الجزائر تخطط لإنشاء منطقة حرة للتبادل التجاري مع ليبيا

كشفت الجزائر عن خطط لإنشاء منطقة اقتصادية حرة على الحدود مع ليبيا، في تحرّك يأتي ضمن مساعي البلد النفطي إلى الانفتاح أكثر على الأسواق الأفريقية، وذلك في إطار الاستعدادات الحثيثة لبدء نشاط منطقة التجارة الحرة لأفريقيا، التي ستدخل حيّز التنفيذ في يوليو المقبل.
الجزائر - يترقّب الجزائريون الوعود، التي أطلقتها الحكومة الجديدة بقيادة عبدالعزيز جراد لإخراج البلاد من مستنقع أزماتها الاقتصادية المتراكمة، حيث كان آخرها الإعلان عن خطط لإنشاء منطقة اقتصادية حرة مع ليبيا.
وأعلن وزير التجارة كمال رزيق خلال افتتاح فعاليات منتدى الأعمال الجزائري الليبي بالجزائر العاصمة الثلاثاء، أن بلاده تتجه لإطلاق منطقة حرة للتبادل التجاري مع الجارة ليبيا عبر محافظتين حدوديتين.
وتأتي تحركات البلد النفطي العضو في منظمة أوبك في إطار مساعيه إلى إيقاظ الدبلوماسية الاقتصادية، وخاصة مع جيرانه العرب في المنطقة، والبدء في البحث عن منافذ تجارية تخرجه من دائرة المشاكل.
ويعكس تحوّل للجزائر نحو قارتها باعتبارها فضاءها الطبيعي، بينما غزت الصين وأوروبا بقوة أسواق أفريقيا، في خطوة اعتبرها خبراء متأخرة بالنظر إلى الخطوات التي قام بها الجاران المغرب وتونس في العامين الماضيين.
ولكن البعض يشكك في قدرة الجزائر على تحقيق طموحاتها في ظل النزاع المستمر في ليبيا، والذي قد يؤثر على عمليات التبادل التجاري.
ووفق رزيق، فإن المنطقة ستمتد عبر محافظتين حدوديتين مع ليبيا، هما اليزي ووادي سوف جنوب شرق البلاد، دون تقديم تفاصيل حول موعد إطلاقها.
وذكر أن المنطقة ستكون في سياق تكثيف ورفع مستويات وحجم التبادل التجاري بين الجزائر وليبيا. وقال “ندعو رجال الأعمال إلى الاستثمار والشراكة بقوة مع نظرائهم الليبيين”.
ويسعى المنتدى الذي انعقد ليوم واحد بمشاركة نحو 300 رجل أعمال من كلا البلدين وبتنظيم من الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، إلى خلق فضاء تواصل بين المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين ونظرائهم الليبيين، من أجل بحث إمكانيات الشراكة بين الطرفين وفرص الاستثمار.
وتأثر البلدان النفطيان كثيرا من تفجر الأزمات في دول بشمال أفريقيا، حيث أغلقت الحدود الجزائرية الليبية منذ سنوات بسبب الوضع الأمني المتردي في ليبيا عقب سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.
كما غادرت شركة سوناطراك الجزائرية النفطية الحكومية الأراضي الليبية، منذ عامين، وأوقفت عمليات تنقيب بعدة آبار نفطية في ليبيا بسبب وجود “قوة قاهرة” تتعلق بغياب الأمن.
واقتصر تواجد المنتجات الجزائرية في ليبيا على بعض الكميات المحدودة من الخضار الطازجة والفواكه، ومشتقات الحليب والألبان وبعض العصائر والمشروبات الغازية.
في المقابل، لا يوجد ما يؤشر على أن ليبيا استفادت من علاقاتها التجارية مع الجزائر في ظل تركيزها الكامل على قطاع الطاقة.
وتشهد الجزائر أزمة اقتصادية بفعل تراجع إيرادات النفط والغاز والتجاذبات السياسية، التي عاشتها البلاد والتي أججت احتجاجات شعبية، ورفعت في سقف المطالب الاجتماعية قبل إجراء أول انتخابات بعد الإطاحة بنظام عبدالعزيز بوتفليقة، وأفضت إلى فوز عبدالمجيد تبون بالرئاسة.
ويتزامن الإعلان عن فتح الجزائر لمنافذ تجارية مع ليبيا مع الضغوط، التي تمارسها أوساط الأعمال الجزائرية لمراجعة شراكات التبادل التجاري مع شركائها وخاصة الاتحاد الأوروبي.
وأكدت مديرة الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة وهيبة بهلول خلال تصريحات لإذاعة محلية أن مراجعة اتفاقات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومنطقة التبادل الحر الضرورية، ولم يتم التفاوض بشأنها بشكل جيد”.
ونسبت وكالة الأنباء الرسمية للمديرة قولها إنه “آن الأوان لمراجعة هذه الاتفاقات وفق ما أقرّته الحكومة الجديدة مؤخرا حيث لا يتعلق الأمر فقط باتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بل أيضا باتفاق المنطقة العربية للتبادل الحر”.
وأوضحت أن الجزائر سجّلت خسائر ضريبية قيمتها مليارا دولار في اتفاقيتها مع الاتحاد الأوربي، إضافة إلى خسائر أخرى والأضرار الجانبية التي يتعيّن إعادة النظر فيها.
وتشير تصريحات المسؤولين الجزائريين إلى خطط جدية في إجراء مراجعة شاملة للاتفاقات التجارية للبلد لتدارك الخسائر السابقة ووضع بنود اتفاقات جديدة على أسس الشفافية.
ويرى محللون أن السياسة الاقتصادية للجزائر بدأت تشهد تغيرا في قواعدها منذ تولّي تبون أعلى هرم في السلطة قبل أسابيع.
وكان تبون قد دعا الحكومة خلال مجلس الوزراء الأخير إلى “تقييم دقيق وموضوعي لآثار الاتفاقات التجارية المبرمة أو تلك التي هي في مرحلة التفاوض على الاقتصاد المحلي”.
وشدد على ضرورة أن تكون سياسة التجارة الخارجية على أساس آليات تشاور قطاعي مدعم أكثر.
ويبدو أن الجزائر بنت جدارا كنوع من القطيعة مع السياسات القديمة للحكومات السابقة في عهد بوتفليقة، حيث بدأت تظهر عدة تغييرات على المستوى الإداري والهيكلي لتسيير الاقتصاد، وقد تجلّى ذلك من خلال إحداث وزارات جديدة تسهر على مجالات الصناعة وإحداث وزارة خاصة بالحاضنات.