الجزائر تعمق القطيعة مع المغرب بطرد نائب القنصل العام المغربي بوهران

عمقت الجزائر قطيعتها السياسية والدبلوماسية مع المغرب من خلال طرد نائب القنصل العام المغربي بمحافظة وهران غربي البلاد محمد السيفاني وقالت إنه ”شخص غير مرغوب فيه"، في وقت تحقق فيه الرباط نجاحات دبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي.
الرباط - قررت الجزائر، طرد نائب القنصل العام المغربي في وهران، محمد السيفاني، واعتبرته “شخصًا غير مرغوب فيه”، ما يمهّد للمزيد من التوتر في العلاقات بين البلدين.
وأفاد بلاغ لوزارة الخارجية الجزائرية، مساء الخميس، بأن خليد الشيحاني، المسير بالنيابة للقنصلية العامة للمملكة المغربية بالجزائر، استُدعي إلى مقر وزارة الشؤون الخارجية، حيث تم استقباله من طرف مختار أمين خليف المدير العام للتشريفات، وتم إبلاغه بقرار السلطات الجزائرية.
وحول أسباب هذا القرار، قالت الخارجية الجزائرية، إنها “تتعلق بقيام المعني بتصرفات مشبوهة تتنافى مع طبيعة ممارسة مهامه بالممثلية القنصلية المذكورة، بما يشكل خرقاً للقوانين الجزائرية سارية المفعول في هذا المجال، وكذلك للقوانين والأعراف الدولية ذات الصلة، خاصة اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية،” دون توضيح تلك التصرفات.
وأضافت أن خليف أبلغ الشيحاني أن “نائب القنصل العام المغربي بوهران محمد السيفاني شخصا غير مرغوب فيه، مع إلزامية مغادرة التراب الوطني في أجل أقصاه 48 ساعة.”
وأعلنت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب منذ 24 أغسطس 2021، بسبب ما قالت إنه تصرفات عدائية ومهددة لاستقرار البلاد.
وأكد محمد الطيار، الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، أن “قرار طرد نائب القنصل، يعكس المستوى الذي تعيشه الدبلوماسية الجزائرية من تخبط وتيه واسع، وهي اتهامات باطلة تعبر عن التخبط والإنكار المرضي، ويدخل في إطار مسلسل التصعيد المعتمد طيلة السنوات الماضية من طرف الجزائر منذ إعلانها قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية، ويعد كذلك رسالة مفادها أن المغرب هو المسؤول عن الوضعية التي تعيشها العلاقات الجزائرية الفرنسية.”
وتساءل في تصريح لـ”العرب”، “لماذا لم تعمد السلطات الجزائرية إلى طرد إطار تابع للمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي، يشغل منصب سكرتير أول على مستوى السفارة الفرنسية بالجزائر بعدما تم التأكيد كونه المتورط في عمليات التجسس، خلال شهر ديسمبر الماضي عندما قامت باستدعاء السفير الفرنسي لديها ستيفان روماتي، موجّهة له تحذيرات بشأن ما وصفته بمخططات عدائية بعد تورط مديرية الأمن الخارجي الفرنسية في حملة تجنيد إرهابيين سابقين في الجزائر بهدف زعزعة استقرار البلاد.”
وأكد محمد الطيار، أن “طرد نائب القنصل العام المغربي بوهران من طرف النظام العسكري الجزائري، مرتبط بقضية بوعلام صنصال الذي صرح كون الجزائر لم تكن موجودة وأن كل الغرب الجزائري أراض مغربية كانت تاريخيا تابعة للمغرب، وليس مستغربا أن يصدر قرار طرد نائب القنصل في نفس اليوم الذي تم فيه الحكم بخمس سنوات سجنا نافذة على صنصال.
ويأتي السلوك الجزائري ليعمق القطيعة السياسية والدبلوماسية مع المملكة المغربية منذ القرار الأحادي للجزائر بقطع علاقاتها مع الرباط، سنة 2021، وما تلاه من قرار النظام الجزائري بإغلاق الأجواء الجزائرية في وجه الطائرات المغربية، المدنية والعسكرية.
ونددت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، بقرار الجزائر طرد نائب القنصل المغربي، معتبرة أنه انتهاك للأعراف الدبلوماسية والاتفاقيات الدولية المنظمة للعلاقات القنصلية، مشيرة إلى أن ذلك سيزيد من تعميق الخلافات، بسبب السياسات العدائية المستمرة التي تنتهجها الجزائر تجاه المغرب، خصوصًا في ما يتعلق بطرد المغاربة، وإغلاق الحدود، ودعم جبهة البوليساريو، مؤكدة أن هذه الممارسات تشكل تهديدًا حقيقيًا للوحدة المغاربية والسلام الإقليمي.
النظام الجزائري يواصل سياساته العدائية ضد المغرب التي يوظف فيها كل الإمكانيات لإضعاف موقف الرباط وتصعيد التوتر معها بسبب الصحراء المغربية
وقالت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان في بلاغ توصلت “العرب” بنسخة منه، إن “هذا القرار يشكل خطأ دبلوماسيا جسيما، لن تقتصر تداعياته على العلاقات بين المغرب والجزائر فحسب، بل ستكون له تأثيرات عميقة على الاستقرار الإقليمي، وأن هذا الإجراء يأتي في سياق السياسات الجزائرية التي تعمّق الهوة بين الشعبين الشقيقين، وتؤكد النهج العدائي تجاه المملكة المغربية، وهو ما يتجسد في قرارات متزايدة العدوانية خلال السنوات الأخيرة.”
وتزامن قرار الخارجية الجزائرية ضد الدبلوماسي المغربي، مع إدانة الكاتب الجزائري – الفرنسي بوعلام صنصال من طرف محكمة الدار البيضاء للجنح في الجزائر، أول أمس الخميس، بالسجن على خلفية تصريحات له بأن “بعض المناطق من بلده الجزائر كانت مغربية في فترة من التاريخ” وأن فرنسا خلال الفترة الاستعمارية “ضمّت أطرافا من المغرب إلى التراب الجزائري”، مما أدى إلى توسيع الحدود البرية للجار الشرقي.
وفي سياق التدخل في الشؤون المغربية وسيادتها، نددت الجزائر بداية شهر مارس الجاري، بالمناورات العسكرية المغربية – الفرنسية المرتقبة بعد أشهر بالجنوب الشرقي للمملكة، واصفة إياها بأنها “بالغه الخطورة وتحمل دلالات استفزازية،” دون أن تعلن الرباط أي رد فعل على التصعيد المتعمد من طرف الجزائر التي دأبت منذ 2018 على إجراء مناورات عسكرية بالذخيرة الحية على التماس مباشرة مع الحدود مع المغرب.
ويواصل النظام الجزائري سياساته العدائية ضد المملكة المغربية التي يوظف فيها كل الإمكانيات لإضعاف موقف الرباط وتصعيد التوتر معها بسبب الصحراء المغربية، خصوصا داخل مؤسسات الأمم المتحدة، حيث انتقدت نائبة السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، ماجدة موتشو، الإثنين الماضي، أمام مجلس الأمن سياسة “الكيل بمكيالين الصارخة والانتقائية” التي اتبعها السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة بشأن توسيع مهام المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان.
وأدانت موتشو ما وصفته بـ”الاستغلال السياسي الانتقائي” الذي حاول السفير الجزائري ترويجَه في مناقشة عامة بمجلس الأمن حول تعزيز قدرات عمليات السلام الأممية، مؤكدة أن “حق تقرير المصير لا يجب أن يكون أداة سياسية تُوظف بشكل انتقائي” وأن القضية الأكثر استعجالا توجد بمخيمات تندوف في الجزائر حيث يتعرض السكان للقمع اليومي وحرمان من حقوقهم الأساسية، وأن الصحراء كانت ولا تزال جزءا لا يتجزأ من المغرب، فهي مغربية وستظل مغربية إلى الأبد.