الجزائر تقتنص فرص الاستثمار عبر القارة الأفريقية

تسعى الجزائر إلى الاستفادة من موقعها الأفريقي وجلب استثمارات وعوائد عبر المنطقة التجارية الحرة، حيث تراهن الحكومة على إزالة كافة العراقيل والقيام بإصلاحات جمركية وضريبية بهدف تحفيز الاقتصاد والخروج من كبوة الارتهان للنفط.
الجزائر - تكشف تصريحات المسؤولين الجزائريين أن الحكومة وجهت أنظارها بفاعلية نحو آفاق أشمل وأوسع لتنمية الاقتصاد وتنويع الإيرادات خارج الريع النفطي، وذلك عبر اقتناص فرص الاستثمار في منطقة التجارة الحرة قبل تفعيلها الرسمي.
وفي هذا السياق، أكد الوزير الأول عبدالعزيز جراد أن “منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية التي ستدخل حيز التنفيذ مطلع السنة القادمة، تشكل خيارا إستراتيجيا بالنسبة للجزائر”، داعيا الدول الأفريقية إلى الإسراع في تذليل الصعوبات من أجل التفعيل التام للمنطقة.
وفي كلمة ألقاها حول هذه المنطقة وأهميتها خلال مشاركته في الدورة الاستثنائية الـ13 لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي عبر تقنية التحاضر المرئي عن بعد، أكد جراد أن “الجزائر ترى في هذه المنطقة خيارا إستراتيجيا يستوجب تضافر الجهود للمضي به قدما، خدمة لأهداف التنمية في قارتنا وفي دولنا”.
وأضاف “هذه المنطقة ستدعم أهداف إحلال السلم والأمن وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بمدى التقدم في مسيرة التنمية الاقتصادية”.
واعتبر أن “التقدم المسجل في تفعيل هذه المنطقة، الذي سينطلق ابتداء من الأول من يناير من خلال الشروع في تبادل السلع والخدمات دون قيود بين الدول الأعضاء. ''
وتابع '' هذا بحثنا على بذل المزيد من الجهود لمواصلة العمل على تذليل الصعوبات والانتهاء من المسائل العالقة، والتي من شأنها التأثير على التفعيل التام لمنطقة التجارة الحرة”.
ومن بين المسائل العالقة، خص جراد بالذكر قواعد المنشأ وعروض التعريفة الجمركية لتجارة السلع وجداول الالتزامات المتعلقة بتجارة الخدمات.
وفي هذا الإطار، أكد استعداد الجزائر لمواكبة التوافق المسجل على مستوى مؤسسات التفاوض بشأن المسائل العالقة ذات الصلة بقواعد المنشأ.
وذكر بأن عملية إعداد عروض التعريفة الجمركية لتجارة السلع والخدمات وكذا العروض الأولية للقطاعات ذات الأولوية لتجارة الخدمات الجزائرية “هي الآن في مرحلتها الأخيرة”.
وعبرت الجزائر عن اهتمامها بأهمية التكامل الاقتصادي، من خلال استباقها على التوقيع على الاتفاق المؤسس لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية خلال الدورة الاستثنائية العاشرة لقمة رؤساء الدول والحكومات المنعقدة في مارس 2018، وشاركت منذ انطلاق المفاوضات في سنة 2016 بطريقة منتظمة وفعالة في كل اجتماعات المؤسسات التفاوضية، وعلى جميع المستويات. وأضاف جراد “هناك بعد هام لهذا المشروع من خلال التأسيس لوحدة عليا تعنى بتسيير ومتابعة هذا الملف الإستراتيجي”.

عبدالعزيز جراد: سنعمل على تذليل الصعوبات لتسهيل تفعيل المنطقة
وصادق البرلمان الجزائري مؤخرا على اتفاق تأسيس منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.
وشدد الوزير على الرؤية التي تبنتها الجزائر في إعطاء صبغة تكاملية واندماجية للبنى التحتية الوطنية والمشاريع المهيكلة الإقليمية، وفاء منها لبعدها الأفريقي وتتمة لالتزاماتها القارية وسياستها التضامنية مع البلدان الأفريقية.
وأكد أن هذه المشاريع ستستفيد منها لا محالة منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، كونها ستأتي بالإضافة اللوجستية اللازمة، لاسيما من خلال الطريق العابر للصحراء الذي يربط الجزائر بلاغوس في نيجيريا، وخط أنابيب الغاز بين الجزائر ونيجيريا، والمضاعف بخط الألياف البصرية، وكذا ميناء شرشال، كمركز للشحن البحري.
ومن المنتظر أن ترفع المنطقة التجارة البينية الأفريقية من 16 في المئة إلى 52 في المئة.
وتأتي تحركات البلد النفطي العضو في منظمة أوبك في إطار مساعيه لإيقاظ الدبلوماسية الاقتصادية والبدء في البحث عن منافذ تجارية جديدة تخرجه من دائرة الأزمات الاقتصادية جراء انهيار أسعار النفط بفعل جائحة كورونا والتي أثرت على الجزائريين في السنوات الأربع الأخيرة.
ويعكس التحول والاهتمام الإستراتيجي للجزائر نحو قارتها باعتبارها فضاءها الطبيعي، في الوقت الذي غزت فيه الصين وأوروبا بقوة أسواق أفريقيا، في خطوة اعتبرها خبراء متأخرة بالنظر للخطوات التي قامت بها جارتاها تونس والمغرب في العامين الماضيين.
وتشير معظم الدراسات الاقتصادية إلى أن أفريقيا ستكون في السنوات القادمة أهم الأسواق الواعدة في العالم.
ومن المنتظر أن تشكل هذه المنطقة الاقتصادية القارية سوقا تبلغ قيمتها حوالي 3 تريليون دولار دون أي رسوم أو قيود على الحدود مما سيفتح مجالات التبادل الحر بين الجانبين.
وتهدف منطقة التبادل الحرة الأفريقية القارية إلى تغطية سوق يصل إلى 1.2 مليار نسمة ومجموع ناتج محلي إجمالي يبلغ 2.5 مليار دولار.
وتسابق الجزائر الزمن لمواكبة الانفتاح المغربي والتونسي على السوق الأفريقية ومجاراة اقتحام الصين للمنافذ التجارية في القارة.
ويعتبر خبراء أن سياسة الاندماج القارية تتماشى مع أكبر قدر من الالتزام والفعالية في الحوار مع المتعاملين الاقتصاديين، وهذا ما يشكل المحرك الأساسي لبلوغ أهداف التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل.