الجرائم القديمة ضد الإسبان تطارد قيادة بوليساريو

المعايير الدولية لتصنيف الحركات كتنظيمات إرهابية، تنطبق على ما اقترفته بوليساريو بحق المدنيين بشكل ممنهج.
الاثنين 2025/06/16
مطالب بتصنيف بوليساريو منظمة إرهابية

الرباط - دعت الجمعية الكنارية لضحايا الإرهاب في بلاغ لها الإدارة الأميركية إلى عدم تجاهل الماضي الدموي لجبهة بوليساريو الانفصالية، واعتبرت أن أي قرار لتصنيف بوليساريو منظمة إرهابية، يستثني الجرائم المرتكبة ضد المواطنين الإسبان سيكون منقوصا من الناحية الأخلاقية والتاريخية، ولن يكون فقط مسألة أمنية أو سياسية، بل يجب أن يُنظر إليه على أنه فعل عدالة عابرة للحدود.

 وتشير الجمعية الكنارية إلى أن إبراهيم غالي، الأمين العام الحالي لبوليساريو، شغل حينها منصب وزير الدفاع، وكان المسؤول المباشر عن هجمات دامية، أبرزها مجزرة سفينة “كروز ديل مار” عام 1978، التي أسفرت عن إعدام سبعة بحارة إسبان، واختطاف السفينة “مينسي دي أبونا” سنة 1980، والتي عُثر على ربانها دومينغو كينتانا مخنوقا وعلم بوليساريو ملفوف حول جسده.

وأوضحت الجمعية أن “العقد الأسود” الذي امتد من سبعينات إلى ثمانينات القرن الماضي، شهد نحو 300 هجوم دموي ارتكبتها جبهة بوليساريو ضد عمال منجم فوس بوكراع وصيادين من جزر الكناري والأندلس وغاليسيا والباسك، موثقة جميعها لدى الجمعية الإسبانية، لكن تم تجاهلها سياسيا وإعلاميا.

محمد الطيار: إسبانبا ترفض توجيه الاتهام إلى بوليساريو بشكل رسمي
محمد الطيار: إسبانبا ترفض توجيه الاتهام إلى بوليساريو بشكل رسمي

وتعتبر هجمات بوليساريو في سبتمبر 1985 على المدنيين في مياه الأطلسي الفاصلة بين المغرب وجزر الكناري، والمصالح الإسبانية، جزءا من القائمة الطويلة للهجمات التي شنتها ميليشيات الحركة الانفصالية.

 وأفادت الجمعية الكنارية لضحايا الإرهاب، التي تم إنشاؤها سنة 2006 في لاس بالماس، بأن 300 عائلة كنارية تضررت من هجمات بوليساريو ضد الصيادين في الأرخبيل.

وأكد محمد الطيار رئيس المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية أن “تحرك الجمعية الإسبانية يستدعي تفاعل الحكومة.”

وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن “الدولة الإسبانية اعترفت في آخر المطاف بأن مقتل الصيادين والمدنيين الكناريين هو عمل إرهابي، إلا أنها ترفض توجيه الاتهام إلى جبهة بوليساريو بشكل رسمي، كما لم يتقدم القضاء طيلة العقود الماضية بالتحقيق في هذه العملية، ولم يتم بعد أمام اللجنة السياسية والأمنية للاتحاد الأوروبي إدراج جبهة بوليساريو في قائمة المنظمات الإرهابية.”

ويرى الطيار أن “المعايير الدولية لتصنيف الحركات كتنظيمات إرهابية، تنطبق على ما اقترفته بوليساريو بحق المدنيين بشكل ممنهج”، داعيا إلى “إعادة فتح الملفات والمساءلة القانونية والإعلامية على المستويين الوطني والدولي، خاصة في هذا المنعطف الحاسم الذي تعرفه القضية الوطنية.”

ولفتت جمعية “أكافيت” إلى أن بوليساريو لا تزال تحافظ على خطاب العنف، حيث هدد أحد قادتها البارزين البشير مصطفى السيد، في يناير الماضي، الجارة موريتانيا بسبب تعاونها مع المغرب، كما دعا في تصريحات موثقة إلى تنفيذ عمليات تفجير في مدن السمارة والداخلة وبوجدور، قائلا “على كل مناضل أن يفجر ثلاث أو أربع عبوات كل ليلة.”

"العقد الأسود" الذي امتد من سبعينات إلى ثمانينات القرن الماضي، شهد نحو 300 هجوم دموي ارتكبتها جبهة بوليساريو

وكان البرلمان الأوروبي قد أدان بشكل صريح الهجمات التي نفذتها الجبهة الانفصالية على مدينة السمارة، حيث وصفها عضو البرلمان الأوروبي عن كتلة “الهوية والديمقراطية”، والوزير الفرنسي السابق تييري مارياني بأنها “عمل إرهابي”، وذلك بعدما أعلنت جبهة بوليساريو بنفسها مسؤوليتها عن هذه الهجمات من مقر الأمم المتحدة في نيويورك بعد أيام على وقوعها.

وأشارت الجمعية إلى دعوات الأوساط السياسية الأميركية إلى تصنيف جبهة بوليساريو منظمة إرهابية، حيث يعمل السيناتور جو ويلسون على الدفع بمشروع قانون يسعى لتصنيف بوليساريو منظمة إرهابية.

وأصدر معهد هادسون الأميركي، المتخصص في الأمن القومي، دراسة توثق علاقات الجبهة مع الحرس الثوري الإيراني، وتورطها في تهريب الأسلحة نحو الجماعات الجهادية في الساحل.

واستندت الجمعية الكنارية إلى ما كشفته صحيفة واشنطن بوست في أبريل الماضي حول مشاركة المئات من مقاتلي بوليساريو المدربين إيرانيا في الحرب السورية، وتعتبر أن هذا المعطى الحديث لا يجب أن ينسينا سجل الجرائم القديمة التي وقعت ضد الإسبان، والتي لم تُفتح بشأنها أي تحقيقات قضائية جادة حتى اليوم.

وعلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية داخل مخيمات تندوف جنوب الجزائر، طالبت منظمة “اليمامة البيضاء” مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، بإرسال بعثة أممية لتقصي الحقائق إلى المخيمات من أجل الكشف عن المقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي اقترفتها قيادة بوليساريو في حق المئات من الصحراويين، داعية إلى اعتقال إبراهيم غالي، وكل القيادات المتورطة في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومحاكمتها كمجرمي حرب.

وأكدت الجمعية الإسبانية أن تصنيف بوليساريو منظمة إرهابية لن يكون فقط مسألة أمنية أو سياسية، بل يجب أن يُنظر إليه على أنه فعل عدالة عابرة للحدود، يشكل إنصافا لضحايا لم تنصفهم بلادهم، واعترافا متأخرا بحقائق تم طمسها لعقود، مؤكدة أن على الإدارة الأميركية إدراج بوليساريو في قائمتها السوداء لا بسبب تحالفاتها الإقليمية فقط، بل بسبب جرائمها الإرهابية ضد مدنيين إسبان، سقطوا في مياه الأطلسي الباردة أو تحت صخور مناجم الصحراء، وظلوا في طيّ النسيان.

4