الجونة السينمائي يستذكر كيشلوفسكي في ذكرى رحيله

الجونة (مصر) - ضمن احتفائه بالأيقونات السينمائية الخالدة، أعلن مهرجان الجونة السينمائي عزمه خلال دورته الخامسة الاحتفاء بالتجربة السينمائية للمخرج البولندي كريستوف كيشلوفسكي (27 يونيو 1941 - 13 مارس 1996) بمناسبة مرور ربع قرن على رحيله.
وسيقدّم المهرجان الذي تدور فعالياته هذا العام خلال الفترة الممتدة بين الرابع عشر وحتى الثاني والعشرين من أكتوبر المقبل بالمدينة السياحية المصرية المطلة على البحر الأحمر قسما للعروض الخاصة لأشهر أفلام كيشلوفسكي، كما سيقيم معرضا استعاديا للاحتفاء بحياته وأعماله.
وسيعرض المهرجان فيلم "الحياة المزدوجة لفيرونيك" (1991)، الفائز بجائزة لجنة التحكيم المسكونية وجائزة فيبريسي في مهرجان كان السينمائي عام 1991، وجائزة أفضل ممثلة لإيرين جاكوب.
ويتتبّع الفيلم قصتين متوازيتين لامرأتين متطابقتين: واحدة تعيش في بولندا والأخرى في فرنسا، وبرغم عدم معرفتهما ببعضهما البعض فإن حياتهما مرتبطتين بشكل وثيق.
والفيلم هو الأول الذي أخرجه كيشلوفسكي بإنتاج بولندي فرنسي مشترك، ليمنح من خلاله للمشاهدين تأملاته في الحب والهوية الإنسانية والحدس والحياة الأخرى الموازية لبطلتيه، فتعدّدت أسباب شهرته بين قصته الفريدة التي حملت بين طياتها عناصر خيالية وأجواء ساحرة تجعله أقرب إلى الواقعية السحرية منه إلى الدراما، وتفسير أحداثه ونهايته التي اختلف على تفسيرها الكثيرون وجودة عناصره السينمائية التي جعلت منه حالة شعورية استثنائية تجعل أثر مشاهدته عالقة في الأذهان.
وتحكي أحداث الفيلم قصة شابتين، "ويرونيكا" تعيش في كراكوف ببولندا و"فيرونيكا" تعيش في كليرمون فيران بفرنسا، الأولى تصبح مغنية (سوبرانو) في مدرسة موسيقية تبدأ بجد لكنها تنهار وتموت في أول أداء لها بسبب ضعف عضلة قلبها، والثانية تقرّر ألاّ تصبح مغنية.
ولكليهما الشغف ذاته بالموسيقى والشكل ذاته والمشاكل في القلب ذاتها والرقة ذاتها، فلكل منهما حدس بأن هناك أخرى منها، قرينة لها بمكان ما في هذا العالم. ولكليهما تلك الشخصية الحالمة الهادئة الباحثة عن الحب وعن الأخرى التي تشعر بوجودها حيث يجمع حياتهما رابط شعوري غامض يتعدّى حدود اختلاف المكان واللغة.
وإضافة إلى ذلك، سيعرض المهرجان "ثلاثية الألوان" (1993، 1994)، وهو عنوان جماعي لثلاثة أفلام تحمل أسماء "أزرق" و"أبيض" و"أحمر" وهي ألوان العلم الفرنسي. وتستند قصة كل الفيلم بشكل فضفاض إلى أحد المُثُل السياسية الثلاثة في شعار الجمهورية الفرنسية: الحرية والمساواة والإخاء.
وتلقت الأفلام الثلاثة إشادة عالمية عند طرحها، إذ فاز "أزرق" بجائزة الأسد الذهبي وكأس فولبي لأفضل ممثلة لجولييت بينوش في مهرجان فينيسيا السينمائي، إضافة إلى ثلاث جوائز سيزار لأفضل صوت وأفضل مونتاج وأفضل ممثلة لبينوش.
وحصل "أبيض" على جائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي عام 1994، ورُشح "أحمر" لثلاث جوائز أوسكار، بما في ذلك أفضل مخرج لكيشلوفسكي، وأفضل تصوير سينمائي وأفضل سيناريو أصلي، وثلاث جوائز بافتا لأفضل مخرج وأفضل سيناريو أصلي وأفضل فيلم غير ناطق باللغة الإنجليزية، إضافة إلى ترشحه لجائزة أفضل فيلم بلغة أجنبية في جوائز الغولدن غلوب.
كما سيعرض المهرجان "فيلم قصير عن القتل" (1988)، الذي يتعرّض لتداخل مسارات شاب على وشك ممارسة المحاماة مع سائق سيارة أجرة وشاب طائش. وفاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم وجائزة فيبريسي في مهرجان كان السينمائي عام 1988، إضافة إلى جائزة الفيلم الأوروبي لأفضل فيلم.
وولد كيشلوفسكي عام 1941 في بولندا، وبدأ مسيرته مخرجا للأفلام الوثائقية. وفي العام 1979 حصل للمرة الأولى على اهتمام المجتمع السينمائي الدولي إثر صدور فيلمه الروائي الطويل "كاميرا بوف".
وفي العام 1988 بدأ كيشلوفسكي العمل على سلسلة أفلام تلفزيونية مكونة من عشر أجزاء "العشارية" بالتعاون مع مجموعة من المستأجرين في مشروع سكني في وارسو، كل جزء في السلسلة يتعرّض لواحدة من الوصايا العشر.
وفي وقت لاحق، حوّل جزأين من السلسلة التي حظيت بإشادة نقدية إلى أفلام روائية طويلة، وهما "فيلم قصير عن الحب" و"فيلم قصير عن القتل"، ولفتت تلك الأعمال أنظار المشهد السينمائي العالمي، والذي تصدّره في وقت لاحق مع طرح "الحياة المزدوجة لفيرونيك"، بينما تعتبر "ثلاثية الألوان" أكثر أعماله شهرة ونيلا للاحتفاء النقدي.