الجوائز الأدبية العربية ضرورة للكاتب والكتاب رغم الجدل

أمناء مجالس الجوائز العربية: الجوائز أنقذت حركة النشر وحفزت على الإبداع.
الأربعاء 2022/06/01
القيمة المالية ضرورية والجوائز ليست كلها موضوعية

يتعدى تأثير الجوائز الأدبية عموماً، والعربية منها بصفة خاصة، الجانب التحفيزي المرتبط بتشجيع المبدعين على مواصلة نتاجهم المتميز، واستثارة أصحاب المواهب والخيال الخصب والأقلام الملهمة والواعدة، إلى العديد من التأثيرات الأخرى المرتبطة بقطاعات عديدة، وعلى رأسها قطاع النشر. لكن الجوائز غالبا ما تثير الجدل والتساؤل حول سبل تطويرها وهو ما كان محور جلسة نقاشية هامة في أبوظبي.

إلى أي مدى تمكنت الجوائز الأدبية العربية من خلق تأثير إيجابي فعال على حركة النشر؟ وهل يمكن رد الطفرة الملموسة في مجال النشر إلى الأهمية المتعاظمة التي باتت تمثلها هذه الجوائز؟ وما تأثير الانتقادات السلبية التي توجه إليها من جانب بعض الكتاب والمثقفين؟ هذه التساؤلات وغيرها ناقشها عدد من أمناء الجوائز العربية ضمن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب.

بدأت الجلسة النقاشية التي أدارها الأكاديمي خليل الشيخ باستعراض طبيعة الجوائز في عدة دول عربية من جانب أمناء مجالسها الذين تداولوا أهم رهاناتها والتحديات التي أمامها وأهدافها القريبة والبعيدة، علاوة على سبل تطويرها.

دعم الكاتب والكتاب

أكد الأكاديمي علي بن تميم، الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، أنه قبيل 16 عاما حدث تحول كبير قد جرى في إمارة أبوظبي، آنذاك أريد لحركة الثقافة وتحديدا دور الكتاب أن يتطور ويتجدد ويحقق الكثير من الإنجازات في قطاع النشر وصناعة الكتب، فتم إبرام اتفاقية مع معرض فرانكفورت الدولي للكتاب لتطوير معرض أبوظبي الدولي للكتاب من خلال استحداث شركة سميت آنذاك “شركة كتاب”، ثم اجتمع الخبراء وقالوا إن لدينا معرضا كبيرا يضم العديد من الخبرات فماذا يمكن أن نفعل لكي نعزز ونجدد ونطور مكونات البحث والإبداع وصناعة الكتاب في العالم العربي بشكل عام، فتم إطلاق مشروع كلمة للترجمة بدعم سخي بهدف ترجمة مئة كتاب في كل عام وفي الوقت نفسه تم إطلاق مشاريع جديدة لدعم التأليف.

وأضاف “وفي الوقت نفسه تم إطلاق جائزة الشيخ زايد للكتاب، لذا أتت الجائزة ضمن منظومة متكاملة تتبع لدار الكتب، وهذه المنظومة تريد أن تحيي صناعة الكتاب من جوانب عدة أولها المعرض باعتباره الوسيلة الوحيدة لتوزيع الكتب عربيا، والترجمة وهي الوسيلة الأهم لمجابهة الضعف الشديد في حركة التأليف العربي، ثم الجائزة لتكرم المبدعين وتقدرهم، وقد وضعت لها تسعة فروع، لذا هي جائزة تقوم على التنوع في فروعها ولها نظام حوكمة حتى تسير على طريق صحيح”.

وبعد استعراض رؤساء مجالس أمناء الجوائز توجه خليل الشيخ للمشاركين بتساؤل: هل استطاعت الجوائز العربية أن تلقي حجرا في البركة الراكدة وأن تحرك المياه في الحركة الثقافية والإبداعية العربية؟

وهنا قال هشام عزمي “دعونا نتفق على أن فكرة الحافز والإثابة على مدى التاريخ ممتدة وراسخة في كل المناحي والمجالات لمزيد من التطوير والإبداع، بغض النظر عن عمل الإنسان أو حتى شكل الجائزة وقيمتها، أيضا مجال العمل في الثقافة عامة والأدب خاصة ليس استثناء، وبالتالي فإن وجود محفز وإثابة تتمثل في الجوائز العربية التي زاد عددها في السنوات الأخيرة زيادة كبيرة، وربما هذا ما أفرز الخلاف والنقاش حول مدى جدواها، لكنها أضحت حقيقة واقعة ولا نستطيع أن ننكر أن الجوائز العربية كما هي الآن أصبحت قوة محركة وأثرت في تغيير المشهد الإبداعي والثقافي، وأصبح لها دور مؤثر في مجموعها”.

وتابع “من أبرز الإيجابيات أن الفائزين بهذه الجوائز يحظون باهتمام ورعاية، وهنا لا أتحدث عن القيمة المادية لهذه الجائزة أو تلك، لأن هذه بالنسبة إلي ربما تأتي في آخر السلم، لكن الحقيقة أن الفائز وعمله يحظيان بالرعاية والاهتمام والتعريف ليس فقط في حدود الوطن بل على امتداد الوطن العربي كله، ومن جانب آخر يتم لفت النظر إلى أعمال الفائز الأخرى وتوسعة القاعد القرائية له وخلق تواصل معه من جانب المؤسسات الثقافية في الداخل والخارج، كل ذلك يؤثر إيجابيا على قطاع النشر وحركة التوزيع”.

وأكد عزمي أن ما يوجه من نقد ربما لا يوجه لمبدأ أو فكرة الحافز والإثابة بقدر ما يوجه لمدى الحياد والنزاهة والموضوعية التي تتمتع بها هذه الجائزة أو تلك.

وقال الكاتب والأكاديمي طالب الرفاعي “الحقيقة أن الحديث عن الجوائز إيجابياتها وسلبياتها هو حديث صحي من الناحية الثقافية، إنني أقول دوما إن الجائزة هي مشروع خير للكاتب والناشر وجمهور القراء والساحة الثقافية، في وسط عالم عربي مطحون اقتصاديا وماليا وعسكريا، يعني تضحية كبيرة وبطولة أن نجد كاتبا عربيا، تضحية كبيرة وبطولة أن نجد ناشرا عربيا، مجتمعاتنا العربية تعيش لحظة تاريخية مؤلمة؛ الحروب، الهجرة، الفقر والجوع”.

وتابع “أهم الدول العربية تعاني من نقص في الكهرباء والمياه والمدارس والجامعات، لذا في هذه الأجواء البائسة المؤلمة أن تنبري مجموعة أو منبر أو هيئة أو مؤسسة ما لإعطاء الكاتب جائزة، هذا شيء عظيم، خصوصا وأن الكاتب العربي يعاني من الويلات؛ سقف حريات متدن، تدفع حياتك لكتابة قصيدة، هناك دول عربية سقف الحريات فيها متدن للغاية، لذا أن يأتي مبدع ليكتب فهذه بطولة، هناك مجتمعات ليس فيها تفرغ، الكاتب يعمل سائق سيارة، أو موظفا بإحدى المؤسسات، ليس هناك كاتب متفرغ يستطيع أن يعيش من الكتابة إلا قلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، معظم الكتاب العرب موظفون يكدون ويتعبون ويتألمون لكي يعيلوا أسرهم، وإذا ما تيسر الوقت يذهبون للكتابة والقراءة”.

وأكد الرفاعي أن الكاتب العربي بطولة في حد ذاته، لذا فأن تأتي جائزة وتقدم دعما وعونا له فهذا شيء عظيم، وتابع “إذا كان الزميل هشام عزمي يرى أن القيمة المالية ليست بذات أهمية، فإنني أرى أنها مهمة جدا، الكتاب العرب كلهم فقراء، وبالتالي أي دعم مالي فهو دعم إنساني كريم، هناك من اشترى بقيمة الجائزة سيارة وهناك من اشترى بيتا وهناك من أعال أسرة، لذا أن تدعو كاتبا عربيا وتمنحه شهادة، فأنت لا تعطيه شيئا، القيمة المالية هي من يعين الكاتب العربي على الحياة، وهذا أقل شيء تقدمه الشعوب التي تملك بحبوحة من العيش. ومع ذلك حين تفضل الدكتور عبدالعزيز السبيل باقتراح منتدى الجوائز العربية فوجئنا أن جميع الدول العربية الفقيرة منها والغنية تمنح جوائز، وهذا يعني أنه على الرغم من كل الأوضاع المؤلمة هناك من ينتبه ويقدر قيمة الجائزة، لذا أنا مع الجائزة”.

التتويج ليس للأشخاص

الجائزة لمن يستحقها
الجائزة لمن يستحقها

أشار الرفاعي إلى أن “هناك إشكاليات، وشللية، ومحاباة، هناك أحيانا يأتي كاتب يأخذ جائزة لا يستحقها، هذا موجود، لكنه ليس موجودا فقط في العالم العربي، هذا موجود في كل العالم”، لذا شدد على أهمية الجائزة وأهمية دعم المبدع، وأنها ساهمت بشكل واضح في دعم قطاع النشر، وجميع أصحاب دور النشر يؤكدون أن العمل الذي يفوز بجائزة يحقق مبيعات كبيرة، إن الجائزة تنعكس إيجابيا بشكل واضح على سوق النشر العربي.

ورأى الكاتب علي خليفة، الأمين العام لجائزة عيسى لخدمة الإنسانية من البحرين، أن الجوائز ليست بدعة، مشيرا إلى أنه في فرنسا مثلا هناك أكثر من ألف جائزة ترعاها الدولة ومؤسسات أخرى، وهي عريقة في منح الجوائز وتطوير الأدوات خاصة أساليب التحكيم التي ترفع من قيمتها.

وأضاف “في تصوري أن الجوائز العربية تشكل رافدا جديدا خلال السنوات الأخيرة، يعلي من قيمة الإبداع ويعطي أهمية للنشر، لأن دور النشر في العالم العربي كانت تعاني على مدار فترات طويلة من كثير من الأمراض في مقدمتها الكساد، كذلك الكتاب كانوا يعانون الكثير من أجل نشر كتبهم، حتى أن بعضهم كانوا يستدينون من هنا وهناك لطباعة كتبهم، يعملون بأنفسهم في توزيعها، يحملونها أينما ذهبوا، وهذا قصور كبير في بلدان أعطاها الله الخير. في تصوري أن وجود الجوائز ضرورة وضرورة ملحة”.

ولفت خليفة إلى أهمية تطوير هذه الجوائز وخلق أدوات تحكيمية راقية، تبعد عن هذه الجوائز أي أنواع القصور أو النقد، كونها أداة رفعة للوطن نفسه، كما ترفع من قيمة الإبداع وخلق قراء جدد باستمرار.

الجوائز تلعب دورا كبيرا في التسويق كونها عرفت بشخصيات كثيرة ربما كانت موجودة لكن لا يعرفها الكثيرون

واعتبر الأكاديمي عبدالعزيز السبيل، أمين عام جائزة الملك فيصل العالمية، أن فكرة قيمة الجوائز وأهميتها قضية ما كان ينبغي أن تطرح، حيث يجمع المتابعون على أهميتها، مع اختلافات في وجهات النظر في تسيير بعضها، خصوصا عند بعض الأشخاص الذين يتوقعون أن يفوزوا فلا يفوزون، وبالتالي يحدث اللغط.

وأضاف “هذه من القضايا التي نناقشها في منتدى الجوائز العربية بشكل كبير، ودائما ما نطرحها وهي فكرة ثبات لجان الجوائز أو تغيرها، فاستمرار اللجنة لسنوات قد يرى البعض أنها تتجه نحو اتجاهات بعينها أو لأشخاص محددين، ولذلك نحن نسعى في منتدى الجوائز العربية لعدم ثبات لجانها دون أن نحدد عاما أو عامين أو ثلاثة أو أربعة، فلكل جائزة حريتها، ولكن الثبات يمكن أن يكون عاملا سلبيا في نظر بعض الجوائز”.

وتابع السبيل أن الجوائز تلعب دورا كبيرا في التسويق، كونها عرفت بشخصيات كثيرة ربما كانت موجودة لكن لا يعرفها الكثيرون، وقال “دعوني أشير إلى أستاذتي الجليلة سوزان ستيتكيفيتش، على مدى أربعين عاما وهي عاكفة في مكتبتها بجامعة أنديانا والآن في جامعة جورج تاون تبحث في الشعر العربي الكلاسيكي، وأخرجت العديد من الكتب، المتخصصون يعرفونها، لكن جمهور القراء لا يعرفها، ولذلك حين فازت قبل ثلاثة سنوات مع البروفيسور ياروسلاف ستيتكيفيتش بجائزة الشيخ زايد في فرع الشخصية الثقافية، وللجائزة الشكر والتقدير، فازت هذا العام بجائزة الملك فيصل العالمية لأن موضوع الجائزة كان عن الدراسات العربية النقدية باللغة الإنجليزية، ومن ثم أصبحت سوزان نجما في العالم العربي بين جمهور المهتمين بالأدب العربي”.

وتابع “هنا لا أتحدث عن الجانب المالي الذي ساعدها في أن تقيم أشهرا في مصر أو الأردن لكي تقوم بمزيد من البحث والدرس، ولكن عن حضورها كباحثة مرموقة بين جمهور القراء العرب. وانطلاقا من ذلك سعدت بالتعرف على بعض الفائزين بجائزة الشيخ زايد هذا العام وكتبهم. إننا نعتبر أنفسنا متابعين للنشر والنشاط الثقافي والفكري، ولكن قد تفاجأ بأن كتابا صدر في المغرب لا يعرف عنه سوى الجائزة، فوجود الجوائز مهم جدا حيث أصبحت تتجه إليها الأعمال الجيدة وبالتالي حتى لو اتجهت إليها أعمال رديئة لن يتم اختيار إلا الكتاب الجيد”.

وفي رأيه إن الجوائز تقدم لجمهور القراء كتبا ذات نفع عام وذات قيمة إبداعية أو ثقافية أو بحثية، وحين يعلن مثلا الدكتور طالب الرفاعي القائمة الطويلة لجائزة ملتقى القصة القصيرة ثم القائمة القصيرة، يتسابق كتاب القصة في البحث عن هذه المجموعات القصصية وكتابها، إن أمامنا الآلاف من القصص القصيرة لكن من يقيمها وكيف أعرف أنا كقارئ أو ككاتب مبتدئ القيم الجمالية لها، فأن تكون صدرت عن جهة أو فازت بجائزة، يصبح لدي نماذج في الرواية والقصة والفكر وغيرها، والناشرون يدركون ذلك أكثر منا حيث يسجلون على أغلفة الكتب: الكتاب الفائز بجائزة كذا أو جائزة كذا أو ضمن القائمة القصيرة لجائزة كذا، كجانب تسويقي وليس جانبا تسويقيا تجاريا فقط، ولكن تسويقيا معرفيا وعلميا.

ويشدد على أن التتويج بجائزة يلفت نظر القارئ الذي لا يتمكن من الحكم والتقييم أو يحتاج إلى قراءة خمسين كتابا حول علم الاجتماع ليكتشف أيها الأفضل، ولكن حين تأتيه الجائزة وتقول له إن هذا الكتاب في علم الاجتماع أو في مجال الرواية أو غيرها. هنا تتحدد بشكل كبير، في رأيه، قيم الجوائز، بالإضافة إلى أنها تشير إلى المنجز، متابعا “نحن لا نقدم أشخاصا، نحن نقدم علما وإبداعا. إن الجوائز العربية في معظمها تسير في أطر تنظيمية، قد نختلف على فوز فلان دون آخر، لكن في حقيقة الأمر تمثل حضورا ثريا في الثقافة العربية والعلوم بشكل عام”.

حجر في البركة الراكدة

Thumbnail

اتفق الكاتب أسعد عبدالرحمن، عضو مجلس الأمناء والرئيس التنفيذي لـ”مؤسسة فلسطين الدولية” مع طالب الرفاعي في بؤس الحال العربي بكل معانيه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. إلخ، وقال “إذا كانت هناك ضحايا وبطولات، فإنني أقف حزينا على ضحية كبرى هي اللغة العربية، حيث أنها في حالة تقهقر مفزع، وهذا يؤثر على حركة النشر والجوائز وعلى مجمل الحياة الثقافية، ذلك أن اللغة في النهاية وعاء ثقافي.

وأضاف “نحن نعلم أنه سواء في القطاع العام أو الخاص هناك مأساة بالنسبة إلى اللغة العربية وفي المدارس الخاصة هناك صعود للغات الأجنبية الأخرى، بحيث تنشأ أجيال في هذا القطر العربي أو ذاك في حالة اغتراب كامل مع لغته الأم، تتقن اللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو أي لغة أجنبية لكنها لا تتقن اللغة العربية، ناهيك عن القطاع العام الذي فيه أغلبية الطلبة، والمذبحة التي تتعرض لها اللغة العربية فيه، هذا يلقي بتداعيات خطيرة على كافة أشكال الثقافة”.

وتابع عبدالرحمن “هناك أيضا نقطة أخرى أود التأسيس عليها وردت في مداخلة الدكتور عبدالعزيز السبيل، وهي النجومية، وقد شهدت في جائزة الملك فيصل وهنا بأبوظبي، هؤلاء المخبوئين من المبدعين الذين لا نعرف عنهم شيئا، فأتت الجوائز لتكشف الغطاء عنهم ليصبحوا نجوما. وأريد الحديث عن جانب آخر من النجومية التي تعرضت بسبب الذاكرة الثقافية العربية – وهي للأسف الشديد ذاكرة قصيرة للخفوت – نحن في الجوائز الست التي تقدمها مؤسسة فلسطين الدولية ولا واحدة منها تتحدث عن مبدع حي، كلها تحمل أسماء مبدعين رحلوا عن عالمنا هذا، لكن رحليهم ورحيل إبداعهم نجم عن قصور الذاكرة بحيث أن الأجيال الجديدة لم تعد تعرف عنهم”.

الجوائز ليست كلها ناصعة البياض كما أنها ليست كلها سوداء، لكنها تظل مهمة

وواصل قوله “نقول غسان كنفاني أو سميرة عزام مثلا، تكاد مثل هذه الأسماء التي كانت نجوما تحلق في سماء الثقافة العربية أن تكون خبت وانطفأت حتى في ذاكرة الأجيال الجديدة، لكن الجوائز أعطت فائدة لم نكن نتوقعها حين كنا نسأل الفائز القادم من المغرب أو تونس أو العراق أو غيرها من الدول العربية: كيف عرفت وفزت بهذه الجائزة التي تحمل اسم إدوارد سعيد أو محمود درويش أو سميح القاسم مثلا، يقول: لفت نظري أن هناك مغريا ماديا، كما لفتني الاسم الذي تحمله الجائزة، وتساءلت من ذلك الذي تحمل الجائزة اسمه، لأبدأ في البحث والتنقيب والقراءة عنه، لأكتشف أنني كنت وجيلي غائبين تماما عن هؤلاء المبدعين الذين طواهم التراب وطوتهم الذاكرة”.

من هنا تشكل الجوائز، في رأي عبدالرحمن، قيمة مهمة حيث ألقت حجرا في البركة الراكدة، ونطمح إلى أن تلقي كومة من الحجارة حتى تتمكن حركة النشر والثقافة والإبداع والقراءة والحضور الجماهيري أن تشهد مزيدا من الازدهار، حيث أنه من الأسف الشديد أن تذهب إلى ندوات وأمسيات تجد فيها عدد المتحدثين مساويا لعدد الحضور من الجمهور.

وحول الاتهامات التي توجه للجوائز ولجانها، أكد عبدالرحمن أن ليس هناك ثوبا ثقافيا أو غير ثقافي ناصع البياض، لا بد من بقع سوداء تنال من هذه الجائزة أو تلك، وفي هذا الموضوع أو ذاك، لكن الطابع العام هو طابع نظيف وجدير أن يستمر.

وقال الدكتور علي بن تميم مؤكدا ما ذهب إليه أسعد عبدالرحمن إن الجوائز ليست كلها ناصعة البياض كما أنها ليست كلها سوداء، وأنه قد تصاب الجوائز ببعض البقع بشكل عام، لكنها – الجوائز – تظل مهمة.

وأضاف “نحن الآن لا نستطيع أن نعزز من فكرة المختار في الآداب العربية المعاصرة سواء كانت الإبداعية أو البحثية والدراسات، وأعتقد أن المؤشر هو وضوح نظام الحوكمة في كل جائزة، ولا ينبغي أن تكون هناك جائزة تمر عليها سنوات عديدة دون أن يطرح مجلس أمنائها سؤالا عن لجانها، إذ يجب أن تكون عمليات التحكيم واضحة، ولها مرجعيات ظاهرة للوصول إلى النتائج المرجوة من عملية الاختيار والفوز”.

12