الجراحات الفاشلة للتجميل تشوه النجمات وتدفعهن إلى العزلة

مثلما ساهمت جراحة التجميل في فتح باب الشهرة أمام العديد من الفنانات ليصبحن نجمات، فقد أوصدت الباب في وجه العديد منهن واضطرتهن للاعتزال والعيش في عزلة وكآبة وحزن شديد، ذلك أن عمليات التجميل الفاشلة شوهتهن وقضت على مستقبلهن المهني، ما دفع بالبعض منهن إلى طلب تعويضات مادية.
أوتاوا – ترنو العديد من النجمات العربيات والغربيات، على حد السواء، إلى أن يكن الأفضل والأشهر وأن يحافظن على جمالهن مهما تقدمت بهن سنوات العمر، خصوصا أمام التطور المذهل الذي شهدته جراحة التجميل التي ساهمت إلى حد كبير في صناعة النجوم.
ومنذ ستينات القرن الماضي تتهافت النجمات على إجراء عمليات التجميل، ما بين شد الجلد وشفط الدهون ونفخ الشفاه وإصلاح معالم وجوههن، وذلك سعيا وراء الكمال.
إلا أنه قد تأتي النتيجة مخيبة لآمال البعض منهن، فيصبن بمكروه قد يصل في بعض الحالات حد الوفاة، أو تفشل الجراحة وتؤدي إلى بعض التشوّهات، فتتغير ملامحهن للأسوأ، حتّى يتمنّين لو لم يقمن بهذه العمليات على الإطلاق، فتتأثر مسيرتهن الفنية ويقررن الاعتزال نتيجة ما لحق بهن من تشوهات، أو قد يرفعن دعاوى قضائية مطالبات بالتعويض.
دعاوى قضائية
رفعـــت مؤخـــرا عارضة الأزياء السابقة ليندا إيفانجيليستا دعوى قضائية تطالب فيها بتعويض 50 مليون دولار بسبب جراحة تجميل قالت إنها “شوهتها بوحشية” وألقت بها في غياهب العزلة.
وقالت إيفانجيليستا، التي كانت من أهم عارضات الأزياء في التسعينات وتصدرت صورها أغلفة المجلات، في منشور على إنستغرام إنها خضعت لجراحة لشفط بعض الدهون قبل خمسة أعوام تقريبا.
وكتبت العارضة الكندية في المنشور قائلة “إلى متابعيني الذين يتعجبون لماذا لا أعمل بينما نظيراتي في المهنة يعشن حالة من النشاط والتألق أقول إن السبب هو أنني شُوهت بوحشية جراء جراحة لإزالة الدهون أدت إلى عكس المرجو منها”.
وأضافت أنها عانت من أثر جانبي نادر يسمى (تضخم الدهون المتناقض) بعد التدخل الجراحي، وهو ما يتسبب في تورم في المناطق التي خضعت للعلاج.
وتابعت “تضخم الدهون المتناقض لم يدمر مصدر رزقي فحسب، وإنما دفع بي إلى دائرة من الاكتئاب الشديد والحزن العميق وأقصى درجات كراهية الذات. وخلال هذه العملية أصبحت منعزلة”.
ورفعت إيفانجيليستا الدعوى الثلاثاء في محكمة نيويورك الاتحادية ضد زيلتيك بسبب الإهمال والإعلانات المضللة والادعاء بأن الشركة تقاعست عن تحذير الزبائن من الآثار الجانبية المحتملة.
وتقول الدعوى إن العارضة خضعت لجراحات عدة بين 2015 و2016 لتقليل الدهون في مناطق مختلفة من جسمها. ولم تحل الجراحات التصحيحية مشكلة تضخم الدهون المتناقض.
وتسعى للحصول على تعويض 50 مليون دولار بسبب دخلها الذي فقدته والأضرار النفسية التي لحقت بها، قائلة إنها توقفت عن عملها كعارضة منذ 2016.
وخضعت عارضة الأزياء البريطانية كاتي برايس البالغة من العمر 34 عاما لعمليات تجميل مختلفة، بما في ذلك تجميل الأنف وحقن الشفاه، وتعرضت لتشوه في وجهها بعد خضوعها لعملية شد وجهها وعينيها.
وكشفت إحدى الصحف أن الجراحين صدموا بوجود صديد في مناطق الجراحة وتلطخ الغرز الجراحية بالدماء، وذلك بعد إزالة الأربطة لمشاهدة نتائج الجراحة.
مثلها مثل باقي العمليات الجراحية، قد تفضي عمليات شفط الدهون إلى أضرار خطيرة، وعلى رأسها حدوث اصطباغ في الجلد قد يحتاج إلى أكثر من ستة أشهر للتخلص منه
أما الفنانة السورية مها المصري فقد بكت في أثناء حديثها عن تشوه وجهها وتغير ملامحها بسبب عمليات التجميل الفاشلة التي أجرتها قبل عدة سنوات، وأوضحت أنها كثيرا ما فكرت في الاعتزال.
وقالت المصري ردا على انتقادات الجمهور للتشوهات التي حدثت لوجهها بسبب عمليات التجميل “كنت أغضب وأقول لماذا لا يقدر الناس ما يمر به الأشخاص من تجارب سيئة… إنه أمر شخصي”، وتابعت بأنها كانت تتحسر بسبب حصر الجمهور لها في هذه العمليات الفاشلة، رغم أن هناك تاريخا وأعمالا فنية لسنوات طويلة لا يجب اختزالها في هذا الشأن الشخصي.
وأوضحت المصري في حوارها مع الإعلامية علا الفارس ببرنامج “مع أو ضد” أن ما مرت به كان تجربة مؤلمة للغاية وأرهقتها نفسيا، لكنها الآن تحب نفسها ومتقبلة شكلها، وقالت “أنا قوية جدا، ما حصل لي أمدني بالقوة.. هذه تجربة لن تتكرر”، ثم وجهت رسالة للجيل الجديد من الفنانات الشابات، مطالبة إياهن بعدم محاولة تغيير شكلهن أو إجراء عمليات تجميل، بل يجب أن يحببن أشكالهن باختلافها وتنوعها.
وربما على الصعيد العربي لا يوجد أشهر من واقعة الفنانة حورية فرغلي، ملكة جمال مصر السابقة، والتي لجأت لعمليات التجميل بعدما تعرّضت لكسر في الأنف، إلا أن العمليات التي أجرتها فشلت بشكل كبير وتسببت في اعوجاج الأنف بشكل غريب، ما شوّه ملامحها تماما.
ولا تختلف عنها الفنانة المصرية ميسرة التي كانت من الوجوه الموجودة دوما على الشاشة، حيث كانت تُسند لها الأدوار بشكل مستمر، لكن منذ 3 أعوام تقريبا بدأ يقل ظهورها، حتى عادت للظهور في بعض المناسبات لتتحدث عن مأساتها مع عمليات التجميل الفاشلة التي تعرضت لها في الوجه والأنف، وظهرت بملامح متغيرة تماما عن التي عرفها الجمهور، وتسببت عملية من بينها في إصابة أنفها وصاحب ذلك صعوبة في التنفس لتنفق ما يقرب من 400 ألف جنيه على العلاج، وأخرى أصابت وجهها وأسنانها بسبب ميكروب يُسبب الوفاة لولا أنها تداركت الأمر سريعا.
ومع ذلك، تصر الفنانات على المضي قدما في إجراء عمليات التجميل وقد يصل الأمر عند بعضهن حد الإدمان. وقد تصدرت عارضة الأزياء الأوكرانية أنستازيا بوكريشهوك عناوين الأخبار الدولية بسبب إدمانها الغريب على عمليات الحشو وجراحات التجميل. وحقنت الفتاة (31 عاما) وجهها بحمض الهيالورونيك، ويبدو أنها تهتم بصفة خاصة بحجم شفتيها وعظام وجنتيها، ورغم أنها حققت مظهرا غريبا في شكلها فإنها تقول إنها لن تتوقف عن حقن المزيد من الحشوات في وجهها.
وأكدت أنستازيا أنها تحقن نفسها باستخدام حشوات الهيالورونيك وفقا لتعليمات البرنامج التعليمي للطبيب عبر الإنترنت، لافتة إلى أنها تدرك المخاطر التي تتعرض لها، ولكنها تتأكد من استخدام المعدات المعقمة.
وكشفت أنستازيا أنها أنفقت نحو ألفي دولار على الحشوات التجميلية والجراحات حتى الآن، وهو على الأرجح أقل بكثير مما كانت ستنفقه في عيادة مهنية.
تكاليف باهظة
تعد عمليات التجميل وسيلة لتغيير كل شيء في الجسم مثل شفط الدهون وتكبير حجم الصدر أو تقليله أو تعديل الأنف، وما على الراغبات في إجرائها سوى الذهاب إلى عيادات الأطباء المختصين شرط القدرة على دفع التكاليف.
وتتصدر الولايات المتحدة قائمة الدول التي أجريت فيها مثل هذه العمليات، وكانت عمليات الصدر هي الأكثر انتشارا. وحسب ما كشف عنه آخر تقرير صادر عن المعهد الأميركي لعمليات التجميل تراجعت تكاليفها بمعدل 2.7 في المئة منذ عام 2015، مقابل عمليات شفط الدهون التي ارتفعت تكاليفها بمعدل 6.1 في المئة وللفترة ذاتها.
وفي العام الماضي خضعت نحو 290 ألف سيدة لعمليات تكبير الصدر. وفي هذه العملية يتم زرع كيس سواء من مادة السالايان أو السيليكون في ثديي المرأة التي تكون خاضعة لتخدير كامل. وتتكلف العملية في الولايات المتحدة بحدود 4 آلاف دولار أميركي.
كما تعد عمليات تكبير الصدر هي الأولى أيضا في أوروبا، ولا توجد أي مؤشرات على أن الفضيحة التي طالت شركة فرنسية في عام 2011 أنتجت حشوات سيليكون معيبة زرعت في ثدي الآلاف من النساء حول العالم، قد أثرت على هذا التوجه.
وحسب الجمعية الألمانية الطبية المختصة بعمليات التجميل، فإنه في عام 2011 تقلص عدد النساء الراغبات في زراعة حشوات التكبير إلى الثلث، وفي السنوات اللاحقة أبدت السيدات رغبة أكبر في تكبير الصدر بواسطة الدهون الذاتية.
وتأتي عمليات شفط الدهون خاصة تلك التي لا يمكن التخلص منها لا بالحمية ولا بواسطة التمارين الرياضية في المركز الثاني على قائمة عمليات التجميل. وفي هذه الحالة، يقوم الطبيب بحقن مادة سائلة في المنطقة المعنية، ثم يبدأ عملية شفط الخلايا الذهنية غير المرغوب فيها. ومثلها مثل باقي العمليات الجراحية، قد تفضي عمليات شفط الدهون إلى أضرار خطيرة، وعلى رأسها حدوث اصطباغ في الجلد قد يحتاج إلى أكثر من ستة أشهر للتخلص منه.
ولا يمكن في حالات نادرة التخلص من الاصطباغ إلا بعد الخضوع لمعالجة كيميائية وفيزيائية طويلة المدى.
وأفادت آخر الإحصائيات المقدمة من قبل الجمعية الدولية لجراحة التجميل أنه في عام 2016 سجلت المملكة السعودية 95 ألف عملية تجميل من أصل 12 مليون عملية من هذا النوع على مستوى العالم، وبذلك هي الأولى عربيا والثالثة عالميا من حيث عدد العمليات، وهو ما يفند الاعتقاد السائد في العالم العربي بأن لبنان قد يكون في الصدارة.
ويأتي ذلك في ظل تغيّر النظرة السائدة إلى عمليات التجميل في الدول العربية والتي عادة ما ينظر إليها على أنها محافظة.
ولم تعد عمليات التجميل مقبولة فحسب، بل أصبحت دليلا على ثراء الشخص وحالته المادية الميسورة.
وتنتشر عمليات التجميل في العالم العربي أكثر بين النساء مقارنة بالرجال، رغم أن الأرقام المسجلة عالميا تدل على ارتفاع متزايد لعدد العمليات التي أجريت على الرجال الباحثين بدورهم عن “الجمال”.
وتعد عمليات تصحيح الأنف الأكثر إقبالا بين الجنس الخشن بمعدل نحو 27 في المئة. ولعل أسطورة البوب الراحل مايكل جاكسون المثال الأكثر شهرة في هذا المجال. فقد غيّر وجهه ولون بشرته بشكل ملفت ولا أحد يعرف بالضبط عدد العمليات الجراحية التي خضع لها.
وتمثل أبرز أضرار عمليات التجميل الجسدية المحتملة في ظهور الكدمات ووهن العضلات وتهيج الجلد في منطقة الحقن، وذلك عند حقن الوجه أو أي منطقة في الجسم بالبوتوكس.
وانحراف الحاجز الأنفي وضيق المجاري الأنفية العليا والسفلى وإصابة القناة المسيلة للدموع وضعف حاسة الشم، جميعها مضاعفات محتملة تحدث بعد عمليات تجميل الأنف.
كما يمكن حدوث الجلطة الدهنية أثناء عملية شفط الدهون، وهي خلايا دهنية تسير مع الدم حتى تسد شرايين الرئتين وتؤدي إلى هبوط في ضغط المريض والشعور بضيق التنفس، وهذه من أضرار عمليات التجميل نادرة الحدوث، لكنها شديدة الخطورة.
أما النزيف الحاد في عمليات التجميل الكبيرة، وهذا قد يسبب الوفاة إذا لم يعالج المريض فورا، قد يتسبب في الإصابة بفقر الدم.
وقد تؤدي عمليات التجميل إلى حدوث الحساسية من أدوية التخدير، مثل مسكنات الألم، وبعض المواد المضادات الحيوية، مثل الأسبرين ومرخيات العضلات والأنسولين. وحدوث الذبحة القلبية بسبب ضغط الدم المرتفع أو تغيرات في نظام دقات القلب، وهذا قد يحدث إن كان الخاضع لعملية التجميل لديه مشكلات في القلب أو يعاني من السمنة الزائدة. وتلف الأعصاب أو قطعها خلال العملية وهي التي تؤدي في ما بعد إلى عدم القدرة على إظهار تعبيرات الوجه المختلفة.
أما أضرار عمليات التجميل النفسية والاجتماعية المحتملة فتتمثل في إنفاق الكثير من الأموال لأنه من المعروف أن هذه العمليات تكلفتها المادية عالية، وإدمان عمليات التجميل، مما يعني المواظبة عليها كل فترة وهو ما يشكل خطورة على الحياة، وانعزال الشخص عن المحيط مما قد يسبب له الحزن أوالاكتئاب وذلك كون عمليات التجميل تحتاج إلى وقت طويل للشفاء.
وتؤدي جراحة التجميل في بعض الأحيان إلى الموت، وهو ما حدث مع الممثلة المصرية سعاد نصر التي قررت في عام 2006 إجراء عملية شفط الدهون من البطن، ولكن أثناء الإجراءات التحضيرية للعملية تم تزويدها بجرعة زائدة من المخدّر أدت إلى دخولها في غيبوبة لمدة عام كامل وتوفيت مباشرة في عام 2007.