين.
وقال الدبيبة إن الدولة ستتحمل الكلفة كاملة، والتي تقدر بأكثر من 50 ألف دينار (9 آلاف دولار) ليبي للحاج الواحد، مع إعطاء المواطنين الراغبين في تحمل هذه الكلفة بأنفسهم حرية القيام بذلك، بينما بدأ الحديث عن الدوافع الحقيقية وراء هذا القرار، وما إذا كان يدخل في إطار البحث عن دعم لشرعيته السياسية المترهلة أم أنه يهدف إلى اكتساب شعبية قد يحتاج إليها في أي موعد انتخابي قادم.
وتقدمت الهيئة العامة للحج بلائحة التكاليف إلى الدبيبة الذي انتقد أداء اللجان المرافقة للحجاج في الأعوام السابقة، مؤكدا على ضرورة اختيار الكفاءات للجان هذا العام وفق ضوابط صارمة، ومحذرا من المحسوبية والوساطة.
وقال نائب رئيس الهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة صبري البوعيشي إن كلفة الحج المتوقعة تبلغ نحو 9000 دولار، في حين سيتم إجراء القرعة لاختيار الحجاج المؤهلين قبل حلول شهر رمضان، وأوضح أن الهيئة قدمت تقديرات الميزانية والكلفة لرئيس الحكومة، مشيرا إلى أن التسجيل للحج عبر المنظومة الإلكترونية الجديدة قد شهد مشاركة أكثر من مليون مواطن ليبي، وأن القرعة ستجرى بعد فرز المسجلين الذين يستوفون الشروط، ومنها عدم أداء الحاج للفريضة سابقا.
وحاول الدبيبة تبرير قراره بأن الكثير من المسجلين في قرعة الحج هذا العام هم من ذوي الدخل المحدود الذين لا تزيد رواتبهم عن ألف إلى 2000 دينار ولا يستطيعون دفع كلفة الحج، رغم أن الخطاب الديني كان واضحا في تأكيد مبدأ الحج “لمن استطاع إليه سبيلا” وليس لمن تدفع عنه الحكومة تكاليف أدائه الفريضة.
وكان عدد الحجاج الليبيين قد بلغ في موسم الحج السابق 7800 حاج، وفق أرقام صادرة عن الجهات الرسمية، فيما أفادت بيانات الهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة بأن العدد الإجمالي للمتقدمين هذا العام بلغ 1.102.318 متقدما، من بينهم الرجال والنساء من مختلف المناطق الليبية؛ أي أن واحدا من كل سبعة ليبيين يرغب في أداء فريضة الحج.
واستنكر الناشط الحقوقي طارق لملوم إعلان حكومة الدبيبة تكفلها بدفع تكاليف الحج لليبيين في ظل ادعائها عدم قدرتها على علاج الشعب، وقال "تدفع الحكومة تكاليف الحج وهو لمن استطاع إليه سبيلا، أي لمن يملك المال والقدرة ومن لا يملك فلا حرج عليه، وفي المقابل تتقدم عشرات العائلات الليبية والمرضى بطلبات لجوء في ألمانيا وبلجيكا وبريطانيا بعد خذلان وزارة الصحة وزعمها أنها غير قادرة على دفع تكاليف علاجهم في عدة حالات مستعصية وتكاليف علاجها باهظة الثمن."
وفي أكتوبر الماضي أعلنت الهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة في ليبيا عن بدء التسجيل في قرعة الحج لموسم عام 1446هـ – 2025م، والذي استمر مدة شهر، مع اعتماد جملة من الشروط، منها أن يكون المترشح ليبي الجنسية، وألا يكون قد سبق له أداء فريضة الحج مطلقا، سواء كان ذلك على حسابه أو ضمن حجاج الحملة الليبية، وألا يقل عمر المتقدم عن 25 سنة، وأن يكون قادرا صحيا، ويراعى أن يكون معافى من الأمراض العقلية والنفسية والأمراض السارية والأوبئة وعمليـات القلـب المفتوح وغسيل الكلى والأورام، وليس ممن يتعرض لفقدان الذاكرة بشكل جزئي أو كلي، وأن يكون حاصلًا على جواز سفر إلكتروني، وأن يقبل السفر والإقامة والنقل وفقًا لما يقتضيه برنامج تسفير الحجاج، بالإضافة إلى ضرورة أن يلتزم بسداد قيمة كلفة الحج التي ستتقرر في ما بعد بموجب صــك مصدق إلكتروني باسم الهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة، مع التأكيد على أنه لن يتم تسجيل النساء إلا برفقة محرم شرعي، ولن يتم قبول أي تنازل أو استبدال.