الجونة تنجح في الجمع بين محبي الاستجمام والمغامرة

باتت مدينة الجونة، المطلة على البحر الأحمر، ملاذا سياحيا شاملا يجذب سائحين أجانب وعرب ومصريين باستضافته مختلف الفعاليات وأنماط الترفيه المتنوعة، بداية من الاستجمام والاستمتاع بالطبيعة مرورا بحب المغامرة والتقارب مع الفنون والرياضة. ونجحت المدينة الصغيرة في تقديم نموذج سياحي متكامل قادر على تقديم شكل غير نمطي من السياحة العربية أعاد زخم الزيارة إلى مصر.
الجونة (مصر) - تقبع مدينة الجونة الساحلية على بعد نحو 500 كيلومتر من القاهرة، هادئة مستكينة يهرب روادها من زحام بلدانهم، وزخم التكدس السكاني، باحثين عن راحة مفقودة يعجزون عن تحقيقها في حياتهم اليومية.
أنشطة ترفيهية متنوعة في مكان واحد حلم صعب التحقيق، ولكن تحولت الجونة، المنتجع الذي تغيرت ملامحه في عقدين من الزمان من مجرد كثبان رملية إلى مدينة متكاملة تعج بكافة الأنشطة والخدمات، وأصبحت واجهة تحمل في طياتها عالما سياحيا متكاملا يلبي رغبات مختلف السياح من شتى الجنسيات.
نجح الأخوان نجيب وسميح ساويرس في خلق بقعة بديعة تطل على نقطة نقية من البحر الأحمر المكتظ بالأسماك والشعب البحرية الملونة وتقدم ما يحتاجه كل سائح.
وعبر عن ذلك مؤخرا تعدد الفعاليات والمهرجانات والبطولات الرياضية، والتي كان آخرها مهرجان الجونة السينمائي، في سبتمبر الماضي، الذي حقق نجاحا ملحوظا، فيما تستعد المدينة، الشهر المقبل، لاستقبال بطولة مصر للإسكواش، وهي واحدة من أهم بطولات اللعبة في العالم.
الجونة تحولت من مجرد كثبان رملية إلى واجهة تحمل في طياتها عالما سياحيا متكاملا يلبي رغبات السياح من شتى الجنسيات
وأضحى سائح الجونة أمام قضاء إجازة متكاملة يصعب تحقيقها في مكان آخر، إذ يمكنه أن يحظى بالراحة والهواء النقي دون ضجيج بين شارع وآخر عبر 6 أحياء هي، “مارينا تاون” و”الحي المتوسطي” و”حي الغولف” و”الحي النوبي”، و”حي الهضبة” و”الحي الإيطالي”.
وتضم هذه الأحياء 18 فندقا فاخرا من درجات 4 إلى 5 نجوم، بالإضافة إلى بيوت وقصور راقية وعصرية.
وتتميز الجونة بتكوينها الجغرافي الفريد الذي يتكون من جزر متفرقة قريبة لا يمكن الوصول إليها، إلا عن طريق جسور صغيرة أو بمركب متنقل.
وتتناثر المناطق الفندقية في بقاع متعددة من الجزر وأشباه الجزر القريبة المغمورة بالمياه، فلا يحتاج السائح سوى أن يجلس في شرفة غرفته ليجد مياه البحر أسفل قدميه.
ويختار سياحة الاستجمام الكثير من السياح الألمان، ومنهم لوكهار مودلر، سائح في الستينات جاء مع زوجته لقضاء أسبوع في الجونة.
وقال مودلر في حديثه لـ”العرب”، إن تلك هي زيارته الثانية للمكان، وقبل ذلك كان يزور الغردقة (مدينة تبعد عن الجونة 25 كيلومترا) سنويا للاستمتاع بجمال البحر الأحمر، ولكنه سمع عن الجونة من بعض الأصدقاء وعندما زارها وجد فيها هدوءا ونظافة وتحضرا وهي من الأمور التي شجعته على الزيارة.
ويرى مودلر أن أهم ما يميز المدينة كونها تجمع بين طابعين، بناء شرقي قريب من بيوت المزارعين المصريين، ومطاعم وشواطئ غربية لا تشعر السائح الأوروبي بالغربة، ولكنها تحقق له حلمه بالسفر دون الشعور بالابتعاد عن بيته، وهو ما يشجع على قضاء فترة أطول في المكان.
وتتكامل مدينة الجونة بتقديمها فرصة ثرية للسائح الباحث عن مغامرة مثيرة، فهو أمام العشرات من الرياضات والرحلات المتنوعة؛ بداية من مغامرة الصيد البحري والغوص في أعماق البحار وسط أسماك ملونة ودرافيل وشعب متوهجة نادرة أو الولوج صوب ألعاب مائية مميزة مثل ركوب الأمواج والتزحلق بالمنطاد وغيرها من الألعاب الشهيرة.
كما يمكن للسائح الفرار بعيدا عن حياة المدينة إلى الصحراء الشرقية بسيارات الدفع الرباعي، للاستمتاع بالجو البدوي وجمال الطبيعة الجبلية.
وتروي سائحة أوكرانية تدعى ميالا جورجي أنها تأتي للجونة منذ عدة سنوات، وشاهدت مراحل تطورها بشكل ملفت، وفي كل زيارة جديدة تجد مبنى أو نشاطا جديدا.
وأضافت جورجي لـ”العرب”، أن المدينة تحتوي على معارض تراثية متنوعة مثل معارض صناعة الفخار والزخارف، بالإضافة إلى متحف الأحياء المائية، موضحة أنها في إحدى زيارتها صادفت بطولة دولية للغولف استمتعت بمشاهدتها ورؤية لاعبين محترفين في اللعبة.
ولا تجذب الجونة السائحين الأجانب فقط، ولكنها ملاذ للأغنياء والصفوة من المصريين والعرب، حيث اختار بعضهم إقامة دائمة بالمدينة الساحلية والبعض الآخر يقيم فيها في فترات الربيع والخريف للاستمتاع بدفء الشمس وجمال الطبيعة.
وتتميز المدينة بكونها تتوفر على مدارس خاصة وفروع لجامعات مثل جامعة برلين والجامعة الأميركية، كما أنها قريبة من مدن وقرى استخراج النفط من البحر الأحمر، وهو ما يسهل على البعض الانتقال الدائم للجونة دون عناء الابتعاد عن العاصمة.
وتضم الجونة ثلاث مناطق مركزية، تتواجد بها منازل تطل مباشرة على البحر بشكل مدرج وتحيط بها الحدائق المعلقة المزينة بالزهور الوردية، بالإضافة إلى محال تجارية ومناطق تسوّق ومطاعم ونواد ليلية، مثل منطقة داون تاون (وسط المدينة) ومنطقة ميدان تمر حنة ومنطقة مارينا أبوتيج.
وتمثل منطقة أبوتيج مركزا لرياضة اليخوت، إذ يجمع ميناء المدينة أغلى وأشهر المراكب العالمية التي يتجول بها أصحابها في رحلات اليوم الواحد بالبحر الأحمر للاستمتاع بالصيد ورياضة الغوص.
ويرى أحمد حمدي نجل أحد رجال الأعمال بمصر، والذي يأتي شهريا لركوب يخته الخاص بالمدينة، أن الجونة مدينة من عالم آخر مثل “يوتوبيا”، فهي منتجع هادئ وشوارعه نظيفة وأهله دائمو الابتسامة والترحاب، وبها كل الأطعمة من دول العالم وجميع الأنشطة المبهجة.
وأكد حمدي لـ”العرب”، “نحلم دائما بالسفر إلى أوروبا للاستمتاع بالمدن الجميلة والنظيفة وزيارة المعارض والفعاليات، وهو ما وفرته الجونة الآن؛ فهنا لا تشعر بالوحدة بل بالعكس ترى انعكاسا لأحلامنا وبأن بلادنا صارت متحضرة، ويمكن مشاهدة أهم المهرجانات الفنية والرياضية دون حاجة إلى السفر بعيدا".