الجيش المغربي يمضي في نهج تحديث قدراته الدفاعية وتطويرها

شكلت الذكرى السابعة والستون لتأسيس القوات المسلحة المغربية فرصة للتأكيد على مضي المملكة قدما في برنامج تحديث الجيش، والذي يحظى باهتمام خاص من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس، بالنظر إلى حجم التحديات الأمنية في المنطقة والإقليم.
الرباط – تتزامن الذكرى السابعة والستون لتأسيس القوات المسلحة الملكية المغربية مع تغييرات كبيرة وجوهرية طرأت على الجيش المغربي بفعل مخطط التحديث الذي انطلق منذ سنوات وضاعف بشكل كبير من القدرات الدفاعية والهجومية للجيش.
وركزت القوات المسلحة الملكية بشكل أكبر على الحصول على الأسلحة المتطورة تكنولوجيا، مستفيدة من شراكتها متعددة الأوجه مع الولايات المتحدة، إضافة إلى إسرائيل التي أصبحت “حليفا عسكريا” للرباط بعد توقيع الطرفين اتفاقا لاستئناف العلاقات الدبلوماسية قبل ثلاث سنوات.
ويولي العاهل المغربي الملك محمد السادس عناية خاصة لورش تحديث القوات المسلحة الملكية، وأكد في هذا الصدد في خطاب توجيهي للقوات المسلحة الأحد، أن “التحولات الجيوستراتيجية التي تشهدها الساحة الدولية تقتضي، علاوة على اليقظة الدائمة والتكيف المستمر، مقاربة عقلانية، كيفا وكمّا، بغية تعزيز القدرات الدفاعية والعملياتية واللوجيستية للقوات المسلحة”.
وأكد العاهل المغربي القائد الأعلى للقوات المسلحة أنه “علاوة على برامج التطوير والبحث العلمي التي تم إطلاقها بشراكة مع الجامعات والمعاهد المغربية من أجل الانخراط في السيرورة التي يعرفها التطور الصناعي الوطني، فقد أصدرنا أوامرنا السامية بإنشاء المركز الملكي للدراسات وأبحاث الدفاع التابع للكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا، والذي أوكلنا إليه مهمة المساهمة في تكريس ثقافة المقاربة الإستراتيجية في التعامل مع إشكاليات وتحديات منظومة الدفاع والأمن، في أبعادها الشاملة، وخلق فضاء للكفاءات التحليلية المدنية والعسكرية”.
ويرتبط إحداث المركز الملكي للدراسات وأبحاث الدفاع بالتحولات الجيوستراتيجية إقليميا ودوليا والأدوار المهمة التي يلعبها المغرب على المستويات الأمنية والعسكرية.
ويرى نبيل الأندلوسي رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية أن هذا الأمر يتماشى مع تطوير القوات المسلحة الملكية لقدراتها الدفاعية والهجومية، والانفتاح على الجيل الجديد من الأسلحة والأنظمة الدفاعية، وفعاليتها داخل المنطقة والتوازنات الجيوستراتيجية المتعلقة بذلك.
وفي ظل الأجندة التي خططت لها القيادة المغربية لاستشراف المستقبل، شدد الأندلوسي في تصريحات لـ”العرب”، على أن الموقع الجيوستراتيجي للمملكة المغربية، والتحديات الأمنية المطروحة بمنطقة المتوسط وشمال أفريقيا والصحراء والساحل، والتحديات التي يفرضها ملف الصحراء المغربية، عوامل ساعدت في تدعيم القدرات العسكرية للجيش المغربي وتطوير إمكانياته الدفاعية والهجومية والعلمية، سواء على المستوى البشري أو اللوجيستي.
ودأب المغرب على تأهيل بنيته التحتية لاستقبال الطائرات الحربية الأميركية، بما يشمل تصميم المنشآت والبنى التحتية الداعمة، بما فيها تلك الخاصة بمحاكاة الطيران وتأمينه، وهو ما يتطلب تطوير الخبرات ذات كفاءة عالية في هذا الصدد، إلى جانب تأهيل نظام حجز الطائرات، وأنظمة الأمن الإلكترونية المرتبطة بها، لتشمل الفحص الأمني، خاصة في ظل اهتمام المملكة بورش تأهيل القوات الملكية الجوية.
ومر تطوير الجيش عبر مجموعة من المراحل من تحديث الأسلحة، إلى تأهيل وصقل مهارات عناصر القوات المسلحة الملكية بكل تشكيلاتها البرية والجوية والبحرية، بالإضافة إلى الانفتاح على شركاء وحلفاء مثل الولايات المتحدة، وتوقيع اتفاقية شراكة بشأن الأسلحة البيولوجية والكيماوية وكل أشكال الخطر الجديدة.
وحصل الجيش المغربي في السنوات الأخيرة على عتاد عسكري جديد ومتطور من الولايات المتحدة وإسرائيل والصين، منها أسلحة الحرب الإلكترونية، وسرب جديد من مقاتلات أف – 16 المزودة بأنظمة تكنولوجية حديثة، وأنظمة الدفاع المتطورة من إسرائيل كمنظومة “باراك ماكس”، والعديد من المسيرات الدفاعية من الجيل الجديد، إضافة إلى موافقة البنتاغون مؤخرا على تزويد المغرب بمنظومة “هيمارس” الدفاعية المتطورة.
وتسلمت القوات المسلحة المغربية قبل ثلاث سنوات شحنة من نظام راجمات الصواريخ الصيني “آر 2″، والذي يعتبر من أقوى أنظمة الرجم بالصواريخ في العالم، ويعد من أقوى أسلحة الردع في ترسانة القوات المسلحة الملكية المغربية.
وقررت المملكة المغربية القيام بخطوات ثابتة من أجل التأسيس لصناعة عسكرية محلية، بعد تخصيص موارد مالية مهمة موجهة لهذا الأمر في ميزانية العام 2023، وتنفيذا للمخطط الذي تم الكشف عنه في الشهور الماضية والذي يهدف إلى تحقيق استقلال المغرب في هذا المجال.
وأكد الشرقاوي الروداني الخبير في الشّؤون العسكرية والأمنية في تصريحات لـ”العرب”، أنّ المغرب مطالب بتأمين مجاله الجيوأمني بزيادة منسوب الوقاية الدفاعية من خلال تطوير برامج صناعية مشتركة، خاصة مع مورّدي بالأسلحة المطالبين ليس فقط ببيع العتاد ولكن نقل تكنولوجياته إلى المغرب الذي وقع اتفاقيات عديدة في مجال الصناعات العسكرية، حيث يمكنه إلى جانب اقتناء الأسلحة شراء براءات اختراع أسلحة دفاعية من مجمعات صناعية في أوروبا وروسيا والصين والهند.
وكان عبداللطيف لودي الوزير المنتدب لدى الحكومة المكلف بالدفاع الوطني قد كشف بمجلس النواب في جلسة حول مشروع ميزانية الدفاع لعام 2023 في نوفمبر الماضي، أن المغرب يمتلك برنامجا يهدف أولا إلى إنشاء صناعة عسكرية بشكل تدريجي، تبدأ بمشاريع الصيانة وإنتاج الذخيرة الحية، ثم الانتقال إلى صناعة عسكرية متمثلة في صناعة الطائرات بدون طيار.
وفي إطار تجديد النخب العسكرية وترقية الضباط أصحاب الأقدمية مع تقديم النخب الشابة لرسم مساراتهم المهنية داخل الهرم التنظيمي للجيش المغربي، وسعيه لبناء إستراتيجية بعيدة المدى في المجال العسكري، قام الملك محمد السادس بصفته القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية بإجراء تغيير على قيادة الجيش بتعيين الفريق محمد بريظ مفتشاً عاماً خلفاً للفريق أول بلخير الفاروق.